خلل في الكشف وتأخّر في الدفع ونقمة لدى الناس

كتب عيسى يحيى،

وفق مبدأ «بحصة بتسند جرّة» تعاطت الدولة اللبنانية والمواطن معاً مع البطاقة التمويلية في عز الأزمة الإقتصادية، فالأولى عملت على إمتصاص النقمة في ظل غلاء الأسعار ورفع الدعم، والثاني جاءته كجزء عن تعويض تقصير الأولى.

تتراجع قدرة المواطن الشرائية يوماً بعد آخر في ظل فوضى إرتفاع سعر صرف الدولار ومن خلفه الأسعار، ويدخل في دوامة المجهول وتخبط الدولة العاجزة عن تأمين أبسط المقومات الحياتية الأساسية للمواطنين، وإن كانت فئة من اللبنانيين مرتاحةً لتقاضيها الرواتب بالدولار، فإن الأزمة زادت من الفروقات الطبقية بين الناس ووصلت معها مئات العائلات إلى قعر الفقر والحرمان.

ولأن الحلول في الدولة اللبنانية تأتي دائماً على قياس التركيبة اللبنانية وتكون ناقصة، جاءت البطاقة التمويلية كجزء من حل يساعد الناس في تخطي المصاعب والمشقات التي تزداد يوماً بعد آخر، وعلى أمل أن تمول من البنك الدولي لتشمل أكبر قدر ممكن من العائلات، فإنها لا تزال حتى اليوم ورغم دخولها حيز التنفيذ منذ بداية السنة تبحث لها الدولة عن ممول، ومع سريان مفعولها شملت حتى الآن أكثر من 61 ألف عائلة لبنانية على أن تشمل 180 ألفاً، غير أن أزمة تأمين السيولة وبالفريش دولار منعتها من الوصول إلى العدد المطلوب، لتبقى مئات العائلات تئن تحت خط الجوع وعدم تأمين ما تحتاجه من مأكل ومشرب والخوف من الأيام القادمة.

مع بداية السنة الحالية بدأت فرق من وزارة الشؤون الإجتماعية الكشف على العائلات التي قامت بتعبئة إستمارة البطاقة التمويلية عبر موقع الوزارة، وفيما أصبحت أوضاع معظم اللبنانيين متساوية، تقدمت آلاف العائلات بالطلبات وحتى من لا يحتاجها قام بتعبئة الطلب، وعليه بدأت موافقة الوزارة على الطلبات بعد اجراء الكشوفات، وبدأت التحويلات المالية تصل الى المواطنين المشمولين عبر رسائل نصية تصلهم، وفيما شاب الكشوفات في حينها عدة شوائب لجهة الاتصال عبر الهاتف من دون اجراء زيارات ميدانية للبعض، ودخول الوساطات كما العادة اللبنانية على خط القبول واستفادة من لا يحتاج، وصلت الفوضى التي تجتاح الوزارة الى التأخر في الدفع لعدد كبير من العائلات، حيث وصلتها رسالة لمرة واحدة فقط ذات مفعول رجعي لأربعة أشهر، وهي تنتظر حتى الآن الدفعات المتبقية للأشهر اللاحقة، وفيما وضعت الوزارة خطاً ساخناً للمراجعة يواجه كثيرون صعوبةً في ايصال شكاويهم واستفساراتهم وعدم الرد على الهاتف.

وضمن المشاكل التي سادت أروقة الوزارة، تداخلت البطاقة التمويلية مع بطاقة التغذية التي تعمل بها الوزارة منذ سنوات للأُسر الأكثر فقراً، حيث قبضت بعض العائلات من البطاقتين، لتعود الوزارة الى تصحيح الخلل، وبعد انقطاع دام لأشهر لجهة دفع الفريش دولار للمستفيدين، حيث يصل لكل فرد 20 دولاراً وعن العائلة 25 دولاراً، يسأل العديد من المستفيدين وغير المستفيدين عن الآلية التي تعتمدها الوزارة في قبول الطلبات وطريقة الدفع.

تشكو سميرة، أم لأربعة أولاد اضافةً الى زوجها عبر «نداء الوطن» عدم استفادتها من البطاقة التمويلية الى الآن رغم تقديمها الطلب الخاص عبر موقع الوزارة، وتشير الى أن زوجها عامل يومي وما يجنيه يكاد لا يؤمن الخبز، وكانت تأمل من البطاقة التي تؤمن لها 145$ شهرياً وفق حسابات الوزارة أن تسد لها العجز الذي تعيشه، وتشير الى أن العديد من جيرانها بدأوا الإستفادة منها بمن فيهم موظفون وعسكريون، ورغم تقديمها الطلب لم يتم الكشف عندها حتى الآن، واتصلت عبر الخط الساخن فكان الجواب بأنها ستكون ضمن الدفعة الثانية.

وفي المقابل يشير ح. ي. إلى أنه استفاد من البطاقة التمويلية لـ 4 أشهر ولم تصله رسالة ثانية للدفعات المستحقة، مقابل استفادة عائلات أخرى كانت قد وصلتها الرسالة في الوقت نفسه الذي وصلته، ويضيف أن وضعه لم يعد يحتمل واعتماده في جزء كبير على ما يصله من البطاقة، وبعد مراجعة الوزارة تشير المصادر الى أن التأخر حصل نتيجة إضرابات القطاع العام والمشاكل داخل الوزارة ومعايير الاستفادة والفئات المستهدفة، على أن تتم حلحلة المشكلة خلال الأسابيع القادمة.

المصدر: النداء

Exit mobile version