كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
لم يقدّم أو يؤخّر إعتماد التوقيت الشتوي حتى منتصف نيسان، في شيء، ولم يخفّف عن المسلمين في صيامهم من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، بل صبّ القرار زيتاً على نار المشاكل وظهّر الطريقة التي تدار بها الأمور في وطنٍ يعيش على كفّ الإنهيار والإنفجار.
في جلسة الدقائق الخمس اتّخذ القرار بالإبقاء على التوقيت من دون تقديم الساعة كالمعتاد، وإعادة الناس إلى زمن التراشق الإعلامي والضغط على زناد العيش المشترك الذي اهتزّ بعقارب كادت أن تعيدنا إلى الوراء، ومعها إنقسم الشعب اللبناني بين مؤيّدٍ ومعارض، وتشريح القرار على طاولة الفائدة منه، والمشاكل التي يسبّبها في الأعمال والإلتزامات حسب التوقيت العالمي، والإرباك الذي سبّبه لطلاب المدارس خصوصاً بعد قرار وزير التربية إعتماد التوقيت الصيفي بخلاف قرار رئاسة الحكومة، ومعه ارتفعت صرخة الأهالي.
حالةً من الضياع شهدتها المؤسّسات الرسمية والتعليمية في بعلبك الهرمل بعد تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي والإنقسام الذي حصل، حيث التزم بعضها بالتوقيت الشتوي، وبدأت أخرى دوامها وفق التوقيت الصيفي، ومعها شهدت وسائل التواصل الإجتماعي إعتراضات على الطريقة التي تدار بها الأمور وتتّخذ فيها القرارات في وقتٍ يئنّ فيه الناس من وقع الأزمات الإقتصادية والمعيشية وسرقة ودائعهم، تضاف إليها موجة إنتقادات للرئيس نجيب ميقاتي في انصياعه للإملاءات، وسماعه اقتراح القرار كالتلميذ النجيب، في ظلّ الفراغ الذي تشهده الطائفة السنّية وغياب ضابط الإيقاع فيها، وكونه ممثّل الطائفة في المركز السنّي الأول في الدولة اللبنانية، وما سبّبه القرار من حالات استفزاز كان البلد بغنى عنها، فيما الوضع يحتاج إلى تدوير زوايا. واستشهد كُثر بفترة ولاية الرئيس تمام سلام وترؤسه الحكومة وإدارة الفراغ الرئاسي الذي امتدّ من عام 2014 حتى 2016، وحكمته في إدارة الأمور لحين إنتخاب رئيس للجمهورية، وعدم إثارة الخلافات واستفزاز أي مكون لبناني.
مفتي محافظة بعلبك – الهرمل الشيخ بكر الرفاعي أشار في حديث لـ»نداء الوطن» الى «أنّ التوقيت، سواء كان صيفياً أو شتوياً، لا يغير شيئاً بالنسبة للصائم، فصومه يبدأ عند آذان الفجر وينتهي عند آذان المغرب، والسؤال المطروح: لماذا حُمّل الصيام والمسلمون ذلك؟ فالموضوع متعلّق براحة الصائم بعد السحور وبالموظّفين وطلاب المدارس، أمّا ما عدا ذلك، فسواء تبدّلت أم تغيّرت الساعة لا مشكلة».
أضاف: «أمّا الزاوية الثانية فهي أنه كل 33 سنة يدور رمضان دورة كاملة على العام لذلك إذا عدنا إلى العام 1990 لوجدنا أنّ حكومة الرئيس سليم الحص وكان الرئيس ميشال عون رئيس حكومة انتقالية قد اتّخذت التدبير نفسه. والسؤال المطروح على كلّ شركاء الوطن، لنفترض جدلاً أنّ هذا القرار قد أشعر البعض وبطريقة خاطئة أنّه يؤثر على العلاقات المسيحية ـ الإسلامية أو له طابع إسلامي، هل تتمّ معالجة الأمور بهذه الطريقة؟ وللأصوات التي ارتفعت من الرموز الدينية المسيحية نسأل: إذا غداً اتّخذ قرار من مرجعية مسيحية معيّنة هل من حقّ المرجعية الدينية الإسلامية الردّ عليها؟ لذلك نحن دائماً نقول إنّ الرموز الدينية يجب أن تبقى بمنأى عن الصراعات القائمة، وأن تبقى خطوط التواصل وقنوات التفاهم مفتوحة، وإذا أخطأ السياسي نحن نصحّح له، بغضّ النظر من هذا السياسي وإلى أي طائفة انتمى».
وقال: «إنّ كلّ ذلك ترافق مع العيد الوطني للبشارة. وعليه، كلّ مسائل العيش المشترك والوحدة الوطنية والمحبة سقطت عند أول امتحان والوطن ليس بخير»، وختم سائلاً «بعد عودة التوقيت الصيفي هل لبنان أصبح في ركب الدول المتقدّمة؟ وهل سينهار الدولار أمام الليرة، وهل الكهرباء ستعود إلى طبيعتها؟ وهل ودائع الناس ستعود وستوزّع الخسائر بشكل عادل وتحلّ الأزمة الاقتصادية؟».