مستشفى تل شيحا تحرَّرت من الديون بشرى أعلنها سيادة المطران إبراهيم مخايل إبراهيم إلى الزحليِّين والبقاعيِّين

” مستشفى تل شيحا تحررت من الديون ” بشرى اعلنها سيادة المطران ابراهيم مخايل ابراهيم خلال حديث صحافي أجراه معه المسؤول الإعلامي في الأبرشيَّة الأستاذ خليل عاصي، مع اقتراب الذكرى السنويَّة الأولى لتسلُّمِ مهامه راعيًا لأبرشيَّة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيِّين الكاثوليك، للاطِّلاع من سيادته على ما تحقَّق من أعمال، وأنَّه –حسب ما قاله في خطاب التولية خاصَّة – أتى إلى لبنان “عكس السير” وفي ظلِّ ظروف صعبة للغاية لم يشهد لبنان مثيلها. قد كان بعيدًا عنه على مدى خمسة وثلاثين عامًا في سنوات الدراسة، وفي خدمته الكهنوتيَّة والأسقفيَّة بين أوروبا والولايات المتَّحدة الأميركيَّة وكندا، حيث حقق الإنجازات الكثيرة والمميَّزة.

فيما يلي تفاصيل الحديث مع سيادة المطران إبراهيم:

1- س : سيادة المطران إبراهيم اهلًا بكم، بعد انقضاء نحو عشرة أشهر من ولايتكم في زحلة، ما هو الإنطباع الذي كوَّنته عن زحلة وأهلها وعن الأبرشيَّة ورعاياها؟

ج : بداية، إسمح لي أن اتوجَّه بشكرك أستاذ خليل مسؤولا عن المكتب الإعلامي في الأبرشيَّة، وعلى اندفاعك وإخلاصك بالعمل، وعلى الدور المهم الذي تضطلع به في المكتب لإيصال أخبار الأبرشيّة إلى العالم بأسره.

الإنطباع الذي كوَّنته هو على غاية من الإيجابيَّة والأهميَة لأنَّ زحلة وأهلها، والبقاع عامَّة يتميّزون بصفات جَمَّة مليئة بالمحبَّة والنخوة والعطاء والكرم والصدق والإبداع في مجالات شتّى. كنت أفكّر بما قد يمكنني تقديمه لزحلة والبقاع، لكنَّني وجدت نفسي بينهم أخًا وصديقا وتلميذا يتعلّم منهم ويبادلهم المحبَّة والاحترام.

2- س – أمضيت أكثر الوقت من السنة الأولى في التعرُّف إلى الشخصيَّات والقيادات الزحليَّة والبقاعيًّة واللبنانيَّة وإلى الرعايا والمؤسَّسات التابعة للأبرشيَّة، وكان الجميع ينتظر من سيادتكم تغييرات! فماذا حقَّقتم من تطلُّعات أبناء الأبرشيَّة والزحليِّين والبقاعيين؟

ج: اشكر كلَّ من أتى إلى المطرانيَة للقائي للتعارف والتباحث بأمور شتَّى. كانت مناسبات مباركة فيها تعرَّفت بدوري إليهم، فأحببتهم، وقدَّرت ما هم عليه من تميُّز وفرادة وأهميَّة ونجاح. لقد كانت أيَّام التهاني واللقاءات التي تلت وما تزال متواصلة منذ يوم التولية مناسبة لبناء جسور مهمّة للانطلاق نحو عمل إداري يُبنى هو ايضًا على آراء المؤمنين، وما للعلمانيّين من دور في الكنيسة.

عشرة أشهر مرَّت وأنا أكرِّس بفرح معظم وقتي للاستجابة للقاء الناس والمواعيد اليوميَّة والعمل الإداري. هذه الانشغالات، إلى جانب الواجبات الدينيّة والروحيَّة وزيارات الرعايا التي أنجزت في زمن قياسي، ادخلت الفرح الكبير الى قلبي الذي كان ينبض دائمًا ابتهاجًا وشوقًا للقاء أبنائنا في كلّ رعايانا ومؤسَّساتنا.

