رعى وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن حفل اختتام مشروع “تعزيز الممارسات الزراعية الجيدة بما في ذلك الإدارة المتكاملة للآفات للحد من التلوث بالمواد الكيماوية الزراعية في الحوض الأعلى لنهر الليطاني” الذي تنفّذه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بالتعاون مع وزارة الزراعة، ضمن مشروع “الحد من تلوث بحيرة القرعون” الذي ينفذه مجلس الإنماء والإعمار بتمويل من البنك الدولي.
ويهدف المشروع إلى الحدّ من تلوث مياه نهر الليطاني وبحيرة القرعون الناتج عن الاستخدام المفرط للمواد الكيماوية الزراعية من أسمدة ومبيدات، من خلال تعزيز وتطبيق الممارسات الزراعية الجيدة عند مزارعي البطاطا في الحوض الأعلى لنهر الليطاني في قضائي زحلة والبقاع الغربي.
وتخلل الحفل كلمات لوزير الزراعة وممثلة منظمة الأغذية والزراعة في لبنان نورة أورابح حداد، وممثلتي مجلس الإنماء والإعمار والبنك الدولي. كما تشارك مزارعون مستفيدون من المشروع آراءهم حول عملية التعلم والاستفادة من المشروع.
وقال الحاج حسن: “اننا في وطن عظيم وابناؤه لا يعرفون المستحيل رغم الصعاب، ونحن مؤمنون بأننا سنخرج بمساعدة الجميع، المنظمات الدولية الموجودة اليوم او غيرها من المنظمات التي نتعاون معها، سنخرج بإذن الله، وهذه رسالتنا لجميع المكسورين، ونقول انه في السياسة لا يوجد شيء مستحيل، لهذا نؤمن بأننا سنتخطى الايام الصعبة”.
وأضاف: “هذا المشروع مكوّن من مشروع الحد من تلوث بحيرة القرعون الممول بقرض من البنك الدولي والحكومة اللبنانية عبر مجلس الإنماء والإعمار.”
وتابع: “ان تدهور نوعية مياه نهر الليطاني وبحيرة القرعون والرمي المستمر للنفايات دون اي رقابة يستلزم اتخاذ تدابير علاجية مناسبة لحماية هذا المجرى المائي وضمان استدامة استخدامه. وأظهرت الدراسات أن مصدر التلوث الأكبر في الحوض وبحيرة القرعون بطبيعة الحال هو مياه الصرف الصحي، بالإضافة الى النفايات الصلبة للبلديات والملوثات الأخرى من المصانع والتي ترمى في النهر وروافده دون حسيب ولا رقيب”.
وقال: “لا يمكن لمصلحة الليطاني وحدها ان تجابه كل ذلك، ولا يمكن لوزارة الزراعة وحدها، لانه عمل وطني بامتياز، لم يعد يمكننا ان نضع ايدينا لإغماض اعيننا، لا يمكننا ان نغطي السماء بغربال، هناك جهد يجب ان يكون وطنيا، بعيداً عن كل اصطفافات الطائفية والمناطقية والحزبية”.
وأكد أن “نهر الليطاني شريان حيوي ويجب أن يعود شرياناً حيوياً”، وحيا وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشكيان على عمله، وطالب “البلديات ممثلة بوزير الداخلية بأن يكونوا اكثر حضوراً، وعلى القضاء ايضاً ان يكون حاسماً، وجميع الاتحادات الموجودة على حوض الليطاني”، وقال: “لا نستطيع وحدنا ان ننقذ الليطاني، مع التأكيد على أهميته للقطاع الزراعي وجميع القطاعات الاخرى ولكنه قبل كل شيء حاجة صحية ملحة، لاننا وطن تتقدم فيه صحة المواطن على اي شيء آخر”.
وأوضح أن “الاستخدام العشوائي للمواد الكيماوية من أسمدة ومبيدات يساهم بتدهور نوعية مياه النهر، فالمزارع عادة ما يفرط في استخدام هذه المواد دون تقدير لآثارها الخطيرة على صحة الانسان، حيث تساهم بترسباتها في تلوث المياه الجوفية، والتربة والمزروعات وتصبح جزءاً من غذائنا اليومي، وهي تؤدي الى مشاكل بالدبلوماسية مع بعض الدول العربية وغير العربية، لنبدأ بارسال الرسائل واجراء اتصالات”.
وقال: “نحن بغنى عن كل ذلك، ونريد للمنتج اللبناني ان يتناوله المواطن اللبناني كمنتج جيد وسليم، مع الحرص الشديد جداً على الاخوة والاشقاء العرب ان يتناولوا المنتجات اللبنانية لاننا نفتخر بها”.
