بيانٌ لمطرانيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك حول ملفّ النّازحين

رأت مطرانيّة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيّين الكاثوليك في بيانٍ، أنّ “لبنان شهد أخيراً نقاشات، ترافقت مع توزيع أرقامٍ صادمة، حول موضوع النازحين الذين لجأوا إليه، بعد اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، وبعد مراجعاتٍ واتصالاتٍ من الكثير من أبنائنا في زحلة والبقاع ولبنان والانتشار، نُعلن ما يلي:

1- يقوم العيشُ المشترك الذي تميّز به لبنان منذ إعلان دولة لبنان الكبير في زحلة في 1 أيلول عام 1920 على توازنات وتفاهمات وتسويات بين مختلف مكوناته. وأي إخلالٍ بهذه التوازنات والتفاهمات، يُمكن أن يُعرّض الوطن لمخاطر شتّى قد تكون مدمّرةً وقاتلة في ظل المشاريع والسياسات المرسومة لدول المنطقة، والتي كانت الحروب الأهليّة والدمار والتهجير مقدماتها العمليّة.

2- إستقبل لبنان عدداً كبيراً من النازحين الّذين تركوا ديارهم وأرزاقهم هرباً من أخطار الحرب ومآسيها، وقُدّمت لهؤلاء النازحين، بالتعاون مع الهيئات والمنظمات الدوليّة، الحماية والرعايّة الإنسانيّة وفق إمكاناته وقدراته.

3- رغم تطور الأوضاع في سوريا بشكل إيجابيّ، وانتهاء المعارك العسكريّة في أكثر من منطقة، استمرّ تدفُّق النازحين إلى لبنان على أيدي عصابات تهريبٍ منظّمة وبغطاء خارجيّ، واستمرت الهيئات الدولية وجمعيّات المجتمع المدني التي تهتمّ بأوضاعهم، في تسجيل النازحين الجدُد وإغداق المساعدات الماليّة والعينيّة عليهم من دون التّنسيق مع أجهزة الدولة اللبنانيّة.

4- في ظلّ تفكُّك وتحلُّل إدارات الدّولة بمختلف مؤسساتها، بعد الانتفاضة الشعبيّة في 17 تشرين الأوّل 2019، اتّسم توزع النازحين السوريّين على مختلف المناطق اللبنانيّة بالعشوائيّة والفوضى، وكثُرَت التعديات والسرقات والأعمال المخلة بالأمن على أيدي بعضهم، إضافةً إلى الضغط الكبير الذي بدأوا يُشكّلونه بمنافسة اللبنانيين في سوق العمل وعلى البنى الخدماتية، بينما لبنان يُعاني أزماتٍ اقتصاديّةً وماليّة ومعيشيّة ونقصاً في الكهرباء والمياه والتعليم والصحّة…

5- إنّ الأرقام المتداولة عن أعدادِ النازحين وعن نسبة الولادات المرتفعة لديهم، سبّبت قلقاً عميقاً لدى معظم اللبنانيّين. فلا يوجد بلد في العالم يُمكن أن يستقبلَ ما يُوازي أكثر من 50% من عددِ سكانه، بين لاجئين ونازحين، وأن يبقى على قيد الحياة. وإذا كان البعض، وهم من القلّة غير الواعية وغير المدركة لمخاطر هذه الظاهرة أو المستفيدة منها، يُراهنون على استعمالِ ورقة النازحين ديموغرافياً أو سياسياً أو إجتماعياً أو اقتصادياً أو أمنياً، فإنّهم يُخطِئون في رهاناتهم ولن يحصدوا نتيجة ذلك إلا الخيبات. ودروس التّاريخ كثيرة لمن يُريد أن يتعلم”. 

وتابع البيان: “إنطلاقاً من كلّ ما تقدّم، وتدارُكاً لعداواتٍ وإشكالاتٍ يُمكن أن تحدُثَ، نُناشد منظّمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدوليّ والدول الكبرى، وتحديداً الدول الأوروبيّة، والنواب والوزراء والوزارات والإدارات المختصة والأجهزة العسكريّة والأمنية والقضاء المختص المسارعة إلى اتّخاذ الاجراءات الاتية:

– إجراء مسح دقيق وشامل لغير اللبنانيين المقيمين على الأراضي اللبنانية، وتحديداً النازحين السوريين، للتعرف على كيفية دخولهم إلى لبنان ومبرّر وجودهم فيه.

– دعوة غير اللبنانيّين الموجودين في لبنان بقصد العمل، بمَن فيهم العمّال الموسميين في قطاعَي الزراعة والبناء وغيرهما، إلى قوننة وجودهم وعملهم في لبنان والتشديد على ضرورة التزامهم القوانينَ النّافذة الّتي ترعى شؤونهم، ودفع الضّرائب والرسوم المتوجّبة عليهم.

– بالنسبة إلى النازحين الذين دخلوا لبنان لأسبابٍ أمنية، ويُقيمون في مخيماتٍ، وترعى شؤونَهم الهيئاتُ والمنظّمات الدولية، من الضروريّ تسجيل أسمائهم في سجلات خاصة وفق القرارات التنظيمية تمهيداً لمساعدتهم على العودة إلى ديارهم وقد استقرّ الأمن في غالبيّة المناطق السورية.

ترحيل كل غير لبناني، بصرف النّظر عن جنسيّته، يقيم على الأراضي اللبنانيّة بطريقة غير شرعية ولا يملك أوراقاً ثبوتيّة، وتسليمه إلى سلطات بلاده.

– إتّخاذ الإجراءات القانونيّة والقضائيّة الصارمة بحقّ غير اللبنانيين الذين يرتكبون الجرائم والسرقات أو الذين يُمارسون أعمالاً مخلّة بالأمن والانتظام العام، وصولاً إلى طردهم إلى سلطات البلد الّذي ينتمون إليه تطبيقاً للاتفاقات والمعاهدات الدوليّة.

– دعوة البلديات إلى تطبيق الأنظمة لجهة إقامة غير اللبنانيين ضمن نطاق سلطتها”. 

وختم البيان: “إنّنا إذ نرفعُ الصّوت مجدداً لتدارك خطورة التّحديات الناتجة عن هذا الواقع الخطير الّذي لم يشهد لبنان له أي مثيل في تاريخه، ندعو إلى التّكامل بين أجهزة الدولة اللبنانية والبلديات وهيئات المجتمع المدنيّ والمواطنين لضرورة المعالجة المناسبة بمنتهى السرعة والجديّة لهذا الملف، لأنّ إهماله والتغاضي عن مخاطره سيترك جروحاً عميقةً في العلاقات بين الدول والشعوب التي لا يمكن تجاوزها ونسيانها.

Exit mobile version