كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن،
أبعد من الإرباك الذي وقع فيه زبائن فروع المصارف في منطقة البقاع، بدا اليوم الأول من إعادة فتح أبوابها بعد أسبوع من إضرابها، أكثر إرباكاً لموظفيها منه للزبائن. وذلك بعد أن وجد موظفون أنفسهم يؤدّون وظائف لم يتوقّعوها من ضمن مسيرتهم العملية، وقد ألزموا على ترك مكاتبهم والإنتقال للباحات الخارجية لمصارفهم، من أجل تسجيل المواعيد للزبائن وتنظيم دخولهم خلال ساعات العمل. فيما ترك جزء آخر من الموظفين بوضع مبهم، بعدما قررت إداراتهم عدم فتح أبوابها، وحتى بالنسبة إلى مصارف لا تملك في منطقة البقاع سوى فرع واحد.
ميدانياً أقفلت فروع المصارف بمعظمها أبوابها بمختلف أنحاء البقاع، لتتركّز الحركة المصرفية في اليوم الأول بعد فكّ إضرابها في مدينة زحلة، التي تضمّ التجمع الأكبر لمعظم فروع المصارف في المحافظة. بوقت أقفلت غالبية فروع تجمّعها الثاني أي شتورا، واقتصر حضور الموظفين فيها على إنجاز بعض المعاملات الإدارية.
من حجم الزحمة على أبواب المصارف في زحلة كان يمكن معرفة تلك التي إستأنفت معاملات زبائنها. وعلى أبواب تلك المصارف التي ضاقت منافذها للداخل، واعترضها وجود رجال الأمن، توزّعت الحشود بين مجموعتين، الأولى هي من موظفي القطاع العام والعسكريين تحديداً، الذين تكاثروا مجدّداً على الصرّافات الآلية (الـATM) للإستفادة من المساعدات الإجتماعية التي تأخروا في قبضها كما قالوا. فيما المجموعة الثانية هي للزبائن ممن أودعوا المصارف مبالغ مالية بالليرة اللبنانية قبل الإضراب، وكانوا يتوقّعون تحصيلها بالدولار على سعر منصة صيرفة. وبدت أولوية المصارف في تنظيم دخول هؤلاء أولاً الى المصارف، بانتظار أن تنتظم أمورهم مجدداً من خلال المواعيد المسبقة التي طلب من الزبائن الإستحصال عليها، بعد تعميم أرقام الهاتف التي يمكنهم التواصل عليها على أبواب المصارف الخارجية.
إلا أن جزءاً آخر من المصارف قرّر ألّا يستقبل الزبائن إطلاقاً من دون موعد مسبق، وبالتالي إقتصر حضور الموظفين فيها على إتمام المعاملات الإدارية، وعلى استقبال إتصالات العملاء لتسجيل المواعيد، فبدت الحركة على أبوابها محدودة جداً، بعد أن توارى الموظفون خلف أبواب من الحديد والقضبان التي جهزت بها المصارف بمعظمها منذ بداية مواجهتها مع المودعين.
وفي كل الحالات بدا أن عملاء المصارف وزبائنها قد تفهموا تلقائياً الإجراءات المستجدة، وذلك كوجه آخر من وجوه الطوعية التي يبديها معظم المتعاملين مع المصارف، والذين وإن ظهرت بينهم حالات ثورية، أصبحوا مدجّنين على قبول كل القرارات المتعلّقة بمصير ودائعهم ومعاملاتهم، وحتى على قبول فرض هذه الإجراءات كعقاب على تجرّؤ سواهم في المطالبة بحقوقهم، وكأنّ المواطنين في هذه المنطقة كما الكثيرين غيرهم، قد فقدوا الأمل باستعادة هذه الحقوق من دون القيود التي فرضها عليهم الأمر الواقع.