بلديات بقاعية تنكّبت حماية أمنها الاجتماعي بتشددها مع النازحين المخلّين الأجهزة تواجه صعوبات ومنظمات إنسانية تتصرف في المخيمات وفق أجنداتها

لاتزال قضية ترحيل “النازحين السوريين المخلين بالأمن” من منطقة بعلبك والبقاع الشمالي الهدف الأول للمعنيين، وإنْ غاب الحراك العلني، ليكون لسان حالهم، هل يُعقل أن يتمتع “النازح” بحياة أفضل من أصحاب الأرض؟ إذ ان المنظمات الدولية المانحة لا تشجع النازحين عند تقديم المساعدات اليهم على العودة الطوعية الي بلدهم، خصوصاً مع انطلاق تلك الحملات التي كان ينظمها الأمن العام حيث كان ممثلون لهذه الجمعيات يدخلون مخيمات عرسال ليلاً، لثنيهم عن العودة وتالياً لتعود  غالبيتهم عن قرار عودتها، رغم تسجيلها رغبتها  لدى الأمن العام، وفقاً لما أكده مصدر أمني لـ”النهار”، إضافة إلى الانتقادات التي وجهتها هذه المنظمات علناً الى الحكومة اللبنانية، بذريعة عدم احترامها التزاماتها بموجب القانون الدولي، ووجوب وقف خططها لإعادة النازحين السوريين بشكل جماعي.

عنصرية وأعباء؟

هذه المسألة تحتاج إلى حلول لئلا تصبح سيفاً ذو حدين، فلا تتهم الدولة بالعنصرية ولا تُحمّل ما لا طاقة لها به، كما صرح لـ”النهار” رئيس اتحاد بلديات بعلبك شفيق شحادة، ورؤساء مجالس بلديات القاع بشير مطر، عيناتا ميشال رحمة، دير الأحمر لطيف القزح، بشوات حميد كيروز، والقائم بأعمال بلدية مجدلون ياسر خير الدين، واجماعهم على خطورة التداعيات الأمنية للنزوح، فهم يتجرعون العلقم نتيجة فشل الدولة في موضوع التنظيم المهني والاجتماعي والمدني للنازحين، الذين يتلقون مساعدات إنسانية مجانية ويسابقون اللبناني على مصدر رزقه، من دون رقابة من وزارة العمل، ليصبح اليوم الدخل الشهري للنازح السوري نحو 15 مليون ليرة لبنانية، فيما يصل دخل المواطن إلى 4 ملايين ليرة، وليكون أقصى طموح البعلبكي ان يعامل “نازحاً مدللاً”!

والغياب الأمني، يشكل خطرا داهما على اللبنانيين والسوريين على حد سواء. وفي هذا السياق كانت المجالس البلدية اعتمدت على عدد إضافي من عناصر شرطتها لمراقبة مخيمات النازحين التي اصبحت عبارة عن سوق تجارية شعبية، من أجل ضبط اي عملية إخلال بأمنها وأمن البلدات المجاورة، الأمر الذي أنهك ميزانياتها التي تعاني من شح أصلاً، بحيث بات الشغل الشاغل لها تأمين أمن بلداتها وليس انمائها، على غرار ما واجه به رئيس اتحاد بلديات بعلبك الجهات المانحة “التي تدخل المخيمات من دون اي تنسيق او معرفة مهماتها الحقيقية، وكل منها فاتحة على حسابها” وفقاً له، وجرى منعها من دخول المخيمات القائمة ضمن نطاق الاتحاد، إلا في حال وجود البلديات وشرطتها، لتكون عملية تقديم المساعدات من خلال البلديات فقط، وهذا الأمر سهّل عمل وحدات الجيش التي تواجه صعوبات في هذا الملف أيضاً والمعنية به.

