احتفل راعي ابرشية المخلص في كندا المطران ميلاد الجاويش بقداسه الأول في مسقط رأسه بلدة المنصورة في البقاع الغربي في كنيسة القديس جاورجيوس بحضور رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش، النائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم، الأب طانيوس حداد ممثلاً الرئيس العام للرهبانية المخلصية الأرشمندريت انطوان ديب، دولة نائب رئيس مجلس النواب الرئيس ايلي الفرزلي، رئيس بلدية المنصورة داني الجاويش، مخاتير ورؤساء بلديات، اهل المطران الجديد، فرق الشبيبة والأخويات، حشد من الرهبان المخلصيون، الراهبات المخلصيات، طلاب الإكليركية الكبرى واهالي المنصورة والبقاع الغربي.
بعد الإنجيل المقدس الذي تلاه المطران درويش كانت كلمة ترحيب لخادم الرعية الأب طوني رزق رحّب فيها بإبن الرعية المطران ميلاد الجاويش والحضور وقال :
” كلمة الأب طوني رزق
نحتفل اليوم بالقداس الإلهي ذبيحة شكر للرب الإله على هذه النعمة التي منحنا ايها الرب يسوع بأن صيّر لنا رئيس كهنة من بلدتنا المنصورة، سيادة المطران ميلاد الجاويش راعياً لأبرشية المخلص في كندا.
وفيما كنت اشارك في احتفال السيامة الأسقفية في دير المخلص العامر استوقفتني وصيّة المؤسس المثلث الرحمات المطران افتيميوس الصيفي لأولاده حين قال لهم ” أسستكم وصيّرتكم قربانة رهبانية مقدسة وجئت بكم من اماكن مختلفة وبعيدة، كمّلتكم بالوسم الكهنوتي المقدّس وقد وضعت البعض منكم في خدمة الرعية الكاثوليكية ليس لكي امكث هنا بطّالاً مستريحاً بل لكي أجدّ بواسطتكم في فلاحة كرم المسيح في رعيتي وفي كل مكان.” ومن تلك الساعة انطلقت هذه الرهبانية المباركة الى اصقاع العالم تبشر بكلمة الرب.
وأذكر ايضاً حين كنت تلميذاً في معهد اللاهوت بأنني التقيت بكاهن نشيط اوكل اليه تدريسنا مادة الكتاب المقدس ولا سيما القديس بولس، فتعجبت لعشق هذا الكاهن للرسول بولس القائل ” ان كل خمير متخذ من الناس يُقام لأجل الناس” وهذا ما سمعناه وشهدناه واختبرناه ولمسناه بأنك كنت مثالاً صالحاً للمؤمنين في الكلام والتصرف والمحبة والإيمان والعفاف.
وبالعودة الى كلام المؤسس أراك تحمل هذه الوصية في قلبك وفي عملك وفي حياتك، فتكون هذا العبد المختار من الله والمحب لله مستحق ان تحلّ عليك نعمة الروح القدس التي في كل حين تشفي المرضى وتكمّل الناقصين، منتدباً أسقفاً على ابرشية المخلص في كندا، تسمع مجدداً أفواه رعيتك تصرخ ” مستحق مستحق مستحق “. ”
المطران الجاويش كانت له كلمة شكر فيها حضور الجميع ومحبتهم وقال :
” سيادة المطران عصام يوحنا درويش راعي الأبرشية، الأب طانيوس حداد الحبيب ممثلاً الرئيس العام للرهبانية المخلصية الأرشمندريت انطوان ديب، دولة الرئيس ايلي الفرزلي، رئيس بلدية المنصورة ابن العم الحبيب داني الجاويش، المخاتير ورؤساء البلديات المجاورة،الآباء المحترمون.
الطقس البيزنطي معروف بطابعه الأمبراطوري، بالثياب والتاج والعصا، لأنه اتى من القسطنطينية، والأساقفة والكهنة اخذوا هذا الطابع ولبسوا ثياباً حبرية مميزة. واليوم وأنا بين ابناء بلدتي الأحباء أشعر وكأني امبراطوراً واكثر . الرب يسوع قال ” ما من نبي له كرامة في وطنه” وهنا استأذن السيد المسيح لأقول: أحياناً النبي يكون لديه كرامة في بيته بين اهله لأنه يشعر بأنه مدللاً بين احبائه. وما شاهدته من استقبال على الطريق من جميع ابناء المنصورة مسيحيين ومسلمين كلهم استقبلوني بالأرز والورد، انا لهم ممتن وشاكر.
الف شكر لسيادة المطران عصام يوحنا درويش لرعايته الأبوية، ولكاهن الرعية الأب طوني رزق ولكم جميعاً لأنكم اصرّيتم على اجتياز مسافة طويلة للمشاركة في رسامتي الأسقفية في دير المخلص، ووجودكم معنا اليوم يدخل الفرحة الى قلبي، وانا افتخر ببلدتي المنصورة امام الجميع.”
