أسماء بعض المديرين تتقدّم على أسماء مدارسهم

كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن،

إنطلق أمس العام الدراسي في قطاع التعليم الرسمي، محمّلاً بهواجس الأهل ومخاوفهم من عدم قدرة أولادهم على متابعة سنتهم التعليمية بشكل طبيعي، في ظل ظروف إقتصادية صعبة تزيد العبء على إدارات المدارس، فتدفعها لتدوير الزوايا من أجل إيجاد الحلول لكلّ المشاكل التي ستعترضها في تأمين مستلزماتها التشغيلية، مع التفهم لمتطلبات أساتذتها الذين يعيشون مع أهالي تلاميذهم أوضاعاً إقتصادية صعبة جداً، قد لا تسمح لبعضهم حتى بالوصول الى المدارس، ما لم تسدّد الدولة مستحقّاتهم التي أقرّتها، وخصوصاً بالنسبة لتأمين بدلات النقل والإضافات المرصودة لها.

في جولة على مدارس زحلة وبعض البقاع، يمكن تلمّس الإصرار الذي يبديه معظم القيّمين على إداراتها في تذليل كلّ العقبات التي يمكن أن تعترضهم خلال العام. والمسألة لن تكون سهلة بالنسبة لهم، وخصوصاً في ظل فراغ معظم صناديق الأهل من رساميلها، فيما صناديق المدارس مقيّدة بسقوف السحب التي حدّدتها المصارف، ويسعى كل من المديرين للإلتفاف حولها بطريقته، أقله لتأمين النفقات التشغيلية الملحّة للمدرسة، سواء أكانت مرتبطة بأمور النظافة، أم التدفئة أم حتى القرطاسية. علماً أنه إذا كان همّ تأمين المازوت للتدفئة مؤجلاً الى حين بداية موسم الشتاء، فإن بعض إدارات المدارس سعى لتأمين قرطاسيته بطرقه الخاصة، وأحياناً من خلال طرق أبواب البلديات أو حتى الجمعيات الخيرية لتأمين المستلزمات الضرورية.

وفي اليوم الأول لانطلاق العام الدراسي، بدا لافتاً أن حركة النزوح من وإلى المدرسة الرسمية بقيت محدودة جداً بقاعاً، وارتبطت أسبابها بمعظمها بكلفة النقل الباهظة، وقد جعلت البعض يبحث لأولاده عن مدارس قريبة من أماكن سكنهم، وهو ما أبقى أعداد التلاميذ في كل مدرسة مستقرة، خصوصاً أنه مقابل كل حركة نزوح كانت هناك أعداد تلاميذ موازية إنتقلت الى هذه المدارس.

كما أن هجرة تلاميذ المدارس الخاصة الى الرسمية بقيت محدودة جداً، واقتصرت على بضع عائلات وقعت تحت عجز تأمين أقساط مدارس أولادها مع كلفة إنتقالهم. فتوجّه هؤلاء الى المدرسة الرسمية واختاروا من بينها التي تتمتع بسمعة جيدة، وخصوصاً من حيث معدلات النجاح في الشهادة الرسمية، ولو بكلفة انتقال مرتفعة إليها. وهذه ظاهرة تكرّرت في مدارس قرى قضاء زحلة، في مقابل هجرة معاكسة لتلاميذ مدينة زحلة من مدارسهم الرسمية الى الخاصة، وقد اختاروا من بينها المجانية أم شبه المجانية، خوفاً من تعثر القطاع الرسمي في متابعة العام الدراسي بالشكل اللازم.

أما في ما يتعلق بتطبيق التعاميم والقرارات التي تسلّمتها إدارات المدارس، فيبدو أنها ستطبّق بتفاوت بين المدارس كلّ منها وفقاً لظروفها. ففي حين عمل بعضها على تجزئة دخول تلاميذه تدريجياً تحاشياً للضغط الذي سيتسبب به دخولهم دفعة واحدة، باشر البعض الآخر بالعام الدراسي دفعة واحدة مستفيداً من حسن إدارته الأزمة منذ العام الماضي. بالمقابل، سادت البلبلة في ما يتعلق بتحديد ثلاثة أيام من الدوام للأساتذة مقابل تأمين 21 ساعة تدريس أسبوعياً، وهو التدبير الذي سمح به رسمياً للتخفيض من كلفة انتقال الأساتذة الى مدارسهم، علماً أن الأساتذة لم يتلقوا بدلات النقل منذ شهر شباط الماضي، فقررت مدارس بالإتفاق مع أساتذتها ألّا تطبقه، وخصوصاً تلك التي تعاني نقصاً في مدرّسي ساعات الرياضة أو الفن أو غيرها، فيما عمدت مدارس أخرى لجدولة ساعات أساتذتها بالتكامل بين مدرّسيها الثابتين وزملائهم المتعاقدين لتكيف برامجها مع ظروفهم والساعات التي يمكن أن يوفّروها للمدرسة.

مجمل هذا الواقع وضع مديري المدارس تحت ضغط كبير، وسط إصرار لافت لديهم على تأمين إنطلاقة ناجحة للعام الدراسي، مع سعي لمتابعة العمل بشكل منتظم، حتى لو اضطرهم ذلك للسير بين الحروف وتطويع القوانين لتتناسب مع متطلبات المرحلة كما يقولون. وهذا ما يترك إنطباعاً بأن نجاح مدارس رسمية معينة في الاستمرار والصمود سيبقى مرتبطاً بجهود إداراتها، التي تجعل أسماء بعض مديريها حالياً تتقدم على أسماء مدارسهم أحياناً وخصوصاً بسبب التفاني الذي يظهره بعض مديري المدارس في الحفاظ على مستوياتها التعليمية بأي شكل من الأشكال، حتى لو إضطر ذلك بعضهم للمحاربة من أجلها، عبر طلب مساعدات وتدخلات، هم عادة يتجنبون طلبها كخدمات شخصية، كما يؤكدون.

Exit mobile version