الحج هذا العام في بعلبك الهرمل لم يستطع أحدٌ إليه سبيلاً

كتب عيسى يحيى ،

يرجمُ اللبنانيون شياطين السياسة ومن أوصلوهم إلى ما نحن فيه في اليوم ألف مرّة، ويطوفون حول الأفران لتروية جوعهم، ويفوز في الحصول على الرغيف من استطاع اليه سبيلاً، فكيف بالسبيل إلى الحج هذا العام تحت نير الفقر وغلاء التكلفة؟

عبثاً يحاول البقاعيون الخروج من عنق زجاجة الهم المعيشي وضغوط الحياة التي تتحكم بها فوضى الأسعار والغلاء، يجاهدون في سبيل الحصول على أدنى متطلبات حياتهم من خبز وطعام وبعض الأساسيات، بعدما تخلوا عن الكثير الكثير من الكماليات والعادات التي اعتادوا ممارساتها واتباع طقوسها من أمور حياتية ودينية. فالنزهات باتت حكراً على فئة معينة، واللحوم والدجاج لا تدخل العديد من المنازل سوى في الشهر مرة، أما الخبز الذي بات يحتاج نهاراً كاملاً لتأمينه فحدّث ولا حرج، فكيف بالطقوس الدينية التي أمر الله تعالى بها اذا استطاع المؤمن تأمين المبلغ المحدد لها والذي أصابه هذا العام عدوى الدولار وغلاء التكلفة؟

لبى ضيوف الرحمن النداء وتوجهوا لأداء فريضة الحج هذا العام بعد إنقطاعٍ قسري بسبب جائحة «كورونا» ومنع السفر، وبدأ الحجيج بأداء مناسكهم من مختلف أصقاع الأرض والتي كان فيها كل موسمٍ للبنانيين والبقاعيين خصوصاً عددٌ لا بأس به، غير أن الأوضاع المادية هذا العام وغلاء التكلفة المحددة بالدولار حصراً منعت كل من تقدم بطلبه سابقاً أو كان يتوق لأداء الفريضة من الذهاب الى الديار المقدسة، حيث ذهبت الى الحج هذا العام قلّةٌ قليلة من أبناء بلدات وقرى محافظة بعلبك الهرمل، معطوفةً على تراجع نسبة شراء الأضاحي التي وصل سعر الأضحية منها الى أكثر من مئتين وخمسين دولاراً، وما بين الحج والتضحية من لا يستطيع شراء معمول العيد لأولاده.

بين 4500 و 6000$ وصلت تكلفة الحج هذا العام عن الفرد الواحد في بعلبك الهرمل، وهي تنقص او تزيد بحسب شركة السفريات والحملة، ما دفع باللبنانيين جميعاً في ظل أقسى أزمة اقتصادية ومالية الى الامتناع القسري عن الحج، وتشيرمصادر لـ»نداء الوطن» الى أن شركة السفريات حددت هذا العام مبلغ 4000$ تكلفة وهي تتضمن مصاريف الاقامة في الأوتيل ومنى وعرفة وتكاليف النقل، وأصحاب الحملات يضعون هامشاً للربح على السعر المحدد حسب كل حملة ليصل الى ألف دولار وأحياناً ألفين، مشيرة الى أن هذه التكلفة فرضت نفسها بعد أزمة «كورونا» والاجراءات التي إتخذت في المملكة العربية السعودية، فعلى سبيل المثال كانت الغرفة تستوعب خمسة أشخاص أما اليوم فيسمح لشخصين فقط. كذلك النقل فالباص الذي كان يُقل 65 شخصاً يسمح له اليوم بنقل 20 راكباً، وقِس ذلك على الخيمة وكل الخدمات التي تقدمها الشركات، مضيفة أن عدداً قليلاً جداً على صعيد لبنان ذهب لأداء الحج هذا العام، فالغلاء في التكلفة التي تدفع بالفريش دولار والأزمة المالية في لبنان حالا دون القيام بالركن الخامس من الإسلام، وفي وقت كانت التكلفة سابقاً ألفي دولار أي ثلاثة ملايين ليرة أصبحت اليوم تفوق المئة وعشرين مليوناً وهو رقم لا يستطيع أحد اليه سبيلاً، ويفضل من كان ينوي الذهاب للحج بأن يؤمن قوت عياله ويستعد للشتاء القادم.

وأضافت المصادر أن هيئة شؤون الحج اتخذت عدة إجراءات ساهمت في تراجع عدد الراغبين بالحج ومنها: تحديد الأعمار حيث كانت تستقبل الأعمار الكبيرة أما هذا العام وبسبب الازدحام فكانت الطلبات لمن هم دون عمر 58 وتم استثناء الكبار في السن، اضافةً الى تحديد الأعمار يتم اختيار الأشخاص عبر القرعة، فتحديد العمر والتكلفة ساهما في تقليل أعداد المؤدين للحج، وغالبية من كان يتقدم بأوراقه كبار السن.

وعلى المقلب الآخر يحمّل أصحاب العديد من الحملات الشركات السياحية المسؤولية في ارتفاع التكاليف هذا العام، فالزيادة عن كل حج لا تفوق الألف دولار في وقت انخفضت فيه بدلات السكن في المملكة العربية السعودية غير أن جشع الشركات وطمعها وحجتها بأزمة «كورونا» منع الكثيرين من الذهاب هذا العام.

#نداء الوطن

Exit mobile version