كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
فصلٌ جديد من فصول الخطف مقابل فدية عاد للظهور في بعلبك الهرمل بعد انقطاعٍ ليس بطويل، ما يترك تداعيات أمنية خطيرة في ظلّ تردّي الأوضاع الاقتصادية، فهل يتجرّع الناس كأس الأمن الذاتي للحفاظ على أولادهم وعائلاتهم؟
رغم كل الأمن والأمان اللذين حظيت بهما محافظة بعلبك الهرمل بعد الإجراءات الأمنية المتخذة منذ أشهر، والمداهمات والتوقيفات، لا يزال بعض الثغرات ينغّص على البقاعيين حياتهم، ويجعلهم عرضةً لأفرادٍ وعصابات إمتهنوا الخطف وسيلةً لتأمين مدخولٍ مادي، ومنهم من دخل المجال حديثاً، أو سلب الناس ما بحوزتهم على الطرقات، وفي أغلب الأوقات تعرّضهم لإطلاق نار أثناء محاولتهم الهرب ما يتسبّب بموتهم كما حصل مع أحد النازحين السوريين في السهل منذ أيام، حيث تعرّض لإطلاق نار لدى محاولته الفرار على درّاجته النارية من عملية سلب ما أدّى الى وفاته.
تطوّرٌ جديد دخل على أساليب الضغط التي تعتمدها عصابات الخطف مقابل الفدية لترهيب ذوي المخطوفين ودفعهم إلى الإسراع في تأمين مبلغ مالي يطالبون به مقابل إطلاق سراح أبنائهم، تمثّل بـ»بيع الضحايا أعضاء»، كلماتٌ كفيلة بأن تشعل النيران في قلوب أمّهاتهم، وبأن تحثّ آباءهم على لفّ الأرض ليدفعوا «المعلوم» من دون انتظار الدولة لكي تُعيدهم وهي قادرة، وقد سبق لشعبة المعلومات أن حرّرت عدداً من المخطوفين خلال فترة الصيف.
آخر حلقات مسلسل الخطف هو ما جرى صباح السبت، حيث تعرّض الشقيقان السوريان خالد (15 سنة) ومهنّد (13 سنة) عروب للخطف في وضح النهار في بعلبك، وفي التفاصيل أنّ والدهما يملك محلات لبيع البالة الأوروبية في سوق بعلبك ولديه عدة فروع، وأثناء توجّههما من مكان سكنهما في أحد أحياء المدينة إلى السوق عند العاشرة والنصف صباحاً، إعترض طريقهما جيب «شيروكي أسود زجاجه داكن ومن دون لوحات، ما دفعهما للهروب داخل أحد مفارق الحي، فترجّل من السيارة شخصان ملثّمان يحملان أسلحة ولحقا بهما، وتبعتهما السيارة وفق ما أظهرت كاميرات المراقبة، كذلك شوهدت درّاجتان ناريّتان تلحقان بالسيارة وتعملان على مراقبة الطريق والشابين خلال خروجهما من المنزل. وبعد ساعات تلقّى الوالد اتصالاً عبر تطبيق «واتساب» من رقم خارجي يطالبه بمبلغ مالي مقابل إطلاق سراحهما أو بيع أعضائهما خلال مهلة أقصاها 24 ساعة».
وعلى الأثر، نفّذ عدد من الأهالي وقفة احتجاجية مع أهل المخطوفين في سوق بعلبك أمام البلدية مطالبين الدولة والأجهزة الأمنية بالتحرّك لإطلاق سراحهما وكشف الفاعلين، وحملت القضية تضامناً واسعاً من أبناء المدينة كونها المرّة الأولى التي تُهدّد فيها عائلة مخطوف بذبحه وبيع أعضائه، ما يدفع الناس الى الخوف والحذر أكثر، وانتهاج الأمن الذاتي لحماية أنفسهم وأبنائهم.