بالنسبة إلى التغييرات، وما تحقَّق من تطلُعات أبناءنا، فهي تبدأ بما عاهدتكم به يوم التولية، ألا وهو بناء الإنسان بدءًا بالأطفال، فالشباب وصولاً إلى باقي الأعمار. أمَّا على صعيد إدارة المؤسَّسات كالمستشفى والمدارس والتعاونيَّة السكنيَّة وطاولة يوحنًّا الرحيم والجمعيَّة الخيريَّة وغيرها! فقد قمت وما أزال بما يمليه عليَّ ضميري من اتِّخاذ قرارات وجدتها جوهريَّة للحصول على أداء أفضل خدمة للأبرشيَّة والنفوس. لا داعٍ لسرد هذه القرارات الآن لأنَّ الأهمَّ كان وسيبقى هو الهدف الذي إليه نسير لإكماله وإتمامه على حسب إرادة الله القدُّوسة.

3- مؤسَّسات وجمعيَّات كثيرة تابعة للأبرشيَّة اطلعتم على ملفَّاتها، وتحتاج إلى قرارات جريئة منكم، كالجمعيَّة الخيريَّة الكاثوليكيَّة وطاولة يوحنَّا الرحيم، إلى المؤسّسة الأهم التي أوليتموها كلَّ اهتمامكم؛ مستشفى تل شيحا. فلنتحدَّث عن هذه الجمعيَّات كلُّ على حدة:

أ‌- س: الجمعيِّة الخيريَّة الكاثوليكيَّة الى أين؟ هل سيتم أيُّ نشاط لتعديل الأوضاع الراهنة؟

ج : الجمعيَّة الخيريَّة الكاثوليكيَّة، مؤسَّسة عريقة، لها تاريخها الطويل المتشابك خيرًا مع تاريخ زحلة ووجهها النيَّر. سمعت عنها مرارًا وتكرارا. وأرى أنّها قامت بإتمام المهمّات الكبار، ولَمَسَت بيدِ الحنان والخير قلوبَ كثيرٍ من الناس وعقولِهم نعجز عن إحصائهم.

هذه الجمعيَّة ما وُجدت لتتوقف، بل لتكمل دوماً المسيرة المجيدة التي أعمل مع كثيرين على تحصينها وتقويتها لمزيد من الإنجازات المميزة والإشعاع المقدس، وأنا مليء بالأمل بأن النعمة الإلهية ستكمل منها ما نقص وتمنحها القدرة على متابعة اداء الشهادة المسيحية الإجتماعية والروحية التي تستحقها أبرشيتنا ومدينتنا المحبوبة زحلة.

لن اتردد في بذل اي جهد وأخذ اي قرار اراه مناسباً لبناء حاضر هذه الجمعية ومستقبلها الذي أعاهد الزحليين بأنه سيكون على مستوى تطلعاتهم وآمالهم.

ب‌- س : طاولة يوحنا الرحيم التي كانت تؤمّن وجبات الطعام يومياً لمئات العائلات، والحاجة ماسة اليها اليوم، لماذا أقفلت؟

ج: طاولة يوحنا الرحيم هي نشاط تابع لأبرشية سيدة النجاة، غالية على قلبي وقلوب الجميع. سيدة النجاة بحاجة الى ان تكون على معنى اسمها: السيدة التي تنجّي، هي لا تنجّي فقط من المخاطر لكن تنجي ايضاً من ظلم الأيام وقسوة الظروف خصوصاً تلك المتأتية من ازمة اقتصادية تجتاح لبنان وتهزّ منه السلامة والكيان.

سيدة النجاة هي السيدة التي تنجي من الخطر من فقدان الكرامة والوقوع في اذلال، في جوع داهم وحاجة مؤلمة قد تطال انساناً هو في الأساس مستحق للحياة الكريمة والإستقرار والإزدهار والأمان. فلبنان بلدنا الحضاري على مر الأزمان لا نقبله الا موطناً للشرفاء والأحرار ورافعي الرأس، المنتصبي القامات امام غدرات الزمان مهما قست او تظلمت.

ان الإقفال المؤقت لطاولة يوحنا الرحيم كان الهدف منه اعادة الهيكلة الشاملة لتحصل على فعالية أثبت واداء اعمّ وتطوير اداري وتطوعي يبني لنا جسوراً متجددة من اجل الوصول الى المزيد من المحتاجين وخدمتهم. العودة قريبة بإذن الله.

