كتب عيسى يحيى،
يطلُ شهر أيلول بعد أسبوعين، وتبدأ معه استحقاقات الدولة والمواطن معاً، ففي وقتٍ تزدحم الملفات التي تنتظر البت، من ملف الترسيم الى التشريع والإصلاحات المطلوبة والإنتخابات الرئاسية، ينشغل معظم اللبنانيين لا سيما البقاعيين في همّ المدارس والأقساط والمونة والتدفئة.تحت نير الأزمات المعيشية التي يعيشها المواطنون، وبين الخوف على مستقبل أولادهم من ضياع عامٍ دراسي أو تأمين متطلبات فصل الشتاء ومجمل الأمور الحياتية اليومية، يقع المواطن ضحية مستقبلٍ مجهول المعالم أقلّه خلال الأشهر المقبلة، فالدولة عاجزة عن اتخاذ أي قرارات من شأنها بث الطمأنينة في نفوس الشعب، وتتخبط في مطبات الإستحقاقات التي تنتظرها، والناس همها بات أكبر من قدرتها على تحمله، ولأن «كل مين همو على قدو» تغرد الدولة خارج حاجات المواطن وحقوقه وتتلهى بهمومها، ويبحث الأخير عن نافذة أمل يطل منها إلى ما يريد لمعالجة مشاكله ولو موقتاً.منذ بدء جائحة «كورونا» عام 2020 والإقفال القسري للمدارس في حينها بداية شهر شباط، والانتقال الى التعليم عن بعد وما اعترى تلك المرحلة من صعوبات أبرزها عدم توفر الامكانيات من انترنت وكهرباء وغيرها لمتابعة الدروس، وصولاً الى العام الماضي من غلاء المحروقات وعدم القدرة على التسجيل والالتحاق بالمدرسة، يبدو طالع هذا العام الدراسي هو الأصعب قياساً بالاعوام الدراسية الثلاثة السابقة. فالزيادات التي لحقت بالاقساط في مختلف المدارس الخاصة، وقد تضاعفت بالحد الأدنى ثلاث مرات، لا يمكن للكثيرين مجاراتها حيث تفوق قدرة الموظفين في القطاعين الرسمي والخاص، وأصحاب المهن الحرة ومن يعمل على مبدأ «أعطنا خبزنا كفاف يومنا»، ومعها بدأت الناس تضرب أخماسها بأسداسها وكيف يمكن لها أن تؤمن القسط المدرسي ورسوم التسجيل والكتب والقرطاسية وغيرها، وخصوصاً اذا كان للعائلة أكثر من ولد في المدرسة.باكراً فتحت المدارس الخاصة أبوابها ايذاناً منها ببدء التسجيل، بعدما أصدرت تعاميمها المتعلقة بزيادة الأقساط المدولر نصفها، وبعدما انتهت من احتفالات تخريج طلابها الناجحين في الشهادات الرسمية، وانتقل الأهل معها من مرحلة البهجة والفرحة بالنجاح إلى مرحلة التفكير والتدبير في تسيير أمورهم للعام الدراسي المقبل. ولأن الفرحة لا تكتمل بدأ العديد من الأهالي سحب إفادات أولادهم من المدارس الخاصة والتوجه نحو التعليم الرسمي الذي يبقى أقل كلفة وإن احتاج الى بدل نقل واجرة باص، وفيما يبرّر للمدارس الخاصة زياداتها التي كانت مقبولة في بعضها وجنونية في أخرى، لتتمكن من تأمين رواتب المعلمين التي بقيت زيادتها دون المقبول وتأمين الكلفة التشغيلية من تدفئة وغيرها، يحتار المواطن في أمره، فالتعليم أصبح حكراً على فئة معينة ولا يمكن للفقراء مجاراة الغلاء اللاحق بهم أسوة بكل القطاعات الانتاجية والحيوية.نحو المدارس الرسمية بدأ الأهالي بالتوجه لتسجيل أولادهم، فالكلفة هناك منخفضة رغم تكاليف النقل، حيث يحسب الناس حساب الكتب التي تتأمن في التعليم الرسمي من دون مقابل، كذلك الأقساط التي تكون شبه مجانية، ورغم ارتفاع كلفة النقل تبقى أفضل بكثير من القسط المدرسي في التعليم الخاص والتي لا يمكن أن تصل الى نصفه، وعليه ستشهد المدارس والثانويات الرسمية هذا العام ضغطاً كبيراً من حيث أعداد التلاميذ، فهل بإمكانها استقبال تلك الأعداد المرتفعة؟