كتبت لوسي بارسخيان،
بعد الضجة التي أثارها كلام دردشة صحافية منقول على لسان نائب «حزب الله» في زحلة رامي أبو حمدان في الأسبوع الماضي، والحملة التي شنت عليه في المدينة تحديداً، لما تضمنه من إنتقاص لدورها في محيطها، قصد ابو حمدان رأس الكنيسة الكاثوليكية في زحلة والبقاع بنهاية الأسبوع الماضي المطران إبرهيم إبرهيم، حيث اختار أن تكون إطلالته الإعلامية الأولى من كاتدرائية سيدة النجاة تحديداً، قاصداً بذلك كما قال أن يطل على المدينة من «بوابتها العريضة»، في محاولة لتصحيح الإنطباعات التي خلفها حول نوايا مبيتة تجاه زحلة التي عبر عن مراعاته لتوجس بلديات القضاء تجاهها، وخصوصاً لما نقله عن مسؤوليها من هواجس تجاه محاولة بلديتها الإستئثار بلقاءات نوابها مجتمعين، الى حد ترجمة تغيبه عن هذه اللقاءات المعقودة في قصر بلدية زحلة موقفاً متردداً تجاه الإعتراف بهذا الدور للمدينة.
لم يدع الصحافيون هذه المرة الى لقاء المطرانية، بل تم الاكتفاء بخبر عمّمه المكتب الإعلامي لأبرشية زحلة الكاثوليكية، وقد تضمّن رسائل انفتاح تجاه زحلة وأبرشيتها الكاثوليكية، حيث اعتبر أبو حمدان أنها تاريخياً الملتقى لكل مكونات الوطن بكل طوائفه وكل طبقاته الفقيرة والغنية، واعداً «أهلنا في كل قضاء زحلة وخاصة في مدينة زحلة انهم سيرون امامهم شخصاً آتياً لخدمتهم برموش العين».
الإطلالة كانت ضرورية لأبو حمدان ليعيد تصويب بوصلة الوعود التي حاول إطلاقها في اللقاء الاول، وقد استعادها في لقائه مع المطران إبرهيم، حينما دعا الجميع كما نفسه كما قال، «للتعالي عن كل ما هو ليس وطنياً ولا يصب في مصلحة الناس، وان نصب اهتماماتنا على معالجة الوضع الإقتصادي». داعياً الى «رفع مستوى المحبة والثقة بين كل مكونات الوطن ولنجعل همّنا الأول المصلحة الوطنية فوق كل الإعتبارات الطائفية والمذهبية والحزبية الضيقة والمناطقية، وان تكون مدينة زحلة بمركزيتها عروس لبنان وعروس الشرق، مدينة نفتخر بها ونكبر بأهلها الذين هم أهلي، وان نعطي نموذجاً صالحاً يعمم في ما بعد على كل المناطق اللبنانية» .
نظريا إذاً، جدد أبو حمدان الدعوة الى التلاقي، وقد كشف الكلام التصعيدي الذي أطلق في الأسبوع الماضي عن كونه بعيد المنال على المستوى السياسي، خصوصاً بعدما أظهرته بعض المواقف التي أطلقت، من شرخ عميق خلفته الإصطفافات المستمرة منذ إستشهاد الرئيس رفيق الحريري سنة 2005، وما رافقها من مواقف سياسية متشنجة بشتى مواعيد الإستحقاقات الدستورية.
غير أن استمرار تمدد التشنجات من باحات الصروح الى الشارع من شأنه الإبقاء على حالة من التوتر السياسي، وترى بعض الاوساط الزحلية أنها ليست في مصلحة مدينة زحلة وقضائها بما يشكلانه من خليط إجتماعي وسياسي، لا بل ترى أن استمرار هذا التشتت على مستوى تمثيل زحلة، سيحرم القضاء مجدداً من حقوق إنمائية، لو عرف النواب كيف يحصلونها في الدورات الماضية منفردين، لما عانى أهله ما يعانونه حالياً من نقص في شتى انواع الخدمات.
ومن هنا ربما تقرأ أهمية جواب راعي أبرشية زحلة الكاثوليكية على أبو حمدان بعد تصريحه الإعلامي. حيث قال المطران إبرهيم إن «العمل الفردي له اهميته ولكن في هذه الظروف الصعبة ارى ان نشر الثقة ضروري من باب العمل المشترك وخاصة العمل الإنمائي. الناس بحاجة ان ترى مجموعة إرادات طيبة التقت على خدمتها على كل الصعد. هذا ضروري لنجتاز معاً هذا النفق المظلم الذي نعيش فيه».
وفي كلام إبرهيم تحفيز لأبو حمدان أولاً، الذي كان أيضاً خلال لقائه التعارفي مع صحافيي زحلة قد تجنب الحديث عن تعاون على المستوى النيابي في إيصال الخدمات التي يرغب بإيصالها لأهالي القضاء «من خارج البيئة الشيعية». وبقيت فكرته لمد يد العون إلى أهل القضاء مرتبطة بتوصية الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله، كما قال حينها.
بينما في كلام المطران إبرهيم ما يحض على تكاتف نواب القضاء، بما يشكل دعماً للمبادرة التي اطلقتها بلدية زحلة ورئيسها أسعد زغيب. وهو دعم يبدو مطلوباً في المرحلة المقبلة، وخصوصا بعد المطبات التي تعرض لها اللقاء خلال الأيام الماضية، والتي أبرزت الحاجة الى بذل المزيد من المحاولات للتخلص من الأنانيات السياسية في البحث بقضايا الناس الحياتية، وخصوصا بالنسبة للمسائل المتعلقة بالكهرباء والمياه والخبز والقوت اليومي للمواطنين.
والتخلص من هذه الأنانيات يترجم وفقاً لأوساط زحلية، بدعوة جديدة توجه لنواب زحلة للتلاقي حول طاولة بلدية زحلة، وتكون العبرة في الإستجابة لها من قبل نواب القضاء جميعاً، بمن فيهم أبو حمدان، محمّلين بالنيات الصافية التي يعبر عنها كل منهم تجاه أهل القضاء أولاً، والتي يمكن وحدها أن تثبت المصداقية في حمل هموم الناس.
المصدر:نداء الوطن