الانتخابات البلدية في بعلبك ـ الهرمل: المعارضة غائبة والنتائج شبه محسومة

كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،

يعلّق مصير الإنتخابات البلدية والإختيارية بعد تحديد وزارة الداخلية مواعيدها في المحافظات اللبنانية وفتح باب الترشيحات، على خشبة جلسة مجلس النواب والرهان على الكتل النيابية في المضي بإجرائها لا إرجائها، وقطع الطريق على تأويلات التمديد أو الفراغ، وما بينهما من مساوئ ومآسٍ تضرّ بالحياة الديمقراطية على حساب ضخّ الدم الجديد في الدورة التنموية.

حرّك وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي مياه الإستحقاق البلدي والإختياري الراكدة، فراحت أصوات الطبول الإنتخابية تُقرع في القرى والبلدات رغم هدوء حركة الأحزاب وبعض القوى السياسية، وتعاطيها مع الملفّ وكأنّه مؤجّل، في وقت يرتفع صوت التنديد بالتمديد الثاني إن حصل، بعدما تمّت دعوة الهيئات الناخبة وتحديد مواعيد الإنتخابات المقسّمة على 4 مراحل تبدأ بعد شهر في محافظة الشمال، وأرسلت وزارة الداخلية إلى المحافظات توزيع أقلام الإقتراع وإكتمال الإجراءات اللوجستية والإدارية. وعليه، تقوم المحافظات بعملها وفق ما يلزم وكأن الإنتخابات حاصلة غداً، ليبقى القرار عند السلطة السياسية والأحزاب التي تنقسم بين مطالب بإجرائها، وبين من يعلن أمام الجميع ضرورة إلتزام المواعيد والمهل الدستورية، وفي السرّ يعمل على التأجيل هرباً من التمويل والتكلفة والخسارة.

لم تكن تجربة المعارضة الشيعية في الإنتخابات النيابية الأخيرة مشجّعة، وذات علامةٍ فارقة في عدد الأصوات التي نالها أيٌ من المرشّحين لتعميمها على الإستحقاق البلدي في محافظة بعلبك الهرمل، وتشكيل مجموعة رأي وقوة ضاغطة ضمن البيئة البقاعية، حيث كان بعض المرشّحين نماذج لا تفي بغرض القاعدة الشعبية المعارضة، وإن إختلفت مقاربة الإستحقاقين والدخول في تشعّبات ومصالح العائلات والعشائر التي تعتبر أنّ المجالس البلدية شأنٌ خاص. لكنّ الثابت أنّ الثنائي الشيعي، يبسط سلطته على مختلف البلدات والقرى، ويُخرِجُ من داخل المنزل الواحد عندما تحتدم المنافسة مرشّحاً حزبياً منافساً لشقيقه غير المنتمي سياسياً لهما إن لزم الأمر.

وعليه، تقول مصادر متابعة لـ»نداء الوطن»: «فعلياً، لا توجد معارضة شيعية ضمن البقاع الشمالي تستطيع أن تخوض غمار الإنتخابات البلدية والإختيارية إن حصلت، ومرشّحو الإنتخابات النيابية على إختلافهم وتعدّد اللوائح التي كانوا ضمنها في وجه لائحة «حزب الله» وحلفائه، لا يصلون إلى مصافي المعارضة الموحّدة، إذ إنّ عدداً كبيراً منهم لم يتجاوز الألف صوت من مجموع ناخبي المحافظة (341293 ناخباً) موزّعة على البلدات والقرى، وحصلوا كذلك على بعض الأصوات من غير الطائفة، وتلك التجربة لا يمكن تعميمها على الإستحقاق البلدي».

وأضافت المصادر: «مقاربة الإنتخابات من الزاوية العائلية وحسن إدارة «حزب الله» لهذا الملفّ وإرضاء الجميع عبر تقسيم ولايات رئاسة المجالس البلدية والإتحادات يمتصّ النقمة الحاصلة، كذلك إدارة الأمور وفق منطق التسويات، إضافةً إلى حال البلد بشكلٍ عام وأوضاع البلديات المالية والعجز الذي يصيبها، ووقوف «الحزب» إلى جانبها في منطقة بعلبك الهرمل… كلها عوامل تدفع بالناس إلى التسليم ببقائها في عهدته، بالتزامن مع رفع الصوت والمطالبة بإختيار أشخاص كفوئين». وختمت المصادر أنّ «وضع بعلبك دقيقٌ جداً وتشكّل المدينة حالة استنثنائية في الإنتخابات، لكن تجمّع المعارضة على إختلاف المذاهب والطوائف وإختيار أشخاص لترؤس اللائحة المنافسة «للحزب» من الذين فشلوا في الإنتخابات النيابية وقد بان حجمهم الشعبي، عوامل تصب جميعها في مصلحة الأخير».

بدورها، مصادر محلية تشير إلى أنّ «حزب الله» يولي في هذه المرحلة الأوضاع المعيشية الأهمية أكثر من أي مرحلة سابقة، فيوزّع المساعدات العينية والنقدية في شهر رمضان على آلاف العائلات في مختلف المناطق البقاعية، فالأموال التي تصرف على الإنتخابات البلدية والإختيارية من الأولى أن تنفق على حاجات الناس في هذه الأوقات الصعبة والدقيقة. في المقابل، لا يخشى أن ينافسه أحد على أي بلدية أو إتحاد على مساحة محافظة بعلبك الهرمل، وكل ذلك لا يلغي أنّ «الحزب» على أتمّ الإستعداد لخوض الإستحقاق الإنتخابي بالتكافل والتضامن مع حلفائه لا سيما حركة «أمل» التي تحظى بعدد من البلديات، وتتشارك مع حليفها بأعضاء في مجالس بلدية أخرى، وهي على أتم الجهوزية في حال حصلت الإنتخابات.

وتشير المصادر أخيراً الى أنّ «الحديث عن رغبة الثنائي بتأجيل الإنتخابات مرتبط بالخوف من خروقات في مناطق أخرى غير محافظة بعلبك الهرمل».

Exit mobile version