“فرح” تُثلج قلوب البقاعيين وجبالهم

كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،

أثلج «الجنرال الأبيض» قلوب البقاعيين بعد طول إنتظار، وبيّضها كانون رغم المشهد السوداوي، وطغت العاصفة الثلجية «فرح» على ما عداها من هموم على أمل في أن تحمل معها الفرج.

كلّلت «فرح» الجبال بالفستان الأبيض وغمرت قلوب اللبنانيين بالفرح والتفاؤل، وحطّت رحالها محمّلةً بالثلوج والأمطار التي انتظرها البقاعيون طوال الشهر الفائت، وتراوحت سماكتها بين 5 و25 سنتمتراً وما فوق في المناطق التي يزيد ارتفاعها عن 1200 متر، ومن المتوقع أن تستمرّ ليومين إضافيين وتزداد وتيرتها مراكمةً الثلوج فوق الأعالي.

منذ الصباح الباكر، إستفاق البقاعيون على منظر تساقط الثلوج، ونزلوا إلى الساحات والطرقات للتمتّع بالمناظر الجميلة التي حرموا منها طوال فصل الشتاء، حيث غمرت مختلف الأحياء مع ساعات الفجر الأولى، لتتحوّل بعدها الثلوج مستنقعات وسيولاً غطّت الطرقات والحفر التي أصبحت مصيدةً غير مرئيةٍ للسيارات. وبسبب الطقس الكانوني بامتياز، أقفلت المدارس الخاصة في محافظة بعلبك الهرمل أبوابها تحسّباً من الجليد والبرد، وعمّم بعضها على الطلاب والمعلّمين الإقفال ليومين إضافيين لحين انتهاء العاصفة، غير أنّ المفارقة هذا العام كانت بعدم تسبّب العاصفة بانقطاع التيار الكهربائي كونه مقطوعاً مسبقاً، فيما عانى من يمتلك أنظمة طاقة شمسية من إنقطاعها بسبب غياب الشمس والأمطار التي جعلتها خارج الخدمة والتشريج.

وفيما كانت حركة السوق التجاري ووسط مدينة بعلبك خفيفة جداً وبعض المحال أقفلت أبوابها، عادت وفتحت أمام الناس ومن نزل لقضاء حاجاته. وفي هذا الإطار، قال حسن ح. صاحب أحد المحال التجارية الغذائية: «إنّ الناس التي كانت تنكبّ على تأمين الخبز تحسّباً لانقطاع الطرقات لم تكن هذه المرة كسابقاتها، كذلك تأمين ما يلزم من حبوب وخضار وغيرها، وكأنّهم أعلنوا استسلامهم للواقع الحالي بسبب غلاء الأسعار وارتفاع سعر صرف الدولار الذي يجبرنا كل يوم على تسعيرة مختلفة».

ومن تحت الغطاء الأبيض علّت صرخة الكثيرين بسبب البرد والصقيع الذي نخر العظام، وعدم القدرة على تأمين وسائل التدفئة من حطب ومازوت بعد ارتفاع سعر الصفيحة الى ما فوق المليون ليرة لبنانية وطن الحطب الى عشرة ملايين ليرة، حيث انتشرت على جوانب الطرقات اضافة الى التجّار في المنازل مهنة بيع الخشب على اختلافه من أبواب منزلية وطبليات معبأة بأكياس وصل سعر الواحد منها الى 250 ألف ليرة لبنانية، ولاقت رواجاً واقبالاً من قبل الذين يعجزون عن شراء البديل. وفيما كان البقاعيون يستعدّون مع كلّ حديث عن عاصفة ثلجية لشراء المازوت والمواد الغذائية والحبوب، اختلف المشهد هذا العام، وفق ما يؤكّد صاحب محطة وقود لـ»نداء الوطن»، مشيراً الى «أنّ الاقبال بقي هو نفسه كما كان قبل الحديث عن العاصفة، علماً أنّه متراجع أصلاً في ظل غلاء المحروقات، والبعض لا يزال يشتري بالليترات وحاجة كل يوم بيومه، ويقصد المحطة تحت الثلج والأمطار لتعبئة نصف غالون لا يكفيه ساعات قليلة».

قساوة المشهد المتكرّر منذ بدء فصل الشتاء والبحث عن سبل تأمين وسائل التدفئة، وتعليق الآمال على استقدام المازوت الإيراني الذي وعد به «حزب الله» البقاعيين، وبيعه بفارق كبير عن السعر المحدّد للمازوت اللبناني، تبدّد مع دخول الشتاء شهر شباط وانقضاء فصلي كانون وعدم تأمينه بالسعر الذي حكي عنه، رغم دخول الصهاريج السورية المحمّلة يومياً بآلاف الليترات، واقتصار بيعه داخل محطات الأمانة التابعة لـ»حزب الله» بفارق يقلّ عن السعر الرسمي بمئة ألف للصفيحة الواحدة، غير أنّ المشهد الحزين الذي تعجز الألسن عن وصفه، وفق ما يقول صاحب أحد محال البالة، هو قيام معدومي الحال بشراء الأحذية التي مرّ عليها الزمن عنده ولم تبع، واستخدامها في الوقود ليلاً تجنّباً للبرد.

Exit mobile version