كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
بشق النفس تمكن القطاع التربوي بشقيه العام والخاص ومعه أهالي الطلاب والأساتذة من اجتياز العام 2022. إلا أن بداية سنة 2023 لا تبدو وردية. فبعد صرخة أساتذة القطاع الرسمي وتهديدهم بالإضراب، أطلق أساتذة القطاع الخاص إنذاراً، حيث اعتبر نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض في مؤتمر صحافي ان “اكمال العام الدراسي يلزمه مقومات الحد الادنى للحياة”، وحدد مهلة “تنتهي في الثامن من كانون الثاني المقبل”، وقال: “نحن سنكون بحل من الوعد الذي قطعناه على انفسنا باكمال العام الدراسي”. كما أن الجامعة اللبنانية ليست بمنأى عن الأزمة، حيث يتم تسريب معلومات حول امكانية لجوء الأساتذة أيضاً الى اضراب مفتوح قريباً.
مصادر تربوية معنية تؤكد لـ”المركزية” أن “كل المشاكل التربوية يمكن اختصارها بكلمة “التمويل”، وفي حال وجدت الأموال لتغذية صناديق المدارس تنتهي الأزمة.
ففي المدارس الخاصة، ورغم أن معظم المدارس الكبرى والتي تشكّل نسبة 10 في المئة من مجموع المدارس، فرضت رسوماً بالدولار على الأهالي وتعطي الأساتذة حقوقهم وتدفع لصندوق التعويضات، وفي حال وصولهم الى سن التقاعد او نهاية الخدمة فالأموال متوافرة، إلا أن الكثير من المدارس المتوسطة والصغيرة، والتي تشكّل 90 في المئة من المدارس، تتقاضى جزءا ضئيلا بالدولار او حتى لا تتقاضاه إطلاقا، وبالتالي، هي عاجزة عن سدّ رواتب الاساتذة ودفع التكاليف التشغيلية وأهمها المازوت، وما يتقاضاه اساتذتها من رواتب، لا يكفيهم، في بعض الأحيان للوصول الى مراكز عملهم، كما أنها على عجز بمليارات الليرات لصندوق التعويضات، ولذلك سمعنا صرخة الاساتذة أمس. وتمنّت المصادر على المدارس الخاصة تحسين ظروف معلميها لأنهم الركيزة الأساسية لأي مؤسسة تربوية ومن دونهم لا تعليم ولا مدارس”.
وفي القطاع الرسمي، وعِد الاساتذة بـ130 دولاراً لأن الـ90 دولاراً لا تكفي، إلا أن الجهات المانحة والأموال المرصودة، لا يمكن لوزارة التربية ان تتصرف بها او ان تبدّل في وجهة استخدامها من دون مجلس وزراء ومجلس نواب، لأن القرض صادر بقانون، ولا يمكن تغييره إلا بقانون آخر. جرت محاولات لتأمين الأموال، إلا أن السبيل، على ما يبدو، مقفل باتجاه لبنان من كل الجهات، إذ لم تسهّل أي جهة مانحة الأمر، حتى الاوروبيون لم يساهموا لأنهم يعانون من مشاكل الطاقة والغاز ويعتبرون ان بلدانهم أَولى. وتؤكد المصادر ان المساعي لم تتوقف علّها تنفرج من جهة ما، لكن الأمر يحتاج الى قرار من الجهات المانحة لتغيير وجهة المال. فهناك مثلاً قروض لبناء مدارس جديدة او لترميم أخرى، من جهات مانحة، لا تقبل بتغيير وجهتها لتحويلها مثلاً الى الأساتذة كبدل نقل أو أجور.
وتلفت المصادر الى أن المساعي مستمرة لايجاد الدعم ولن تتوقف بغية إنقاذ العام الدراسي، لأن عواقب الاضراب وخيمة على التلامذة، خصوصاً وأن المعلومات المسرّبة تشير الى اقتصار التدريس بعد العطلة على يومين في الاسبوع، وقد تستمر هذه الحالة حتى آخر العام الدراسي، في حال لم تتأمن مطالب الأساتذة. وهذا الأمر سينطبق على أساتذة التعليم المهني والتقني الرسمي أيضاً.
التعليم في القطاعين الخاص والرسمي مهدّد، وهذا من شأنه ان ينعكس سلباً على تلامذة الشهادة الرسمية خصوصاً البكالوريا، وتحسباً لأي طارئ، بدأ المركز التربوي بإرسال استبيانات للأساتذة لمعرفة الدروس المنجزة منذ بداية العام، خصوصاً وأن وزير التربية مصرّ على إجراء الامتحانات الرسمية في كل المنهج. فهل يصار الى إنقاذ العام الدراسي قبل فوات الأوان؟ هنا تؤكد المصادر ان الأزمة التربوية لا يمكن فصلها عن الأزمة الاقتصادية ككل، ولا يمكن حلّها بمعزل عن سلّة الاصلاحات وخطة التعافي المطلوبة في كل القطاعات والمؤسسات.