كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
وسط المخاوف من شتاء قاس يلسع البقاعيين كما حدث العام المنصرم، ومع ارتفاع أسعار المازوت وفقدانه في معظم الأحيان، وفيما تفاوض الدولة اللبنانية على النفط والغاز في البحر وتنتظر بت الترسيم قبل أيلول، بدأ الإستعداد لفصل الشتاء باكراً هذا العام وتجهيز الحطب ليتمكن الناس من تقطيع هذا الفصل بأقل صقيعٍ ممكن.
على بُعد شهر من انهماك البقاعيين في التحضير لفصل الشتاء، حيث تتفرع احتياجاته بين المونة الشتوية التي يتم تحضيرها سنوياً وقد ساهمت العام الماضي في سَد جوع الكثيرين، والمدارس التي سترهق كاهلهم هذا العام مع ارتفاع الأقساط بشكلٍ كبير ودولارتها، وتأمين التدفئة على مدى خمسة أشهر يلف فيها البرد والثلج بلدات وقرى محافظة بعلبك الهرمل على امتدادها، يجهد الناس هنا لتأمين وسائل التدفئة، ان كان عبر تعبئة المازوت باكراً وهو أمرٌ بات مستحيلا بالنسبة لمعظمهم بسبب الغلاء الفاحش الذي وصل اليه سعر البرميل، أو عبر الحطب كلٌّ حسب ما هو متوفرٌ له.
أكثر من 5 براميل من المازوت تحتاج أي عائلة في بعلبك الهرمل لتمضية فصل الشتاء آخذةً في الاعتبار الإقتصاد والتخفيف من المصروف اليومي. فالأمر لم يعد كما في السابق، ومع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء وانعكاسه على مستلزماتنا الحياتية الضرورية منها وغير الضرورية، وصل سعر البرميل الواحد الى 230 دولاراً، ما معدله 1150 دولاراً تحتاجها العائلة ما يوازي 35 مليون ليرة لبنانية، وفي حين لا يزال الراتب الشهري على حاله، فقد بات يحتاج الموظف والعامل ومعظم الفئات الإجتماعية الى رواتبهم على مدى سنة ونصف لتأمين مازوت الشتاء، وعليه يبدأ البحث عن البدائل حيث تكون الوجهة دائماً الحطب، فسعره يبقى أقل من المازوت ولا يحتاج لكميات كبيرة ومبالغ مالية طائلة.
3 اطنان من الحطب تكفي لتمضية «الشتوية»، بهذه الكلمات يجيب أبو علي صاحب بيك آب متوقف على جانب الطريق الدولية محمّلاً بالحطب، ويقول لـ»نداء الوطن» ان الاقبال هذا العام على شرائه أكثر من السنة الماضية، «والناس على اختلاف وظائفهم وطبقاتهم يطلبون مني، وانا بدوري اوصل الحطب لهم الى المنزل، والأسعار تختلف حسب الصنف وإذا كان يابساً أو أخضر، ومعظم التجار يبيعون الحطب أخضر فهم يستفيدون بذلك أكثر». وأضاف «ان السنديان يحتل المرتبة الأولى ويصل سعر الطن منه الى سبعة ملايين ليرة لبنانية، ويأتي بعده الصنوبر والكينا من حيث السعر، أما اللوز الذي يحتل المرتبة الثانية من حيث الجودة بعد السنديان فغير متوفر»، مضيفاً أن هناك حركة نشطة من سوريا الى لبنان ينقل خلالها الحطب للبيع، وهو مقطوع من بساتين وأشجار استولى عليها النظام وحلفاؤه وقاموا بتقطيعها بعد تهجير أصحابها ونقلها الى لبنان للبيع.
بدوره، بدأ محمد، وهو عاملٌ لا يكفيه راتبه لتأمين حاجات المنزل الشهرية، إعداد العدة وتجهيز ما أمكن من الحطب، واوضح لـ»نداء الوطن» انه أمّن 3 اطنان من الحطب تكفي لقضاء الشتوية أفضل من المازوت، فأولاً نكون قد وفرنا نصف الثمن، وثانياً وبعد تجربة طويلة العام الماضي فإن دفء الحطب أفضل من المازوت وخصوصاً أن الصقيع في منطقتنا ينخر العظام، وبالامكان إستخدام مخلفات الأشجار بعد تشحيلها وهو الأمر الذي يساعد أيضاً في التخفيف من عبء التكلفة، حيث أقوم بالتعاون مع أولادي بجمع ما أمكن منها من البساتين المجاورة»، خاتماً بأن «الضغوطات كثيرة والمتطلبات الحياتية لا تجعلنا نأخذ نفساً للاستراحة، ونحن في سباقٍ مع الوقت لتأمين ما تيسر قبل فصل الشتاء».