نائب “الحزب” في زحلة: حركة باتجاه بلديات القضاء

كتبت لوسي بارسخيان،

أثارت الحركة التي بدأها نائب «حزب الله» رامي أبو حمدان في زحلة في الأيام الماضية، إهتمام متابعي الشأن السياسي في زحلة وقضائها. فبعدما كان الأخير قد انقطع عن المشاركة في الإجتماعات واللقاءات النيابية حول طاولة بلدية زحلة تلبية لدعوة رئيسها الى ضرورة الاتّحاد حول الشأن الإنمائي، ظهر في قصرها البلدي يوم الخميس الماضي، في لقاء بعيد من الإعلام مع رئيس مجلسها البلدي أسعد زغيب.

وذكر أن اللقاء حمل كلاماً إيجابياً، لجهة التأكيد على دور زحلة في محيطها، وذلك بعد موجة سخط أثارها كلام مسرّب عن أبو حمدان خلال دردشة مع صحافيي المنطقة، حمّل خلاله بمواقف أصرّ في لقائه زغيب على التبرّؤ منها، وفقاً للمعلومات.

وكشف أبو حمدان عن الإهتمام الذي يوليه الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله لمنطقتين تحديداً، جبيل وزحلة، وتوصيته بالتجاوب التام مع ملاحقة مطالبهما الإنمائية، وهما الدائرتان اللتان يشكّل فيهما الصوت الشيعي ثقلاً أساسياً، من دون أن يكون له أكثر من مقعد نيابي في كلّ منهما، في وقت لا يبدو «حزب الله» ضامناً حلفاءه الإنتخابيين بدائرتيهما.

بحسب ما نقل عن زيارة أبو حمدان لبلدية زحلة، فإن توجّهه كان للمشاركة في اللقاءات التي يعقدها نواب زحلة شهرياً بالقصر البلدي، ولكنه تراجع عن الأمر بعدما قوبل بكلام قاسٍ من نواب «القوات اللبنانية»، معتبراً أنهم سارعوا للرد على مواقف مسرّبة عنه، من دون التأكد من دقّتها، وفقاً لتبريراته.

إلا أنّ مبادرته الفردية في المقابل تسترعي إهتماماً حول أهدافها الخفية، والتوجّس من الحساسيات التي يمكن أن تخلّفها. وفي هذا الإطار، لا تتوقّع مصادر متابعة أن يتأثر مجلس بلدية زحلة كثيراً بهذه الحساسيات، وهو مجلس بلدي حافظ لولاية كاملة على انصهار أعضائه الذين تتنوّع إنتماءاتهم الحزبية، حتى بعدما إنفرط عقد «أوعا خيك» الذي جمع «القوات» و»التيار الوطني الحر»، ليخرج المجلس من الإنتخابات النيابية الأخيرة من دون أضرار تقريباً.

لقاء أبو حمدان في قصر بلدية زحلة لم يتوسّع ليضمّ أعضاء من المجلس، بل اقتصر على رئيس البلدية الذي يصرّ على أنه «غير محسوب على أي من الأطراف السياسية في المدينة»، ما يعتبر نقطة قوة تساعده على مخاطبة كلّ نواب المدينة بموضوعية، وخصوصاً عندما دعاهم الى توحيد الجهد الإنمائي لضمان إنتزاع حقوق القضاء بالخدمات، علماً أن أبو حمدان لم يتواصل مع زغيب مباشرة بتحديد موعد للقائه، وإنما طلب موعداً عبر سكرتير مكتبه، وكان توافق بينهما على أهمية إبعاد السياسة عن البلديات والعمل يداً واحدة لإنماء المناطق.

ولكن إذا كانت زيارة نائب «حزب الله» لبلدية زحلة قد مرّت من دون إثارة الضجيج، فإنها لم تكن بهذا اليسر مع رئيس بلدية سعدنايل حسين الشوباصي، على رغم إبداء الأخير كما تؤكد المصادر الإستعداد للقاء أبو حمدان وإنما خارج أروقة البلدية.

