كتبت لوسي بارسخيان،
كان لافتاً ان تخص وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة المسؤولة عن الملف اللبناني يوانا فرونتسكا بلدية زحلة بزيارة خلال لقاءاتها الرسمية اللبنانية، وتبدي إهتماماً بمطمر زحلة الصحي. فقد جالت فرونتسكا برفقة رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب في المطمر وأبدت إهتماماً بتفاصيل تشغيله وقدراته الإستيعابية.
في الشكل، أرادت وكيلة الامم المتحدة أن تطمئن الى إستدامة العمل في مشاريع وفرت لها جزءاً من تمويلها في فترات سابقة. وقد بدت لها الصورة وفقاً للمعلومات مطمئنة في زحلة، خصوصاً أن معظم مطامر لبنان تعمل بشق النفس، ووسط تعثر مالي يهدد بإنفجار أزمة النفايات في اي لحظة.
إلا ان ثمة جرحاً تعض عليه بلدية زحلة، خوفاً من تعثر عمل المطمر في أي لحظة، وذلك كنتيجة لتقاعس الدولة اللبنانية في الوفاء بإلتزامها تأمين الكلفة التشغيلية للمطمر منذ سنة 2018 وحتى اليوم.
قبل تشرين الاول من سنة 2018 لم يكن لدى بلدية زحلة أي مشكل بتسديد الكلفة التشغيلية. حتى لو كان ذلك يكبدها، وفقاً لزغيب، عبء إستقبال نفايات 26 قرية في محيط المدينة، مقابل مبلغ 13 دولاراً لمعالجة كل طن، لا تزال حتى الآن تسدد على سعر الصرف الرسمي أي حوالى 1500 ليرة، فيما كلفة المعالجة الفعلية للطن تصل الى 45 دولاراً. في سنة 2018 أصدرت الدولة اللبنانية قانوناً وضع إدارة المطامر الصحية على عاتق وزارة التنمية الإدارية، على أن تتولى وزارة المالية تسديد مستحقات التشغيل للمتعهدين. ومنذ ذلك التاريخ لم يتقاض متعهد مطمر زحلة الصحي أي مبلغ لقاء تعهده إدارة المطمر، وهذا ما أدخل عملية تسديد المستحقات في مرحلة من عدم الإستقرار، على رغم تجديد عقده مجدداً لإدارة مطمر زحلة الصحي لسنة أخرى.
هذا التقاعس وفقاً للمعلومات يهدد إمكانية إستقرار العمل في المطمر، إذا ما استمرت الدولة في إهمالها، كونه يراكم مترتبات المتعهد بالليرة اللبنانية، بينما جزء من كلفته بالدولار، اي بما يفوق المبلغ المقدر للكلفة التشغيلية بأضعاف.
وشرح زغيب لـ”نداء الوطن” أن “الطمر الصحي يرهق ماليات البلديات، ولكنه في زحلة أساسي للحفاظ على قضاء نظيف بيئياً، وبلدية زحلة حملت هذه المسؤولية تجاه القضاء والمواطن، وهي متمسكة بتشغيل المطمر على رغم كل الصعوبات، وحتى لو عنى ذلك تحويل أموالها المخصصة للإنماء للمّ النفايات ومعالجتها، لأن أي تقصير في معالجة النفايات بزحلة وقضائها سيتسبب بكارثة بيئية في المنطقة، فمياهنا واحدة وهواؤنا واحد وبالتالي اي تلوث في أي بلدة بالقضاء يعني التلوث في كل القضاء”.
ولكن الى متى يمكن لبدية زحلة تحمل هذا العبء؟ يقول زغيب: “لا نعرف”، شارحاً في المقابل أن البلدية “لا تعاني عجزاً في ماليتها التي تسمح بالإنماء، ولكن مشكلتها الاساسية هي في أن المقاولين لم يعودوا يرغبون بإلتزام المشاريع، نظراً للفوضى الحاصلة في السوق المالي والتي تكبدهم خسائر فادحة”. ومن هنا لا يستبعد زغيب “أن تحول الأموال الفائضة لإبقاء المطمر الصحي شغالاً، طالما أنها لم تعد تنفق في مشاريع إنمائية”.
بالنسبة لزغيب، “عدم سداد المستحقات هو إهمال من قبل الدولة وليس عجزاً، خصوصاً ان قيمة إلتزام تشغيل المطمر باتت متدنية جداً إذا ما قيست بسعر الدولار في السوق الموازية. وهي لا توازي حجم الضرر الذي يمكن ان يخلفه توقف المطمر، وتداعياته البيئية ليس فقط في مدينة زحلة وإنما في 26 بلدة بقاعية تعالج نفاياتها في هذا المطمر”.
ولذلك يطالب زغيب بـ”أن تبادر الدولة لسداد متوجبات المتعهد فوراً”، مشدداً على “اننا كبلدية زحلة لا يمكن أن نقبل بتوقف مطمر زحلة الصحي الحديث، خصوصاً أنه لا يزال المطمر الوحيد الذي يعمل بطريقة منتظمة في كل لبنان”.
المصدر: نداء الوطن