وأضاف: “من أجل تحقيق الارشاد في استعمال المبيدات والمواد الكيماوية تم خلال هذا المشروع إقامة حقول مقارنة للبطاطا بالدرجة الاولى، للمقارنة بين الممارسات الزراعية الجيدة في تحضير التربة واختيار صنف البذار والري والتسميد والادارة المتكاملة للافات والممارسات الزراعية التقليدية التي يقوم بها المزارع والتي ورثها عن آبائه وأجداده”.
وختم: “هذا المشروع اعتقد انه قصة نجاح ويجب التأسيس عليه، وأشكر كل من عمل لانجاحه، وأتمنى من كل قلبي ان كل المشاريع التي اطلقت مع الفاو ومع البنك الدولي ومجلس الانماء والاعمار وغيرها، أن تكون بخواتيم جيدة وممتازة”.
بدورها، قالت ممثلة منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في لبنان (الفاو): “يعتبر نهر الليطاني من أهم المصادر لموارد المياه المستعملة في الزراعة كما أنه مصدر لمياه الشفه وتوليد الطاقة الكهربائية في لبنان، ولكنه يتعرّض الى الكثير من التلوث من مصادر مختلفة، منها الصناعية، المنزلية والزراعية. فعلاً، إن متبقيات الأسمدة والمبيدات الزراعية التي تتراكم في التربة هي من أحد أسباب تلوث مياه الليطاني”.
وأضافت: “من هذا المنطلق، قامت منظمة الأغذية والزراعة بالتعاون مع وزارة الزراعة بتنفيذ مشروع تعزيز الممارسات الزراعية الجيدة بما في ذلك الإدارة المتكاملة للآفات للحد من التلوث بالمواد الكيماوية الزراعية في الحوض الأعلى لنهر الليطاني”.
وتابعت: “تمكّن المشروع من تطوير وتنفيذ خطة تهدف إلى تعزيز قدرات مزارعي البطاطا، لتبنيهم ممارسات زراعية جيدة وإدارة أفضل للآفات وهذا في قضاءي زحلة والبقاع الغربي. وبناء على ذلك، اعتمد المزارعون على تحاليل التربة والمراقبة الدائمة لمزروعاتهم، مما أدى إلى التخفيف من استخدام الأسمدة والمبيدات في ممارساتهم الزراعية وإلى تخفيف الآثار السلبية لاستعمال المواد الكيماوية الزراعية على البيئة بما فيها المياه السطحية والجوفية.”
وأوضحت أن “من أبرز نتائج هذا المشروع، انخفاض استخدام المبيدات إلى 61 في المئة واستخدام الأسمدة الكيماوية إلى 52 في المئة، وهذا التغيير في الممارسات الزراعية لم يخفف فقط من تلوث المياه والتربة بل ساهم كذلك في تخفيض كلفة الانتاج وضمان استمراريته”.
وقالت كبيرة الاختصاصيين البيئيين في البنك الدولي داليا لطيف: “من ناحية البنك الدولي، يساهم هذا النشاط مباشرة في خارطة الطريق للحد من تأثيرات التغيير المناخي في منطقة مجموعة البنك الدولي للشرق الأوسط، من خلال المشاريع الرائدة واختبار الممارسات الزراعية الذكية مناخيا ضمن مقاربة متكاملة لمواجهة التحديات المرتبطة بالأمن الغذائي وتغير المناخ. ولهذا المشروع ثلاث ركائز تهدف إلى تعزيز الانتاجية الزراعية بشكل مستدام وزيادة دخل المزارعين والتكيف وتعزيز مرونة الأنظمة الزراعية لمواجهة آثار التغير المناخي والحد من انبعاثات غازات الدفيئة في الزراعة”.
وقالت رئيسة إدارة التمويل في مجلس الإنماء والإعمار وفاء شرف الدين: “دور المجلس إداري وتمويلي كونه الجهة المنفذة لاتفاقية القرض “حماية بحيرة القرعون”، ومن أحد أهدافه خفض التلوث الناتج عن الأسمدة المبيدات الكيماوية، علماً أن الاتفاقية تطال 3 أهداف هي: خفض التلوث الناتج عن الصرف الصحي والنفايات المنزلية والمواد الكيماوية الزراعية”.
وشدّدت على “أهمية التعاون المؤسساتي لإنجاح وإيجاد فرص مهمة للمشاريع وضرورة استدامة الأهداف التي نتجت عن هذا المشروع في برامج أخرى”.