“المفتي الغزاوي عن المصالحات العربية: إذا خيرنا بين أمرين سنختار أهون المفسدتين”

هنأ سماحة مفتي زحلة والبقاع الدكتور الشيخ علي الغزاوي اللبنانيين عموما والمسلمين خصوصا في عيد الأضحى المبارك سائلاً المولى عز وجل أن يكون عيد خير وسلامٍ على الأمة الإسلامية والعربية وذلك في خطبتي صلاة العيد والتي أقيمت في بلدة برالياس صلاة موحدة للجميع في ملعب البلدة.

 

ودعا المفتي الغزاوي بالتضحية في العيد المبارك وتقديم القرابين لله عز وجل ليعم الخير والعطاء في بلادنا بقوله: “كم الأضحية تُحيي مجتمعاً، وكما العطاء يُحيي مجتمعاً، كذلك نحتاج إلى موقف من كل فردٍ أن يكون مضحياً لله ليتبنى دين الله ولتكون كلمة الله هي العليا”.

وعن الوفاء والصبر قال: “إبراهيم الذي أمره الله أن يترك ولده وحيده الذي جاءه بعد كبرٍ أمره أن يتركه في أرض لا زرع ولا ضرع؛ ليقول به الرؤيا وليقصها عليه كان بإمكانه أن يذبحه نائماً أو أن يذبحه على حين غرة، ولكن إبراهيم لم يرد أن يسلم وحده، بل أراد من أسرته أن تستسلم لله وأن يكون ولده مع الله ملبياً لندائه إني أرى في المنام أني أذبحك قال يا أبتي افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين.

يا إبراهيم هذه أمة محمد ترد السلام عليك في صلاتها، وبين كل تكبيرة تزرع تلك الغراس التي أرسلت إلينا أن نكثر من قولها فكما كنت مكبراً عندما أمرت أن تذبح الولد، إبراهيم يريد أن يذبح، وإسماعيل يريد أن يُذبح والسكين من عادتها أن تذبج ولكن الله فداه بذبح عظيم”.

 

واستذكر سماحة العلامة الراحل الشيخ خليل الميس بقوله: “سمعت من سماحة المفتي الراحل العلامة الشيخ خليل الميس الذي كان خطيباً لكم في مثل هذا اليوم قال سماحته لا يوجد في الأرض كلها لا يوجد في الأرض كلها ما يثيب الله به إبراهيم ولما خلت الأرض من أمر يعطا لإبراهيم ثواباً أنزل الله كبشاً من الجنة ترعرع في الجنة ٤٠ عاماً حتى يكون ثواباً لإبراهيم”.

 

وفي استنهاض لطاقات المجتمع قال سماحته: “نريد من خلال عيدنا أن نتحمل مسؤولية الرسالة حتى نستنهض الجيل وألا ننتظر جيلاً جديداً يصنع لأمتنا عزاً. نحن أيها الإخوة ورثنا عزاً وعلينا أن نورث عزاً ورثنا مؤسسات وعلينا أن نحفظ المؤسسات، ورصنا ديناً وعلينا أن نورث أبنائنا هذا الدين ورثنا رسالةً وعلينا أن نتمسك بهذه الرسالة”.

 

وفي رسالة خاصة للشباب قال: “المعوقات بين أيديكم أيها الشباب كثيرة هناك من يصنع لكم لهواً وهناك من يصنع لكم رذيلةً وهناك من يصنع لكم مخدرات، وهناك من يصنع لكم لهواً عن قضايا أمتكم، أيها الشباب لا تخذلوا النبي، فكونوا على ما يريد النبي منكم وما تريد هذه الأمة منكم أيها الشباب إن نبيكم قال حالفني الشباب وخالفني الشيوخ أيها الشباب لا تجعلو من أنفسكم بين رذيلتين ديناً لا يطاق أو قلة دين لا تطاق، نحن نريد من شبابنا أن يعيشوا إسلامنا الواضح الصافي صفاء الماء الزلال وأن يعيشوا إسلام الشمس التي تطل على العباد حتى تكون حياة لهم وأن يعيشوا أمان الأوطان حتى يكون شبابنا رحمة للبلاد والعباد، من هؤلاء الشباب نريد أن نصنع جيل التغيير جيلاً يغير بحكوماتٍ لا ترعى شبابها وأمتها إلى حكومات ترعى مصالح البلاد والعباد. نحن وإياكم أيها الأخوه عشنا زمناً صعباً فأموالنا قد حبست أو سرقت وأرضنا التي استشهد الكثيرون من أجلها ها هي تباع وتوقع المواثيق بدل أن توقع مع فلسطين الغالية المحروسة التي بارك الله فيها ومن حولها إذا بها توقع مع العدو الصهيوني”.