215 موقوفاً

عملياً، النازحون هم وقود العمليات المخلة بالقانون للمطلوبين اللبنانيين، إلى جانب تشكيل بعضهم عصابات ناشطة داخل المنطقة، وآخرها توقيف السوريين أ.ه. وم.ه. لمشاركتهما في عمليات خطف عدة، بحسب مصدر أمني أكد لـ”النهار”، أن عدد الموقوفين المخلين بالأمن من النازحين في البقاع الشمالي وصل منذ مطلع السنة  الى 215 موقوفاً (دخول خلسة، خطف، سرقة، تهريب، إطلاق نار، مخدرات وارهاب وغيرها).

وأوضح المصدر نفسه انه رغم استمرار وحدات الجيش المنتشرة في تنفيذ عمليات دهم لمخيمات النازحين، وتسيير دوريات على مدار  24 ساعة وتوقيف المخلين بالأمن، إلا أنها تواجه صعوبات مع عدم تحمّل بعض الأجهزة الأمنية الأخرى مسؤولياتها في هذا الإطار، كرفض بعضها تسلم الموقوفين أو اطلاق آخرين سراً رغم ارتكاباتهم بذرائع واهية، إذ كانت أوقفت في بداية شباط الفائت في البقاع، مجموعة من النازحين فاق عددها 15 نازحاً لقيامهم بأعمال السرقة، وتسليمهم إلى أحد الأجهزة الذي عمل على إطلاقهم لاحقاً!

ولفت المصدر الى رفض الأمن العام أيضاً ترحيل الموقوفين بتهمة الدخول خلسة بعد الساعة الثانية، بحيث لا تتسع نظارة مركزه في محلة جوسيه الحدودية، لأكثر من 15 موقوفاً، لكن الأمر الأكثر صعوبة هو ترحيل الأمن العام من لديه البطاقة المدنية فقط، لذلك يعمد السوريون الى تلف بطاقاتهم المدنية لدى دخولهم الاراضي اللبنانية خلسة او حتى بشكل قانوني من أجل تفادي ترحيلهم، بحيث يكون بين هؤلاء عدد من المطلوبين الكبار بمذكرات توقيف لبنانية وسورية بجرم الإرهاب وغيره، ليشكل هذا الأمر صعوبة على عناصر المخابرات من أجل إدراك الإسماء الحقيقية للموقوفين، وخصوصاً ان معظمهم يعمد الى التحايل والتحدث باللهجة اللبنانية عند توقيفهم، لكي لا يجري التعرف على هويتهم السورية، مما يصعّب العمل ويتطلب وقتاً أطول لكشف هوية الموقوف. وهذا الأمر يشغل حيزاً كبيراً من جهود  الجيش في البقاع الشمالي، حيث تعمل وحداته تحت هذا الضغط وتكثف دورياتها على طول الطريق الدولية حمص – بعلبك.

كذلك يشدد مصدر نفسه على ما تعانيه القوى الأمنية في المنطقة من نقمة أهلية على الأجهزة الأمنية التي  غالباً ما تعمد عند توقيفها نازحين مطلوبين ضمن مركبات النقل العمومي، الى توقيف السائق أيضاً وحجز مركبته الى ان يجري التثبت من عدم تواطؤه في نقل الموقوف.

الزيارة الشهرية

ولا بد من الاشارة الى دخول عدد كبير من السوريين المقيمين في الداخل السوري الأراضي اللبنانية خلسة، شهرياً، للاستحصال على المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية التي تتولى اقناعهم بعدم العودة الى بلدهم، وان مساعداتهم لن تتوقف رغم علمها بوجودهم داخل الأراضي السورية!

وبين رفض “فتات” مساعدات الجهات المانحة وقبوله، لدعم المجالس البلدية حفاظاً على استمرار النزوح السوري الذي خرج عن اطاره الإنساني، مثلما أبلغ “النهار” العديد من المعنيين بهذا الملف الذي من شأنه ان يسقط أمنها الإجتماعي، فإن هذه البلديات قررت رفض أي تدخلات من أجل الإبقاء على أي نازح مخل بالأمن، كون أمن المنطقة “خطاً أحمر”.

Exit mobile version