بقلم لوسي بارسخيان،
يثير موضوع الـ»توك توك»، وتفشّيه في المجتمعات الريفية كوسيلة نقل تعتمدها الطبقة الفقيرة المتضخّمة في مدن الأطراف خصوصاً، جدلاً مستمرّاً في مدينة زحلة، كان آخره نهاية الأسبوع الماضي.
فالمدينة التي تضمّ مركز محافظة البقاع مع كافة دوائرها الرسمية بالإضافة الى التجمّع الأكبر لمصارفها المنتشرة على طول بولفار زحلة، والمستشفيات، الى جانب السوق التجاري، تستقطب بشكل طبيعي كافة طبقات المجتمع البقاعي الذي يحيطها. إلا أنّه في ظلّ تفشّي ظاهرة الـ»توك توك» كوسيلة نقل أساسية معتمدة بمختلف قرى البقاع، حاولت بلدية زحلة أنّ تجنّب بولفار المدينة فوضى تقاطر هذا الـ»توك توك» من مختلف أنحاء البقاع إليها، متّخذة القرار منذ أشهر بمنع تجوّلها على بولفار زحلة، حتى لا يجتاح الـ»توك توك» شريان المدينة الأساسي المرتبط بكافة نواحيها.
قرار البلدية ليس حديثاً، بل جاء وليد قناعة تشكّلت منذ شهر تموز الماضي. وعلى رغم إمتعاض مستخدمي الـ»توك توك» حينها، وقد بلغ حدّ إتّهام بلدية زحلة بالتواطؤ مع أصحاب سيارات الأجرة لحماية مصالحها، فقد نجحت البلدية الى حدّ بعيد بتجنيب وسط المدينة الفوضى التي يتسبّب بها تفشي ظاهرة الـ»توك توك» في القرى المجاورة، بعدما ربطت قرارها أيضاً بمقتضيات السلامة العامة، الى جانب إستجابتها لشكاوى وردتها من سلوكيات القيادة لدى بعض سائقي هذه المركبات. إلى أن إكتشف بعض أبناء زحلة وسكّانها في وسيلة النقل هذه بديلاً عن وسائل النقل الأخرى المرهقة للجيوب.
وتطوّر الأمر لدى بعض هؤلاء الى تشغيل هذا الـ»توك توك» سواء في خدمة «الدليفري» أو حتى أحياناً كوسيلة نقل عام، محاولين منح «توك توك» إبن زحلة هوية مختلفة عن «توك توك» إبن الجوار، عبر تذييلها بشعارات تكشف عن هذه الهوية كمثل عبارة «أعطنا خبزنا كفاف يومنا» أو دعاء «يا مار شربل» أو عبر تسمية وسيلتهم بكنية أصحابها كمثل «أبو مارون أو أبو جورج»، وغيرها…
ومع ذلك لم تستثن بلدية زحلة «توك توك» الزحلاوي من قرارها، وعملاً بمبدأ «من ساواك بنفسه لم يظلمك»، عمّمت قرار منعها من سلوك بولفار المدينة على الجميع، وسمح لأصحاب الـ»توك توك» فقط بإستخدامه كوسيلة تنقّل داخلية بين الأحياء، خصوصاً أنّ أحياء زحلة مرتبطة بعضها ببعض والتنقّل من حيّ إلى آخر ممكن من دون الإضطرار لعبور شارع البولفار الرئيسي.
في موسم الأعياد الماضي قصدت مجموعة من أصحاب الـ»توك توك» بلدية زحلة طالبين منها إذناً إستثنائياً بسلوك شارع المدينة الرئيسي، بعدما أعربوا عن رغبتهم ببث أجواء العيد في المدينة عبر تزيين مركباتهم واستخدامها للتجوّل بأسعار مدروسة. وقد وافقت البلدية على ذلك إستثنائياً على أن يعمل بالقرار المتّخذ سابقاً مباشرة بعد الأعياد.
إلّا أنّ عودة البلدية الى تدبيرها السابق المتعلّق بتنظيم هذه المركبات منذ نهاية الأسبوع الماضي، أثار موجة من الإنتقادات بوجهها، وخصوصاً ممّن باتوا يستخدمون وسيلة النقل هذه في تأمين معيشتهم اليومية. وقد تطوّر الأمر عبر بعض وسائل التواصل الإجتماعي الى شنّ حملة شاملة، وجد فيها البعض مقدّمة لفتح معركة الإنتخابات البلدية في زحلة باكراً.
زغيب
ومع ذلك، أصرّ رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب في إتصال مع «نداء الوطن»، على تطبيق القرار المتّخذ منذ شهر تموز الماضي، لافتاً الى «أنّ وسيلة النقل الـ»توك توك» هي موضوع شكوى من الزحليين قبل البلدية، ومشكلتها الأساسية هي في عدم وجود قوانين ترعى حركتها، وعدم خضوعها وسائقيها لأنظمة السير والسلامة العامة، خصوصاً أنّ هذه الوسيلة طارئة على مجتمعاتنا، وبرأينا أنّها غير مؤهلة بالأساس كي تستخدم في النقل العام أو المشترك إلّا من ضمن شروط ومواصفات تحدّد حتى الطرقات التي يجوز أن تسلكها، حتى لا تزاحم السيارات والمركبات الأكبر حجماً على الطرقات وتهدّد سلامة العابرين، إلى جانب تشكيلها خطراً على ركّابها أيضاً».
ويتحدّث زغيب عن مصادرة الشرطة البلدية مركبات غير مرخصة من الـ»توك توك» في الفترة السابقة ضمن نطاق بلدية زحلة، ولكن لدى تسليمها إلى الأجهزة الأمنية لم يكن لدى القوى الأمنية فكرة حول كيفية التعاطي تجاهها».
لا شك أنّ تفشي ظاهرة الـ»توك توك» هو وليد الحاجة التي جعلت البعض يعتمدونها كوسيلة تنقل، الى جانب ما وجده البعض الآخر فيها أيضاً من فرصة لتأمين المداخيل الإضافية، وخصوصاً لدى فئة موظفي السلك العسكري والقطاع العام. إلا أنّ رئيس بلدية زحلة في المقابل يرى «أنّ الحاجة لا يجب أن تكون ذريعة لتعميم الفوضى التي تتسبّب بها هذه الوسيلة ومالكوها وحتى سائقوها في مختلف القرى البقاعية. ومن حق بلدية زحلة إذا كانت الدولة عاجزة عن إجتراح الأنظمة التي تدير الأمر الواقع الجديد، أن تضع أنظمتها التي تحافظ على راحة أبنائها وسلامتهم، ولو بالحدّ الادنى»، وبالتالي، يؤكّد زغيب، أنّ «هذه هي الخلفية الوحيدة لمنع سير الـ»توك توك» على بولفار زحلة وليس هناك أي سبب آخر ممّا يحاول المصطادون في الماء العكر إشاعته».
المصدر:نداء الوطن