كتبت لوسي بارسخيان،
دخل لبنان في عتمة شاملة منذ بداية شهر تموز الجاري، فعادت شركة كهرباء زحلة الى فرض برنامج تقنين قاس في مدينة زحلة و16 قرية تقع ضمن نطاق خدمتها في مختلف أنحاء القضاء.البرنامج شبيه الى حد بعيد بما كان مطبقاً في صيف 2021، وإنما مع فارق شاسع في فاتورة الكهرباء التي إرتفعت كلفتها أضعافا على المواطنين، بحيث تخطت في معظم أنحاء البقاع المدخول الشهري لعائلات باتت تعيش في ظلام حتى في ساعات توفر الكهرباء.هذه الفواتير المرتفعة دفعت بعض الشبان للدعوة الى اعتصام في منطقة تعلبايا سعدنايل في الأسبوع الماضي، إلا أنه لم يخلف وقعاً مؤثراً على صعيد الرأي العام، خصوصاً أن الكل بات مدركاً أن فاتورة الكهرباء في زحلة مرتبطة بكلفة المازوت وسعر صرف الدولار، وتحليق كليهما سيؤدي الى استمرار التحليق بفواتير الكهرباء ما لم يلجأ المواطنون لتقنين ذاتي، لا يبدو حتى الآن أنه يسهم بتعديل ميزانيات البيوت التي تتآكلها بالأساس نفقات الحاجات اليومية الإعتيادية.ومع ذلك توجهت شركة كهرباء زحلة الى المواطنين ببيان، تدعوهم فيه الى بذل جهد أكبر للتقنين الذاتي، وذلك ليس فقط مراعاة لما تلمسه كما ذكرت من صعوبة في تسديد الفواتير وخصوصا من قبل ذوي الدخل المحدود الذين هم الحلقة الاضعف في الإقتصاد، وإنما ايضاً تخفيضاً لاستهلاك مادة المازوت من قبل الشركة. وكشف البيان أيضا أنه على رغم برنامج التقنين الذي لجأت إليه شركة كهرباء زحلة، فإن كمية إستهلاك معملها لإنتاج الطاقة تخطت حتى الآن الـ 85 بالمئة من كامل الطاقة التي توزع خلال الشهر، وهو ارتفاع يقترن بارتفاع كمية إستهلاك الطاقة خلال فصل الصيف، وزيادة ساعات التقنين من قبل مؤسسة كهرباء لبنان، ما شكل سابقة بالنسبة لكمية الإستهلاك لم تشهدها الشركة منذ سنوات، مما ينبئ بارتفاع إضافي في فواتير شهر تموز.وبيان شركة كهرباء زحلة الأخير يدق ناقوس الخطر مجددا من صعوبة الوضع الذي يتخبط به هذا القطاع الذي شكل نقطة تميز زحلة وعلامة مشرقة في واقع الكهرباء بلبنان عموماً. علما أن الكهرباء تحتل حالياً سلم أولويات الإهتمام بالنسبة لكافة الجهات المسؤولة في زحلة.وبعدما كان رئيس البلدية أسعد زغيب قد دعا نواب القضاء في أول لقاء لهم الى طاولة الحوار الإنمائي، لمتابعة تفاصيل العقد التشغيلي لشركة كهرباء زحلة الذي ينتهي بنهاية العام الجاري، تميز الإجتماع الثاني للنواب بلقاء مع مدير عام شركة كهرباء زحلة أسعد نكد، وقد شرح للنواب المشاكل التي تتخبط بها الشركة وعدم قدرة إدارتها الحالية على الإستمرار في الطاقة الشمسية من دون التوصل الى عقد طويل الأمد، تطالب بأن يكون لمدة عشر سنوات على الأقل، حتى يسمح لها بالإستثمار في مجال الطاقة البديلة بدلا من الإعتماد بشكل كلي على تشغيل المولدات بواسطة المازوت. ووصل الأمر بمدير عام الشركة الى التلويح بعدم الإستمرار بتولي المهمة ما لم يتم تعديل الواقع الحالي الذي لا يسمح بمشاريع مستدامة. علما أن شركة كهرباء زحلة تخوض حالياً تجربة أطلقها النائب ميشال ضاهر في بلدة الفرزل بتمويل من المكلفين وبالتعاون مع شركة كهرباء زحلة وبلدية الفرزل وتغطي 310 وحدات سكنية ثبت سعر كيلوواط الكهرباء الذي ستستفيد منه، ولن يتخطى الأربعمئة ليرة لمدة 30 سنة على الأقل.
وفي هذا الإطار أيضا، دعا أساقفة زحلة والبقاع خلال إجتماعهم الأخير الى حلّ الأمور المتعلقة بالمرحلة اللاحقة بعد انتهاء العقد التشغيلي لكهرباء زحلة مع الدولة اللبنانية، مشددين على ايجاد الحلول المناسبة لجهة الطاقة الشمسية او غيرها .ويتخوف الزحليون من الوقت الداهم الذي يدفع في كل مرة لتجديد ظرفي لعقد إدارة شركة كهرباء زحلة الحالية، مع ما يخلفه عدم الإستقرار الإستثماري في هذا القطاع من تداعيات على جيوبهم مباشرة، وينعكس خصوصا على مؤسسات القطاع السياحي والمتاجر والمصانع، التي على رغم إعراب بيان شركة كهرباء زحلة عن تفهمه ايضا لمطالبتها بزيادة ساعات التغذية، إلا أنه دعاها للإعتماد على مولدات خاصة أسوة بباقي المناطق. نصيحة لم يكن الزحليون يتوقعون تلقيها من شركة كهرباء زحلة تحديدا، التي لطالما تغنت بتميزها في تأمين الكهرباء 24 على 24 ساعة.
المصدر:نداء الوطن