كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
تتواصل رحلة سقوط أبرياءٍ وضحايا على يد أفراد عصابات في مسلسل لم تنته فصوله بعد في بعلبك الهرمل رغم ما أنُجز وينجز من خطط أمنية وعمليات دهم، ويسرق السلاح المتفلت الآباء الذين إختاروا العيش الكريم والمتنقل بين الجرود لأجل عائلاتهم.لم يمض أسبوع على مقتل محمد عزالدين ابن الرابعة والخمسين عاماً في جرود عيون السيمان على يد مطلوبين وفارضي خوات حتى التحق به شقيقه عبدو ابن التاسعة والأربعين إثر إصابته بإطلاق نار نفذه المطلوبون خلال الهجوم على رعيان يتخذون من الجرود مأوى لهم خلال فصل الصيف لإطعام مواشيهم.وفي التفاصيل التي يرويها أحد أقرباء الضحايا لـ «نداء الوطن» أن الرجلين وكثيراً من أهالي عرسال وغيرهم وممن يعتمدون على المواشي كوسيلة عيش، يقصدون جرود العاقورة وعيون السيمان وغيرها لإطعام المواشي خلال فصل الصيف وذلك من خلال ضمان الأرض من الأهالي مقابل بدل مادي، على أن ينتقلوا خلال فصل الشتاء إلى المناطق السهلية الدافئة كمشاريع القاع، وأصبح هؤلاء شبه معروفين حيث إعتاد الكثير منهم على ضمان الأرض نفسها سنوياً، غير أن هذا العام كان مختلفاً وعاد بالفاجعة على أهل عرسال. وفي صبحية يوم الخميس وصل أحد المطلوبين من عائلة ز. ليأخذ كالمعتاد ما يريد من الذبائح أو الحليب من دون أن يدفع ثمنها، حيث يفرض المطلوبون الذين يصولون ويجولون في الجرود من دون رادع خوات على الرعيان ويستبيحون أرزاقهم متى يشاؤون ويأخذون منها ما يريدون، وعلى غير العادة امتنع محمد هذه المرة عن اعطائه ما يريد، فما كان منه إلا أن عاد بعد الظهر وبرفقته عدد من المسلحين وبدأوا باطلاق النار العشوائي وعدد من القنابل اليدوية حول مكان تواجد الرعيان، وما إن وصلوا الى محمد حتى أطلقوا النار عليه عن سابق إصرار وأصابوه في رأسه إصابةً مباشرة وسقط على الفور، وعند خروج شقيقه لمساعدته أطلقوا النار عليه أيضاً وأصيب بطلقات نارية نقل على أثرها الى مستشفى شتورا حيث فارق الحياة ليل الثلاثاء، وأمهلوا جميع الرعيان أياماً لمغادرة المنطقة وهو ما حدث بالفعل».في يوم عرفة، دفن المغدور محمد عزالدين، ليلتحق به شقيقه امس. وذكرت مصادر عرسالية لـ»نداء الوطن» أن المطلوب اليوم هو تحرك الدولة والأجهزة الأمنية والقبض على الفاعلين والإقتصاص منهم، وحماية الناس الذين يقطنون في الأطراف وفي الجرود ويعتمدون على الرعي كوسيلة عيش، فاليوم شهيدان من نفس العائلة وثمانية أولاد لعبدو عزالدين أصبحوا أيتاما، وكل الرعيان الذين كانوا يقطنون تلك المنطقة في جرود العاقورة وعيون السيمان أخلوا الأرض التي ضمنوها ودفعوا بدلها المادي بعد تهديد المطلوبين لهم وسط إستنكار أهالي المنطقة هناك للجريمة البشعة التي وقعت»، وشددت على وجوب وقف الخوات التي يحتمي أصحابها باسم العشائر والعائلات وبقوة السلاح.بدورها، اكدت مصادر أمنية أن البحث جار عن الفاعلين وسينالون عقابهم، وتعمل القوى الأمنية على ملاحقتهم، فالقانون سيأخذ مجراه وما بدأناه في بعلبك الهرمل منذ مدة وبأمر من قيادة الجيش سيستكمل، موضحةً أن موضوع ضمان الأرض من الرعيان مقابل بدل مادي موجود منذ فترة طويلة، ولكن الأمر فيه عدد من النقاط، فبعض المطلوبين يضعون أيديهم على اراضٍ مشاع تابعة للبلديات والدولة في الجرود ويقومون بتأجيرها للرعيان مقابل حماية منهم، فيما يقوم أهالي بعض القرى بتأجير أراضيهم كون الأرض مملوكة لهم، وما بين الإثنتين أراض عليها خلاف حدودي لا تزال قيد البحث يقوم البعض بتأجيرها وهو الأمر الذي سيبتّ به.