تكلفة الإنتاج تهدّد بفوضى التسعير

كتبت ريبكا سمعان في “الأخبار”: 

يخشى الكورانيون بأن تنزل منطقتهم عن عرش الزيتون اللبناني بسبب ارتفاع كلفة قطافه وإنتاج زيته. فقد تحوّلت أجور العمال إلى بورصة ترتفع يومياً مع ارتفاع حاجة أصحاب الحقول إليهم، فيما ارتبطت كلفة العصر والكبس بالدولار… ربطاً بأسعار المازوت.

عدد محدود من مزارعي الزيتون افتتح موسم القطاف. هم ممن اضطروا إلى تحمّل الأجور الباهظة لـ«يومية» العامل. في المقابل، تريّث كثر في القطاف على أمل توحيد التسعيرة التزاماً بالأجر الذي حدّده تجمّع الهيئات الممثلة لقطاع الزيتون في لبنان الشمالي، والذي بلغ الأجر 170 ألف ليرة لبنانية للعامل و130 ألفاً للعاملة، لغير المقيمين لدى أصحاب العمل، فيما ينقص منه 30 ألف ليرة للمقيمين. لكن أحداً لم يلتزم بهذه التسعيرة. من جهتها، حاولت بعض البلديات في القضاء تحديد تسعيرة خاصة للعمال ضمن نطاقها العقاري، كما فعل رئيس بلدية بتعبورة طوني المقدسي الذي حدّد أجر يومية العامل بـ 200 ألف ليرة والعاملة بـ 175 ألف ليرة «بعد مشاورات مع المالكين وأصحاب الأراضي و اتحاد بلديات الكورة».

لكن المقدسي يلفت إلى أزمة ثانية وهي سرقة مواسم الزيتون قبل قطافها «ولا يمكن ضبطها»، رغم أنّه اتخذ إجراءات للحدّ من السرقات مثل استحداث سواتر ترابية تُقفل بها الطرق المؤدية إلى الحقول، ومنع التجوال في ساعات متأخرة من الليل.

كلفة القطاف لا تقل عن كلفة العصر والكبس. بعض المعاصر فرضت تسعيرة بالدولار الطازج. يوضح أحد أصحاب المعاصر غسان كنعان بأن ارتفاع الأسعار ارتبط بارتفاع كلفة التشغيل ــ أسعار المازوت لتشغيل الآلات…ــ «بحيث يخيّر الزبون غير القادر على دفع الكلفة، بأن يقايضنا بتنكة زيت من حصته. على كل رطلين من الزيت يدفع الزبون التكلفة بالعملة النقدية وتنكة من الزيت». يلفت كنعان إلى أن التسعيرة «لم تختلف عن الماضي إذا ما احتسبناها بالدولار. لكن الفارق هذا العام بأن سعر صرف الدولار ارتفع كثيراً مقابل الليرة».

تبريرات أصحاب المعاصر والعمال لا يتفهمّها جميع أصحاب الأراضي. يناشد ألبير سمعان التعاونيات والجمعيات الزراعية ووزارة الزراعة «النظر إلى أحوال المزارعين وأصحاب الأراضي وتأمين الفرّاطات الكهربائية والمعدّات لمساعدتهم في الإسراع في قطاف الموسم والاستغناء عن اليد العاملة. إضافة إلى تأمين الأسمدة». لكن سمعان نفسه رفع من سعر تنكة الزيت عن العام الماضي. وبرّر الزيادة بدوره بارتفاع التكاليف، من قطاف وعصر وتجهيز الأرض والعناية بالشجر. ويتخوّف من عدم قدرة الكثير من التجار والمزارعين على تصريف المحصول بسبب ارتفاع الأسعار التي لم توحّد لافتاً إلى وجود فوضى في السوق.

«بعض كبار التجار يخلطون زيت الزيتون المتبقي من الموسم الماضي بزيت مستورد من الدول المجاورة لبيعه بسعر أقلّ، أو خلط الزيت القديم بالجديد. الناس تبحث عن الزيت الأرخص وليس الأجود كما في السابق».

فمن يضبط الفوضى والكلّ يسعّر «على ذوقه»؟ مدير الثروة النباتية في وزارة الزراعة محمد أبو زيد لفت إلى أن الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار وخفض ميزانيات الوزارات، كلّها عوامل أدّت إلى تراجع إمكانات الوزارة لدعم المزارعين. «لم نستطع القيام بمناقصات لشراء فرّاطات آلية وتوزيعها على المزارعين والتعاونيات الزراعية». في تلك الحلقة المتصلة بين التكلفة وسعر الزيت، لا تملك الوزارة تفاصيل حول التسعيرة المرتبطة بتكاليف الإنتاج وطلب السوق.

Exit mobile version