ت‌- همك الأكبر كان مستشفى تل شيحا، مؤسسة تعاني اليوم كما باقي المستشفيات في لبنان، لها مستحقات مالية ضخمة من وزارة الصحة والهيئات الضامنة، وبالمقابل عليها مستحقات وديون تعود لفترات طويلة، فلنتحدث عنها بالتفصيل:

• س: هناك كلام في زحلة انتشر منذ فترة في الإعلام عن نية بيع المستشفى واصدرتم بياناً ينفي ذلك، برأيك لماذا تكثر الشائعات حول هذا المرفق الصحي التابع للأبرشية؟

ج: اسمح لي اولاً بأن انوّه بكل الذين سبقونا وأسسوا هذه المستشفى ذات الهوية الزحلية التي تشمل بعنايتها هذه المدينة النموذجية وتنطلق منها الى ضواحيها البقاعية في خدمة عُرفت لأجيال بتميزها ورفعة شأنها ومستوياتها. هي مستشفى الزحليين الذين فيها ولدوا واستشفوا وحصلوا على العناية المجبولة بالمحبة والحنان والفعالية والكفاءة المهنية والمرافقة الإنسانية العميقة التي تعكس محبة الله للإنسان منذ الولادة وحتى النفس الأخير.

هي المستشفى ذات الهوية التي تتحدث عن زحلة وأهلها المقيمين والمنتشرين. لم أجد زحلياً لا يرى ان تل شيحا جزءٌ منه لا يتجزأ، مرتبط بماضيه وحاضره ومستقبله. لذلك اراني ملزماً بأن أرفع شأن هذه المؤسسة الإستشفائية الزحلية والبقاعية الى اعلى مستوياتها التي تتلائم وكرامة الزحليين ومطرانية سيدة النجاة وكل البقاعيين.

ليس عندي خيار آخر الا التكرس التام واستثمار كل قواي وارادتي ومواهبي في خدمتها واعلاء شأنها واعادة دورها الرائد وبناء استقرارها ودعم اشعاعها وكتابة امجادها لمستقبل أفضل متوّج بالشفافية والمهنية العالية مما يجعلها مستشفى رائدة تضاهي اهم مستشفيات لبنان والشرق.

الشائعة التي انتشرت منذ فترة عن نية لدينا ببيع مستشفى تل شيحا لاقت منا سابقاً بيان نفي واستنكار لمن نشر هكذا اخبار مضرّة، ليس فقط بتل شيحا وتاريخها العريق، بل بمدينة زحلة وجوارها وانسانها الذي استحق تل شيحا ويستحقها ” أمساً واليومَ والى الأبد “.

ان التغييرات المطلوبة والقرارات الإدارية، على صعوبتها، التي اتخذتها على عدة مستويات، سواء كانت ادارية ام مالية، تهدف اولاً واخيراً الى تفعيل عمل المستشفى وسائر اقسامها وتحديثها لمواجهة الوقت الصعب الذي نمر به، للخروج من الإضطراب الى الإستقرار نحو الإزدهار.

• س: وفي زحلة كلام ايضاً عن انه بالرغم من الظروف الصعبة، استطعتم تسديد الديون المترتبة على مستشفى تل شيحا، هل هذا الأمر صحيح؟ ومن هي الجهة التي ساهمت في هذا الإنجاز الحلم إذا صح التعبير؟

ج: هذا الكلام الذي يتبادله البعض في زحلة بخصوص التخلّص من الديون المترتبة على مستشفى تل شيحا هو أمر صحيح. فعندما استلمت المستشفى كان لا يزال هناك دَيناً متبقياً قدره مليونين وسبع مئة واثنين وسبعين ألف وتسع مئة وعشرين دولار أميركي ($2,772,920). هذا الواقع لم يخيفني، فالإيمان الذي في قلبي وفكري ما ترك يومًا فيَّ مكانًا للخوف…. لكني، كنت قلقا، فهذا الدين بدا لي امرًا يستحيلُ التخلُّص منه… وربَّما لأجيال قادمة… توكّلت على الله، وسعيت بمساعدة بعض الغيارى، وفي مقدمتهم سعادة النائب ميشال ضاهر مشكورا، إلى تحويل عملة هذا الدين وتسويته، فاستجاب الله لمساعينا، وتل شيحا اليوم متحرِّرة من الديون، مع استمرار التحدِّيات المتنوّعة التي على كثرتها، أزدادُ أملًا ورجاء على تبديدها سريعًا والوصول إلى برِّ أمان. أشكر من صميم القلب كلَّ من سعى وأوْلى اهتمامًا ووجد وقتا لتحقيق هذا الإنجاز العظيم وهذا الحلم الزحلي الكبير.

