زينة الميلاد تغيب قسراً عن بعلبك

كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،

حرمت الأزمة وتداعياتها على كافة المستويات، اللبنانيين من أبسط مقوّمات الفرح، وفرضت عليهم واقعاً جديداً عنوانه الرئيسي تأمين مستلزمات البقاء على قيد الحياة، فيما يتنعّم المسؤولون بالحياة والرفاهية وأجواء البهجة والأعياد. شكّلت مدينة بعلبك على مدار السنوات عنواناً للعيش المشترك والتلاقي، تجمع عائلاتها وسكّانها عناوين أبرزها حبّ المدينة والعمل في سبيل أن تبقى «مدينة الشمس» التي تسطع من خلف قلعتها بداياتٌ جديدة مهما إشتدّت الظروف، وتتعانق قربها الكنائس مع المساجد في مشهديةٍ قلّ مثيلها، تتعزّز كل عام مع المناسبات الدينية التي لا تقتصر على طائفةٍ أو مذهب. فكان إلتقاء مناسبتيْ الميلاد والمولد النبوي قبل سنوات عنواناً جامعاً في المدينة، وقبله على مدار السنين كانت مغارة الميلاد التي كانت تُعدّ وتزيّن في كنيسة سيدة المعونات قرب القلعة بجهد جبّار من الأب إلياس غاريوس التي يحتاج إنجازها أسابيع من العمل، مقصداً ومعلماً ينتظره أبناء بعلبك والجوار مسلمين ومسيحيين للتبرّك والتذكار، حتى أصبحت أشبه بالحج الذي يقصده الناس كل عام.

إعتاد الناس في بعلبك كل عام وقبل عيدي الميلاد ورأس السنة على الزينة التي كانت تقام في بركة رأس العين وتعرف بالبياضة، وإضاءة المباني الأثرية في ساحة المطران الشاهدة على قدم الوجود المسيحي في المدينة، حيث اقترن إسمها باسم الحيّ الذي يعرفه الناس بـ»حيّ المسيحية» وتسميات أصيلة أخرى كحيّ البربارة، ليتلاقى الناس في أجواءٍ من البهجة والفرح حرموا منها على مدار ثلاث سنوات بفعل الغلاء المستفحل، وعدم قدرة المؤسسات العامة والجمعيات التي كانت صاحبة المبادرة على تمويل المشروع، فهي بالكاد تستطيع أن تقوم بواجباتها الأساسية وتعجز عن أخرى، فكانت جمعية تجار بعلبك تتولى بالتعاون مع البلدية مهمّة التزيين وإعداد ما يلزم لتلبس المدينة ثوب الميلاد، وتضيء في سمائها الشموع إيذاناً بميلاد مخلص البشرية. تعيش بلدية بعلبك كسائر بلديات لبنان أزمة سيولة نتيجة عدم تحويل أموال الصندوق البلدي المستقلّ، وتعجز معها عن القيام بالمشاريع التي تهمّ المواطنين، وتقتصر على اتمام الواجبات اليومية من إزالة النفايات وإجراء الإصلاحات حيث تقتضي الحاجة، وعجزت عن المساهمة في زينة المدينة بالتعاون مع جمعية التجار بسبب التكلفة الكبيرة والغلاء، كذلك تنسحب الضائقة الإقتصادية وتراجع الإيرادات على التجّار أيضاً ويعانون إنعداماً للحركة التجارية منذ سنوات، فيما كانوا ينتظرون كل عام موسم الأعياد لتعويض خسائرهم، غير أنّ أولويات الناس وهمومهم إنصرفت إلى أمورٍ أخرى تغيب عنها الإستعدادات والتحضيرات للأعياد وشراء شجرة الميلاد للمنزل.

رئيس جمعية تجار بعلبك نصري عثمان أكّد لـ»نداء الوطن» أنّ «الوضع الإقتصادي والأزمة التي نعيشها فرضا علينا عدم القيام بالخطوة، فالزينة يجب أن تكون ذات قيمة وكانت تكلف سابقاً بين 20 و30 ألف دولار، وحاولنا العام الماضي وقبله من دون أن نوفّق، فظروف «كورونا» والأزمة الإقتصادية والغلاء على كافة المستويات بما فيها أغراض الزينة والإيجارات فرضت علينا التراجع، والأمر انسحب أيضاً على كافة المناسبات، وكنا نتعاون مع البلدية لكنها أيضاً عاجزة عن القيام بذلك».

وأضاف «الحركة التجارية في سوق بعلبك معدومة، فالناس يشترون حاجاتهم من الطعام والتدفئة وصولاً الى شراء ليترين من المازوت يومياً، فوضعهم متردٍّ جداً، وحركة البيع والشراء انعكست على نشاطاتنا، والتجار يشكون قلّة العمل وتراجع مردودهم ووقوعهم تحت الخسائر».

Exit mobile version