واضاف ” من الجميل ان يُنتخب من بلدة المنصورة البقاعية الصغيرة أسقفاً. انتم تعلمون اني لست أول كاهن من البلدة ولكني اول مطران منها، كما اني لست اول كاهن من آل الجاويش. في سجلات الرهبنة المخلصية هناك خمسة كهنة من آل الجاويش من جون وزحلة ودير القمر. المطران فارس معكرون اخبرني انه كان هناك مطراناً من آل الجاويش في البرازيل أصله من زحلة، لذلك لست اول اسقف من هذه العائلة الكريمة.”
وتابع سيادته ” عندما أزور بلدتي ينتابني شعوران :
صحيح انني لم أسكن كثيراً في هذه البلدة. غادرتها وأنا فتى ولكني أشعر بالفخر لأني أخذت من بيت اهلي الطيبة والعزّة والكرامة أحملها معي اينما حللت، وأخذتها من المرحوم والدي خاصة. واسمحوا لي اليوم ان أرفع من شأن والدي هذا الفلاح ابن الأرض الذي علّمني كرامة اهل البقاع وعزّة اهل البقاع.
في حياتي لم اقبّل يد أحد ولا سعيت وراء قرش من المال ولم اسعى وراء المعالي. عزّة نفسي وكرامتي اخذتها من هنا، من منزل أهلي من هذه الضيعة الكريمة ومن والدي خاصة، لكم مني الف شكر وأنا أفتخر بأني ابن البقاع.
الشعور الثاني هو شعور الإنسلاخ. دخلت صغيراً الى الدير. رهبنتي وكهنوتي واسقفيتي وخدمتي كانت غالباً خارج الأبرشية، واليوم سفري الى الخارج وكنت سابقاً في الخارج، جعلني اشعر بنوع من الإنسلاخ عن بيتي وأهلي، وبيننا اليوم وجوه جديدة لا اعرفها.
شعرت بهذا الإنسلاخ حتى عن مدفني لأن الأسقف عادة يدفن في رهبنته. هذا الشعور ليس بسيطاً ولكن كون الرب دعاني من هذه البلدة سلّمت اليه أمري، سفينة حياتي سلّمتها للرب وأينما تأخذني الرياح أسير.”
وتحدث المطران الجاويش عن اهمية القرى كمنبت للدعوات فقال :” القرى والبلدات هي منبت ومشتل الدعوات. في هذه الأيام المدن حالتها تعيسة وفاسدة، يجب ان تبقى القرى خزاناً ومنبتاً للقيم والفضائل والدعوات. كما ربنا اختار ابن الفلاح ليصبح لاحقاً أخاً وراهباً وكاهناً وأسقفاً في بلاد كندا البعيدة. فلتبقى قريتنا والقرى القريبة منبتاً للتقوى لأنه اذا خربت المدن تبقى القرى مصدراً للتقوى للكنيسة ككل.
يسوع ولد في قرية، وعندما بدأ التبشير بدأه في قرية وكان يتجنب كثيراً الدخول الى المدن. هو ابن ضيعة، مار شربل ورفقا والأخ اسطفان هم ابناء ضيع وبلدات. المطلوب من الأهل الا يستقيلوا من دورهم، أن يزرعوا في الشبيبة الفضائل والقيم.
أنا سلّمت نفسي الى الروح القدس ليأخذني اينما يشاء. كان لدي قضية واحدة في حياتي هي الرب يسوع المسيح، أحببته وسلّمته أمري وكما يقول القديس بولس ” كل شيئ يؤول الى الخير للذين يحبون الله” . انا احببت الله ومتوكل عليه اينما كنت سواء في لبنان او كندا، اطلب صلاتكم ودعمكم ومسبحتكم على نيتي ونية الأبرشية التي أذهب اليها.”
وختم سيادته بكلمة شكر قائلاً ” وفي هذه المناسبة الجميلة أشكر سيادة المطران عصام يوحنا درويش ابن رهبنتي، وانا لي الفخر ان انتمي الى هذه الرهبنة والى الأبرشية التي كان على رأسها، واشكره على عاطفته الأبوية، وأشكر الأب طوني رزق الحبيب كاهن الرعية على تحضيره هذا القداس الأول. اشكر الشبيبة والجوقة والسيدات وكل من تعب في التحضير لكم مني كل الشكر.
سأحملكم دائماً في صلاتي ولو من بعيد. سأعمل من الخارج لمساعدة اهل بلدتي وتقديم كل ما يحتاجونه.”
بعد القداس انتقل المطران الجاويش والمطران درويش الى قاعة الكنيسة حيث تقبل المطران الجديد التهاني.
والجدير ذكره الن المطران الجاويش انتقل من منزل الأهل الى الكنيسة سيراً على الأقدام في الشارع الرئيسي لبلدة المنصورة الذي ازدان بالأعلام اللبنانية والبابوية ويافطات الترحيب، واحتشد ابناء البلدة من المسيحيين والمسلمين ينثرون الورود والأرز ويستقبلون ابن بلدتهم بالزغاريد.