كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
وضِعَتْ دار الفتوى في بعلبك الهرمل على سكّة المأسسة، وانصرف المفتي الشيخ بكر الرفاعي إلى ترتيبها بعد انتخابات المفتين التي جرت أواخر العام الفائت، وكانت المدماك الأساسي في إعادة تكوين المؤسسة الدينية على مساحة لبنان ككلّ، وتتفرّع منها هيكلة دور الإفتاء ضمن المناطق وخصوصاً تلك التي كانت شبه غائبة.
لم تأتِ خطوة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في إجراء إنتخابات مفتي المناطق من فراغ، بل كانت محطةً أساسية يعول عليها في لمّ شمل الطائفة السنّية بعد الفراغ الذي لحق بها، جرّاء غياب الرئيس سعد الحريري وتشتّت باقي القيادات، وعدم قدرتها على الوصول إلى مصافي قيادات عابرة للمناطق، فكانت الإنتخابات محطة مفصلية وبارقة أمل أن يكون مفتو المناطق المنتخبون صلة الوصل بين أبناء الطائفة والدار الأمّ، والجهة التي يمكن الولوج إليها كلّما دعت حاجة الإستحقاقات على إختلافها، وحاجة الناس إلى من يقف جنبهم ويمثّلهم وينقل صوتهم.
في هذا الزمن الصعب والأزمة التي تحيط باللبنانيين من مختلف جوانب حياتهم، وتضرّر أبناء الطائفة السنّية بشكل خاص لغياب الراعي الأساسي لهم والمعين، كان إنشاء صندوق الزكاة من قبل دار الفتوى في بعلبك الهرمل للوقوف إلى جانب الناس وحاجاتها والتخفيف من الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية التي لحقت بهم، وسدّ الفراغ السياسي والخدماتي من قبل المؤسسة الدينية التي تلعب دوراً متعدّد الجهات والتوجّهات في الوقت الحاضر، إضافةً إلى العمل على مأسسة دار الفتوى، وتقسيم الأدوار كلٌّ ضمن نطاق اختصاصه، فكان إنشاء مكتب التخطيط والتنسيق والتطوير الذي فتح باب السجال على مصراعيه في ما يخصّ النازحين السوريين، وقارب الملفّ من النواحي الأساسية، وكان نقطة إنطلاقة في الإضاءة على المشاكل التي ينتجها النزوح وتداعياته على المجتمع اللبناني، يضاف الى ذلك إنطلاقة صندوق الزكاة عبر الإفطار الأول الذي أقيم منذ يومين، والذي يؤمل منه أن يكون الشمعة التي تضيء طريق المحتاجين في المنطقة ويؤسّس لمشاريع تعمّ بالفائدة على الجميع.
مفتي بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي أكّد لـ»نداء الوطن» أنّ «الهدف اليوم هو الإنتقال بدار الفتوى من الشخصانية إلى المؤسّسة، وذلك عبر بناء مؤسّسة بكّل ما للكلمة من معنى، وأول ما بدأنا به تجهيز مركز لدار الفتوى وسط مدينة بعلبك، لأنّ الإفتاء كمركز لا يكون ضمن الحارات والأحياء، بل وسط المدينة قرب المحافظة والبلدية والإدارات العامة، لأنّنا جزء من ماضي وحاضر ومستقبل المدينة والمنطقة، وثانياً قمنا بإعداد الخرائط لإنشاء مركز للإفتاء في محلة قبة السعيدين يتضّمن دار افتاء، دائرة أوقاف، صندوق زكاة، مستوصفاً، وقاعة عامة».
وذكر الرفاعي «أنّ دار الإفتاء قامت كذلك بتحديد العقارات التابعة للأوقاف، وسحب الإفادات العقارية لها، ومعرفة ما لها وما عليها، إضافةً إلى الإهتمام بالجسم الديني ودعمه مالياً، كما أوجدنا لجنة لضبط التسيّب القائم فينا يخص المقابر والإشراف عليها، أما الخطوة الأهم فكانت إنشاء صندوق الزكاة في بعلبك الهرمل، والهدف منه تخفيف العبء عن مقام الإفتاء، حيث يتولّى مساعدة الناس وتقديم العون لهم في ظلّ هذه الأزمة الإقتصادية الخانقة بعد أن تتوفر لدينا الداتا بكافة المحتاجين من أرامل ومطلّقات وأيتام ومرضى»، خاتماً بأنّ «السعي هو لبناء مؤسسة بكل ما للكلمة من معنى».
من جهته، قال رئيس صندوق الزكاة في بعلبك الهرمل الأستاذ معزّز سكرية «إنّ المهام الأساسية للصندوق في هذه المرحلة هي مساعدة المحتاجين والأيتام وغيرهم، ولا نغفل الخطط المستقبلية للصندوق والتي نضعها نصب أعيننا ونطمح إليها، ومنها خلق مشاريع تؤمّن فرص عمل وتنتقل بالأفراد إلى تأمين مردود دائم بدل الإعتماد على المساعدة الموقّتة. والتوجّه نحو التعليم ومساعدة الطلاب والمدارس يقعان ضمن أهداف الصندوق، وذلك كلّه يعتمد على الأموال اللازمة له».