• س: ما هي التطلُّعات المستقبليَة في المستشفى؟

ج: أنا متفائل جدًّا بمستقبل المستشفى. التطُّلعات بطبيعتها تنطلق من التفاؤل، والاتكال على الله. ليس في قلبي نقطة واحدة من التشاؤم أو الخوف. الغد لنا والله معنا، والإرادة صريحة وواضحة والمصالح عامَّة ولا “أجُندات” شخصيَّة قادرة أن تقف عائقًا بوجه تحقيق أهدافنا.

مستقبل تل شيحا أربطه بوعيي الكامل بكرامتي الشخصيَّة وكرامة الزحليًين والبقاعيين وكرامة أبرشيّتنا وكنيستنا الملكيَّة التي لا تمتلك أي مستشفى آخر في العالم. فنحن الذراع الاستشفائيّة الوحيدة لكنيستنا الحبيبة. إنَّنا متمسِّكون بتاريخ تل شيحا العريق وهويتها المتميّزة ومستقبلها المشرق. فالآتي قريب حيث سنفتخر جميعًا بتل شيحا وما تمثِّله، ونلمس حيويَّتها الآتية من نِعَم الله وجهود المحبِّين، ونرى رؤىً ونحلم احلامًا ونحصد حصادًا خصبًا لخدمة زحلة والجوار.

لا راحة لي قبل أن ترتاح تل شيحا.

أقولها لكل صاحب إرادة طيبة: إذا كنت تحب تل شيحا وتريد المساهمة بنهضتها، لا تنتظر طلبا مني ولا تتأخر، فهذا هو الوقت المناسب للاتصال بي وإتمام ذلك.

3- س: كيف هي العلاقة مع الرهبانيَّات العاملة في الأبرشيَّة ومع الكهنة والعلمانيِّين وكيف تصفها؟

الحضور الرهباني التاريخي، وعمل الرهبانيَّات المتجذِّر في مؤسَّساتنا ورعايانا هو نعمة وبركة من الله، نثمِّنها ككنز ووديعة غالية مدعوُّون للحفاظ عليها وتطويرها وتجدديدها وتثبيتها للأجيال القادمة.

أبرشيَّة دون رهبان هي إبرشيَّة معوزة وناقصة. هذا ما سمعته يومًا من البابا القدِّيس يوحنَّا بولس الثاني، وأومن به ايمانًا عميقا، كما أؤمن أيضًا أنَّ الكهنة أبرشيين ورهبان هم قلب الأسقف النابض وفكره النيِّر ويده الممدودة للخير وفمه المبشِّر بالبشرى الحسنة وسيره الملوكي في حقول التبشير، وزرع الكلمة وحصاد البركات.

الأسقف دون كهنته يشبه طيرًا خسر جانحيه. لذلك، على الأسقف أن يتبنَّى أفراح كهنته وأحزانهم، صحتهم ومرضهم، آمالهم وانتكاساتهم. إنَّهم هو، وهو هم.

وحدة الأسقف مع كهنته وشراكة الإثنين معًا تشكّلان وحدة الكنيسة وشركتها مع المسيح.

اَمَّا العلمانيُّون فهم هدف الرسالة ومؤدُّوها على حدٍ سواء. فعمل الكنيسة مع العلمانيِّين هو أيضًا عمل العلمانيِّين مع الكنيسة لأنَّ الكنيسة لا وجود لها من دونهم. فهم وهي وحدة موحَّدة وجوهر وروح لا انقسام فيه.

مع العمانيِّين نسير رحلة حجِّنا على حسب قلب الله وإرادته ومشيئته القدوُسة. ادعوهم جميعًا إلى الوحدة الكاملة والترفُّع عن شهوة الإنقسام والخلاف والتصادم لأيِّ سبب كان، والامتناع عن صلب المسيح مرَّات ومرَّات.

6- س: ماذا تُحضّر لأبناء الأبرشيًّة وبناتها والزحلِّيين والبقاعيِّين من مشاريع قادمة؟

ج: المشروع الأساس هو بناء الحاضر والمستقبل من خلال بناء الإنسان انطلاقاً من الأطفال والشباب وباقي الأعمار. هذا هو مشروع الكنيسة الأوَّل والأهم، منه تنبعث الإنجازات والعمران والإزدهار والإشعاع الذي يزيّن الكنيسة بالفضائل والمواهب وفيض الوزنات.

 

 

Exit mobile version