وبحسب المعلومات فإن أبو حمدان وخلافاً لما فعله في زحلة، أراد دخول سعدنايل عبر وساطة من زميله النائب عن المقعد السني بلال الحشيمي، خصوصاً أن النائبين هما أبناء منطقة واحدة، وقد أبديا إنفتاحاً على التعاون الإنمائي منذ أن زار أبو حمدان الحشيمي لتهنئته بعد انتخابات سادها خطاب تصعيديّ بينهما، وردّ الحشيمي الزيارة بأخرى.

تقبّل الحشيمي الطلب برحابة صدر، كما تؤكد مصادره، واعتبره مكملاً للإنفتاح على التعاون في القضايا الإنمائية. وبحسب المصادر، فإن الشوباصي لم يرفض اللقاء مطلقاً، وإنما فضّل أن يعقد في دارة الحشيمي، الأمر الذي تحفّظ عليه الحشيمي لما يمكن أن يخلّفه من انطباعات سياسية بعيدة من الأهداف التي طلب لأجلها اللقاء.

يؤكد الحشيمي أن دوره إنتهى عند هذا الحدّ، واللقاء لم يتم حتى الآن، مستغرباً أن تحمل رسالته التي نقلها للشوباصي أكثر ممّا تحمل، خصوصاً أن نواب زحلة قرّروا التعاون في ما بينهم بالشق الإنمائي، هذا بالإضافة الى تعاونهم في مختلف اللجان النيابية التي جرت فيها تسويات لتجمع الأطراف السياسية.

إلا أن لقاء سعدنايل يكتسب بعداً آخر بحسب المصادر، خصوصاً أنه جاء بعد أيام من تدخل أبو حمدان لفضّ الإعتداء على منشآت شركة كهرباء زحلة من قبل أفراد من عشيرة ابو جبل في حي العمرية بمنطقة سعدنايل.

ويكشف أبو حمدان في دردشة معه أنه هو أيضاً تفاجأ من تجاوب المعترضين مع مساعيه على رغم التباين السياسي معهم، وقد اتفق على عقد لقاءات أخرى مع فاعلياتهم، وقد إلتقى جزءٌ منهم الحشيمي أيضاً، حيث أفضى التواصل عبره مع شركة كهرباء زحلة الى إسقاط الأخيرة حقّها بالإدّعاء على من إعتدوا على عمالها ومنشآتها كما كانت قد لوّحت في بيان لها.

إذاً، ماذا يريد النائب أبو حمدان من سياسة الإنفتاح؟ وإذا كان هذا الإنفتاح هو الهدف فعلاً، فلماذا لم يبدأ أولاً بالتواصل مع زملائه في البقاع الذين عقدوا أكثر من اجتماع؟

هذه التساؤلات تشكّل منطلقاً لهواجس البعض من حركة أبو حمدان، وينتظرون أن تكشف الأهداف غير المعلنة لـ»حزب الله» من خلالها، ويضعونها في إطار تطويع المجتمعات إنطلاقاً من حاجتها.

ومع ذلك يصرّ الحشيمي على تلقف المبادرة بإيجابية، ويؤكد أن الفصل ممكن بين الحاجات الإنمائية والمواقف السياسية، ويقول «في السياسة لا أحد يمكنه أن يطوع الآخر، ونحن خطنا واضح ونهائي، ونؤمن بثلاثية الجيش والشعب والوطن، ولا مساومة على الثوابت التي خضنا على أساسها الإنتخابات، أما في الإنماء فمستعدون للتعاون مع أي كان».

ويذكر الحشيمي «بأن هذا التواصل ليس محصوراً بقضاء زحلة، إنما جاءت التسويات في تشكيل اللجان النيابية لتكرّسه، وبرأيه، إن «حزب الله» مكوّن موجود في مجتمعنا، ولا يمكن أن نتجاهله، وعندما ينتخب النائب ينتخب لكل الناس وليس لطائفته، والناس كلهم أيا كانت طائفتهم يتشاركون هموم الكهرباء والمياه والطرقات وغيرها من الملفات الملحة».

ويبقى السؤال، إذا كان النواب قادرين حقاً على الإقتناع بهذه الحقيقة، فكيف سيتمكنون من إقناع ناخبيهم بذلك، بعدما شحنت النفوس الى أقصى الحدود خلال الإنتخابات النيابية الماضية، ليتمترس كل طرف من ناخبيهم بمواجهة الآخر؟

#نداء الوطن

Exit mobile version