كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
ساعات قليلة على انطلاق إنتخابات مفتي المناطق التي حدّدتها دار الفتوى، ومعها تشخصُ عيون البقاعيين إلى يوم الأحد موعد انتخاب المفتي المحلي لبعلبك- الهرمل، وإخراج الموقع من التجاذبات السياسية والعائلية بعد سنواتٍ على مدٍّ وجزر وعوامل ساهمت في إضعافه وتراجع دوره. رست بورصة الترشيحات لموقع الإفتاء في المحافظة على ثلاثة مرشحين بعدما بتّت اللجنة المنبثقة عن المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الأسماء، وقُبلت طلبات كلّ من: المفتي السابق الشيخ بكر الرفاعي، رئيس دائرة أوقاف بعلبك الهرمل الشيخ سامي الرفاعي، والشيخ علي حسن، ورفضت طلبات الشيخ حسان محيي الدين والدكتور عبد الناصر صلح.
وفيما سرت معلومات عن أنّ قرارات اللجنة غير قابلة للطعن، تقدّم أصحاب الطلبات التي رفضت إلى جانب مرشّحين من مناطق أخرى، بطعون أمام مجلس شورى الدولة، معوّلين على أن يبتّها قبل يوم الإنتخابات، ليعود بعدها الشيخ علي حسن وينسحب من السباق فتنحصر المعركة بين الشيخ بكر الرفاعي والشيخ سامي الرفاعي. تتداخل السياسة مع الدين في موقع الإفتاء وخصوصاً في بعلبك الهرمل، فالمنطقة ذات حساسية عائلية وعشائرية، تكثر فيها الإشكالات، وفيها من الملفات العالقة ما تفرض على أي مفتٍ منتخب العمل لأشهر لإنجازها، بدءاً من المشاكل التي لا تزال تداعياتها تُخيّم على بعلبك وسوقها، وصولاً إلى أراضي الوقف، وبينها هموم الناس ومعاناتهم في ظل الإنهيار الحاصل وغياب المرجعيات السياسية في المنطقة بعد انكفاء تيار «المستقبل»، وغياب الأحزاب السنّية والشخصيات التي تحاول سدّ الفراغ السياسي والخدماتي. وعليه، ينتظر الناس هنا نتائج الإنتخابات ليُبنى على الشيء مقتضاه فترسم معالم مرحلة تمتدّ أقلّه لأكثر من خمس عشرة سنة وهي المدّة التي يقضيها الفائز من المرشّحين في الموقع وصولاً الى سنّ التقاعد المحدّد بعمر السبعين.
تضمّ الهيئة الناخبة ثلاثة وعشرين ناخباً، إثنان منهم مسافران خارج لبنان، فيما صدر قرار عن وزارة الداخلية يقضي بحلّ مجلس بلدية عرسال وتسليمها إلى محافظ بعلبك الهرمل وبالتالي إخراج رئيسها من لائحة الهيئة الناخبة، ليستقرّ عدد ناخبيها الفعليين على عشرين… وفيما تتّسع دائرة الهيئات الناخبة في مختلف المناطق الأخرى وتعطي هامشاً من الحركة للعب الأوراق ضمن البيئة السنيّة، فهي تضيق في بعلبك الهرمل وتعطي بعض الأحزاب النافذة، وهي من خارج الطائفة، فرصة للتدخّل في استحقاق سنّي صرف، من هنا تأتي المطالبة بتوسيعها في المرحلة المقبلة لتضمّ الأئمة وغيرهم.
سواء تدخّل «حزب الله» بشكل مباشر أم غير مباشر في انتخابات مفتي بعلبك- الهرمل، وذلك عبر عددٍ من أفراد الهيئة الناخبة، ومنهم النائبان السنّيان ملحم الحجيري وينال صلح اللذان نجحا ضمن لائحة «الوفاء والأمل» وانضمّا الى كتلة «الوفاء والمقاومة»، وعدد من أعضاء بلدية بعلبك السنّة الستة، إضافةً إلى حركة «أمل» وحزب «البعث» المحسوب عليهما، تبقى الكلمة الفصل للهيئة الناخبة. وترسم الإنتخابات معالم المرحلة المقبلة لجهة التحالفات في الانتخابات البلدية في مدينة بعلبك وتنسحب على استحقاقات أخرى وحلفاء آخرين كجمعية «المشاريع الخيرية» التي تضم ناخبين إثنين وكانت قد أجرت إتفاقاً مع «حزب الله» خلال الإنتخابات النيابية الأخيرة والبلدية المقبلة.
مصادر مطلعة على الحركة التي تدور ذكرت لـ»نداء الوطن» أنّ البعض حاول استدراج الأحزاب إلى معركة مفتي بعلبك- الهرمل عبر الطلب منها التدخّل بشكل مباشر وتوجيه الناخبين المحسوبين عليها نحو اسم محدّد، غير أنّ تلك التدخّلات ما لبثت أن تراجعت وأبلغت الأحزاب المعنية من يهمّهم الأمر، أنّها لن تتدخّل في استحقاق سنيّ يخصّ طائفة بأكملها وتحديد اسم أعلى شخصية دينية في المنطقة، وهي تترك الحرية للناخبين وتبارك لمن ينجح وتتعامل معه.
وعليه، تبقى النتيجة رهناً بيوم الأحد المقبل لتحديد اسم المفتي الجديد للمنطقة، ومعه يتطلّع البقاعيون من أبناء الطائفة إلى النظر في أحوالهم وأوضاعهم والإهتمام بشؤونهم وشجونهم.