كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن،
بعد محاولات عائلة المجذوب من بلدة غزة في البقاع الغربي تحويل قضية إبنها الموقوف، إلى قضية رأي عام، مطالبة بمراعاة حالته الصحية في تعجيل محاكمته، وإعلانه بريئاً وفقا لقناعاتها، خرج خالد المجذوب ليل الأربعاء الى الحرية، ولكن ليس بقرار قضائي. فقد غادر سريره في مستشفى تعنايل، حيث كان يعالج منذ ستة أشهر من مرض التشمّع الكبدي، متخطّياً الحراسة الأمنية الموضوعة عليه من قبل عنصرين، ذكرا أنهما خدّرا، ليظهر في شريط فيديو وهو يخرج مرتدياً ثيابه بكل هدوء من غرفته. صادف حينها ممرّضة، فألقى التحية عليها، ومن ثم توجه للخارج متنقّلاً في أرجاء المستشفى حتى القسم الذي تخزّن فيه أدوات المستشفى، ولم يُشاهد راكضاً سوى في باحة المستشفى الخارجية، عندما تبعه عناصر الأمن الخاص في المستشفى بعدما إشتبهوا بأنه قد يكون لصّاً.
«نداء الوطن» كانت قد نشرت قصة خالد. وهو رجل أعمال لبناني مقيم منذ 35 سنة في البرازيل. وخلال زيارة له الى لبنان في العام الماضي تورّط في مشكل وضعه في مرمى عملية تصفية وقعت على طريق معمل البصل في منطقة مجدل عنجر، بينما كان وزوجته بسيارة، تتبعها سيارة سيدة سورية كانوا قد أمضوا معها وقتاً في البقاع، فقضت برصاص المعتدين، وذكر أنها المقصودة بعملية التصفية.
منذ توجهه الى مخافر الأمن للإدلاء بإفادته تحوّل خالد وزوجته ومدّعى عليه ثالث في القضية متّهمين. إلا أنه بقي الموقوف الوحيد في القضية، ليتحوّل خلال فترة سجنه موقوفاً مريضاً بمرض التشمّع الكبدي. وهكذا أمضى خالد الأشهر الستة الأخيرة في مستشفى تعنايل، بعدما صدرت تقارير طبّية عديدة حول صحته أوصت بتمديد فترة علاجه، قبل أن يفرّ من المستشفى عشية نقله الى السجن مجدداً.
وفقاً لقريبين منه «كان مقرراً نقل خالد الى السجن في 22 تشرين الجاري إثر تعافيه من مرضه، إلا أنّه لم يتحمّل هذا الخبر، فأصيب بهبوط كبير بالضغط، وكان يفترض التأكد من عدم إصابته بأي نوع من الشلل. ولذلك بعدما أمضى ليلة في غرفة العناية الفائقة، نقل إلى غرفة عادية مجدّداً، وكان ينتظر التمييز في مسألة نقله الى السجن، خصوصاً أنّه حتى لو تعافى من داء التشمّع الكبدي، فهو لم يكتسب المناعة الكافية التي تسمح بعودته الى مكان كالسجن، هذا فضلاً عن حاجته لدخول الحمام بشكل متكرّر».
وأصرّ القريبون على تبرير فعلة خالد، محمّلين القضاء ومماطلته ببت قضيته مسؤولية القرار الذي اتخذه. علما أنّ عائلة خالد كانت نظمت إعتصاماً كبيراً أمام قصر العدل في زحلة لتطالب القضاء بإطلاق سراح مشروط أقله، وإتهمت قاضي التحقيق الأول بعدم النظر في قضيته بعدما دخل القضاة في إعتكافهم. وبحسب هذه المصادر لم يحصل أي تقدّم في ملف خالد منذ تحركها أمام قصر عدل زحلة.
إلا أنّ مصادر قضائية رفضت ربط فرار خالد بتأخير بت قضيته، وأوضحت أنّه «على رغم الإعتكاف، فقد تم النظر بملفه استثنائياً كونه مريضاً، والنيابة العامة أصدرت مطالعتها منذ 3 أسابيع، وهي مطالعة من 37 صفحة احيلت الى قاضي التحقيق الأول الذي ينظر بالقضية، إلا أنّ أحد المدعى عليهم في الدعوى، وهو علي ي. قدم دعوى مخاصمة الدولة عن أعمال القضاة بوجه سلامة، وطالب برفع يدها عن الملف».
وإعتبرت المصادر أنّ هذا الملف تعرض لكثير من الأساليب الملتوية التي حاولت الضغط على القضاء لإنتزاع قرار لمصلحتها. ورأت أنّ من خلقوا العراقيل وإستفادوا من الثغرات القانونية، ربما كانوا يخططون لتهريب خالد، وهي كلها أمور غير قانونية.
في المقابل، إتخذ الملف منحى جديداً، ليتوسع التحقيق حول تقصير أو تواطؤ العناصر المولجة بحراسة خالد، علماً أنّه وفقاً للمعلومات كان هناك 16 عنصراً أمنياً يتناوبون على عملية الحراسة على باب الغرفة رقم 411 في المستشفى التي كان يفترض بعلي أن يكون نزيلاً سجيناً فيها. وبحسب المعلومات فإن التحقيقات تجرى بإشراف القيادة الأمنية المركزية. بموازاة تنفيذ عمليات دهم طالت عدة منازل في منطقة البقاع الغربي، أسفرت عن توقيف عمر إ. ابن شقيقة خالد الذي كان يحضر له الطعام يومياً الى المستشفى، ومحمد عبد اللطيف م. شقيق زوجة خالد، بالإضافة الى العثور على السيارة التي يعتقد انها استخدمت في عملية الفرار.