 

وفي نداء لانتخاب رئيس للجمهورية نادى سماحة المفتي المسؤولين للإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية فقال: “أيها الإخوة باسم هذه الوجوه وباسم كل فرد في لبنان من مقيم ومغترب نقول للذين ؤتمنوا على البرلمان أن يعجلوا في انتخاب رئيسٍ حاكمٍ وليس محكوماً للأهواء، نعم إن الذي يؤجل انتخاب رئيس أن كل فريق يريد للرئيس أن يكون مطواعاً لهواه بدلاً أن يكون مطواعاً للدستور إن الدستور هو الذي ينبغي أن يحكم أن يحكم الرئيس القادم والذي يليه وأن يحمكم كل فردٍ في هذا الوطن. آن الأوان أن نخرج عن أهوائنا إلى القانون حتى يكون حكماً بيننا، آن الأوان أن نخرج من السلطة والتسلط إلى السلطة والحكم ومن التحكم والتسلط إاى القناعة والاحتكام إلى الدستور حتى نكون في وجه من أراد النيل من أسرنا”.

 

وفي تحذيره من النداءات التي تضرب مفهوم الأسرة قال: “نحن من خلال هذه الحياة وهذه الوضعية التي يعيشها بلدنا نخشا على أسرنا التي اليوم تقتحم تحت قوانين، تقتحم بلادنا بها حتى تخرب أسرنا وحتى ينال من أطفالنا وحتى تكون هذه البلاد غير متميزة عن بلاد الغرب الذي يعاني من تفكك الأسر ويعاني من الضياع ويعاني تحت إسم الحرية من ضياع البلاد والعباد، نحن أيها الإخوة من خلال هذه الهجمات التي تنفق على بعض الوجوه حتى يخربوا أسرنا نقول لهم مقولة ربنا في هذه الأموال فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون. نحن أيها الإخوة نريد وضع خطط لاستنهاض العقول فيما بقي في بلدنا ولاستعادة العقول التي هجرها الحكم من بلدنا”.

 

أما فيما يخص الخلل التعليمي الذي رافقنا خلال السنوات الماضية عبر سماحته عن ذلك قائلا: “نحن نعيش أيها الإخوة أكبر مأساةٍ يعشيها بلدنا تضيع العقول من خلال سنوات عجاف عاشها طلابنا أنصاف تعليم شهادات وترفيع تلقائي ثم بعد ذلك سنسلم جيلاً ليس عالماً حتى نسلمه وليس جاهلاً حتى نعلمه. لذلك نحن نريد العقل السليم في بلدنا حتى إذا ما خرجنا العقول إلى أهلنا العرب وإلى غيرهم نعيد لبنان إلى وضعيته الطبيعية”.

 

وفي دعوته للناس للتعالي عن الأنا والفرقة والتفرد: “إننا أيها الإخوة في يوم الأضحى سننحر شهواتنا وسننحر الفرقة بيننا وسننحر الضياع وسننحر الشتات، خذ العفوة وامر بالعرف وأعرض عن الجاهلين. إننا نقول لك أطع من أمرك الذي هو ربك، صل من قطعك، وأعطي من حرمك، وأحسن لمن أساء إليك. إننا أيها الإخوة ننادي كل مكلوم من أصيب بمصابٍ فليكن صابراً حتى يثيبه الله فإن الإيمان شكر وصبر”.

 

وفيما يتعلق بالمصالحات العربية والدولية أكد سماحة المفتي على أهمية تلك المصالحات رغم العض على الجرح فقال: “هذه المصالحات الدولية التي  يقوم بها أفراد من حكامنا على مستوى العربي غير العرب إننا نحمد هذه المصطلحات ونعض على الجرح في دماءٍ سالت هنا وهناك وإذا خيرنا بين أمرين سنختار أهون المفسدتين و لذلك إن الثورات التي لم تأتي كما أرادت بربيع ولكن أتت للأسف بزلزال ضيع العائلات وشتت الأسوأ من خلال سطوة أرضنا ومن خلال تفرقة وفرقة عاشتها بعض المجموعات فهدمت البيوت وشتت الأعراض وشتت الأفراد وشتت الأسر آن الأوان أن تعون بلادنا آمنة لنصنع خوفاً لعدونا”.

 

وأكمل حديثه ليؤكد أن كل سلاح لا يوجه للعدو الصهيوني هو سلاح مشبوه فقال: “كل سلاحٍ خارج أرض فلسطين اليوم أظن أن عليه إشارة استفهام وأما السلاح المحمود فهو الذي يواجه المحتل في أرض فلسطين نريد أيها الإخوة من عيدنا أن يكون عيداً لأمتنا؛ ألا فضحوا بكل غال ورخيص كما ضحى إبراهيم وأراد أن يضحي بولده ففداه الله”.

 

وختم سماحته بالشكر لعلماء برالياس وفعاليات برالياس ولكل من ساهم في هذا اللقاء الكبير قائلا: “أشكر كل من ساهم في هذا اللقاء، من إخواني أهل العلم ومن كل مؤسسة في هذه البلدة. نعم إن لحمتكم هي البداية في عزتنا وإن لحمتكم هي طريقنا حتى نستقبل طريق المفتي الراحل الشيخ خليل الميس عليه رحمه الله بكم ستحفظ مؤسساتنا وبكم ستعتز أجيالنا وبكم باذن الله سيستمر دربنا سنورث بكم جيلاً يعتز بتاريخه ويعتز بحاضره”.

Exit mobile version