عن تجاوز “هيئة الاستشارات” للقانون… في التمديد لكهرباء زحلة

كتب طوني كرم في نداء الوطن،

تتولى هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، مهمّة تفسير النصوص القانونيّة بشكل عام وذلك بموجب المادة التاسعة من قانون تنظيم وزارة العدل الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 151 تاريخ 16/9/1983 وتعديلاته. وقد قدّمت الهيئة خلال عملها الآلاف من الاستشارات، المئات سنوياً، بعضها تمّ التداول به في الإعلام وبعضها الآخر بقي في مكاتب الهيئة والجهة طالبة الاستشارة. ولكن ثمة أسئلة طرحت على ضفاف عمل الهيئة: من هي الجهة الي تحاسب هيئة التشريع والاستشارات على استشاراتها المعطاة على مدى عقود؟ وكم جنت الخزينة اللبنانيّة من أموال من جراء هذه الاستشارات؟ أو كم تكبدت من أموال بسببها؟ وكم من مبالغ ترتبت على الدولة اللبنانية نتيجة تخاذلها وعجزها عن القيام بواجبها، وكم قضية خسرت الدولة بوجود محاميها المتقاعس المسمى هيئة القضايا؟

أمّا منطلق هذه التساؤلات، فهي الإجازة التي أتاحتها هيئة الاستشارات لوزراء الطاقة، لعقد الصفقات من خارج الأطر القانونيّة برقم 909/2020 تاريخ 28 تشرين الأول 2020، ليتبعه رأي آخر صادر عن هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل بالاستشارة رقم 343/2022 تاريخ 28/4/2022 بناءً على طلب وزير الطاقة والمياه وبإجماع من نواب زحلة، والذي يعتبر عقد التشغيل لإنتاج وتوزيع الكهرباء في ما يعرف «بامتياز زحلة» السابق ممدداً لغاية 31 آذار 2023.

ويقول مصدر قانوني مطّلع إنّ المستغرب في هذا الرأي، هو تجاوزه الاختصاص والحلول محلّ مجلس النواب من جهة، وهيئة الشراء العام من جهة ثانية، كما أنّه يتضمن توصية بضرورة إعداد دفتر الشروط الخاص بصفقة انتاج وتوزيع طاقة كهربائية في نطاق امتياز زحلة السابق وإطلاق المناقصة، وكأنه جاء «تكفيراً» عن ذنب إعطاء رأي من خارج الاختصاص، كما يعطي مهلاً إضافية لشركة خاصة كانت تنتج وتسوّق وتبيع في زمن تعليق المهل، ولم تكن متوقفة عن العمل، فيما المهل تُمنح عادة للمدين الذي يتعذر عليه القيام بموجبه بفعل قوة قاهرة.

في مضمون الاستشارة، لا إشارة إلى الاستثناءات من تعليق المهل الواردة في القانون 160/2019، بالرجوع إلى القانون رقم 160/2019 المتعلّق بتمديد المهل الذي استندت إليه الهيئة، والذي ينصّ في المادة الثانية منه، على الاستثناءات التي لم تذكرها الهيئة في قراراتها التالية:

1 – المهل القضائية.

2 – المهل المحددة من الإدارة بموجب سلطتها الاستنسابية.

كما تجاهل الرأي الاستشاري أيضاً ما ورد في الأسباب الموجبة لقانون تعليق المهل، من أنّ المشرّع أراد من هذا القانون حماية الحقوق، لأنّ الظروف الطارئة الحاضرة يمكن أن تحول دون ممارسة أشخاص القانون العام والخاص لحقوقهم ضمن المهلة القانونيّة والقضائيّة والعقديّة ولا سيمّا المهل المسقطة للحق.

كما أغفلت هيئة التشريع والاستشارات ما ورد في البند الثاني من المادة الوحيدة من القانون رقم 107/ 2018 لناحية تحديد مهلة ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون (06-12- 2018) كحد أقصى لتوقيع العقد الأمر الذي لم يحصل، كما يستنتج صراحة من كتاب مؤسسة كهرباء زحلة إلى هيئة التشريع والاستشارات برقم 973 تاريخ 29-03-2022، ولا تستخلص الهيئة النتائج المترتبة على الاخلال بهذا الشرط المعلق عليه القانون رقم 107/ 2018.

ويطرح السؤال ما إذا كانت هيئة التشريع والاستشارات حائرة في شأن القانون رقم 198 /2020، فتقول إنه قانون خاص يحول دون خضوع القانون رقم 107/ 2018 لتمديد المهل، فكيف تخضع هذا القانون نفسه لتمديد المهل، ولمصلحة من تجاوزت الهيئة صلاحيات مجلس نواب ومددت القانون رقم 198/ 2020؟

كما يطرح السؤال: كيف تفتي الهيئة بموضوع الشراء العام بوجود هيئة ناظمة تملك الخبرة والمعرفة والاختصاص، سنداً لأحكام المادة 76 من قانون الشراء العام، وهل يمكن مثلاً للهيئة أن تعطي الهيئة رأياً في موضوع يتعلق بالوظيفة العامة أم تترك الأمر لمجلس الخدمة المدنية عملاً بقواعد الاختصاص؟

Exit mobile version