كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن،
قبل أيام على الموعد الثالث المحدّد لتقديم وفضّ عروض إلتزام الخدمات الكهربائية في حدود نطاق امتياز زحلة سابقاً، وتحديداً يوم الأربعاء في 2 آب المقبل، لا مؤشرات نهائية حتى الآن على أنّ «الثالثة ستكون ثابتة». بل تحدثت المعلومات عن توجّه بدأ يتبلور لدى مؤسسة كهرباء لبنان لتأجيل الموعد مجدّداً حتى شهر أيلول المقبل، بانتظار تأكيد هذا التأجيل بكتاب رسمي يصدر عنها، ويفترض أن ينشر عبر منصّة هيئة الشراء العام، ويبيّن أسبابه، بعدما تذرّعت المؤسسة في كتابي التأجيل السابقين بتوسيع مروحة التنافس، الأمر الذي لن يبدو مقنعاً في هذا التأجيل الثالث إذا حصل فعلاً.
وفقاً لمعلومات «نداء الوطن»، هناك سبع شركات سحبت دفتر شروط الإلتزام حتى الآن. وفيما يفترض أن تفتح المهل الممدّدة شهية أطراف أخرى راغبة بهذا الإستثمار في خدمة الكهرباء المستقرة في زحلة ونطاقها، إلا أنّها لا تبدو وفقاً للمتابعين لمصلحة العارضين المحتملين، بالإضافة الى كونها تشرّع الأبواب أمام استثمارات غير زحلية، خلافاً لطول المرحلة التي كانت تدار فيها هذه الشركة «زحلياً»، بحيث كان أهالي المنطقة يعتبرون الشركة التي أسّسها أبناء المدينة على أكتافهم، «شركة زحلة»، وتمسّكوا بها كواحدة من الإنجازات التي جعلت المدينة تعتزّ بإستقلاليتها في إدارة شؤونها العامة والإنمائية منذ سنة 1923 وحتى تاريخ استرداد الإمتياز وفقاً لشروط إعطائه في سنة 2018.
وعليه، تعكس لامبالاة الرأي العام الزحلي بإطالة المهل المعطاة لإتمام المناقصة، عدم استعجالهم إنتقال إدارة هذه الشركة في ظلّ الظروف القائمة حالياً، حتى لو كان ذلك سيحمل معه، كما تؤكد أوساط العارضين المحتملين، تخفيضاً في أسعار فواتير الكهرباء.
لا داتا واضحة
وتؤكد أوساط إدارية في شركة كهرباء زحلة أنّ أي أرقام يقدّمها العارضون في المناقصة المطروحة، لن تكون مبنية على «داتا» واضحة ودقيقة بالنسبة لكميات الإنتاج المطلوب توفيرها خلال سبع سنوات من مهلة إمتداد التلزيم. إذ أنّه وفقاً لما تشرحه، فإنّ دفتر الشروط يفترض تغطية الشركة المتعهّدة لساعات التغذية الكهربائية في ساعات التقنين، بينما ليس هناك تقديرات واضحة وثابتة بالنسبة لساعات التغذية التي قد تتأمّن خلال سنوات الإلتزام، إذ قد تتوفر التغذية ساعتين وقد تتوفر 18 ساعة، فعلى أي أساس يفترض أن توضع الإستثمارات كي تستردّ خلال مهلة العقد المحدّدة بسبع سنوات؟
هذه التساؤلات، بالإضافة الى أخرى تتعلق بالتسعير على أساس صيرفة، وما إذا كانت هناك ضمانات حول استمرار هذه المنصّة بعملها خلال السنوات السبع المقبلة، طرحت وفقاً للمعلومات ضمن مهلة الإستيضاح المحدّدة للعارضين، إلا انها لم تجد إجابات واضحة.
هواجس الموظفين
وعدم الوضوح هذا شكّل سبباً من أسباب الهواجس التي يحملها موظفو الشركة، وقد اعتبرت أوساطها أنّ أيّ خضّة مالية في إدارة هذا القطاع ستسبّب إنهياراً سريعاً لكلّ المكتسبات التي حقّقتها زحلة على صعيد التغذية الكهربائية. هذه الأوساط تعكس المخاوف من أن يكون تخفيض الأسعار للفوز بالمناقصة على حساب الموظفين ومكتسباتهم التي حقّقوها من خلال إدارة شركة كهرباء زحلة الحالية.
وهذه المخاوف أثيرت من قبل عمال وموظّفي الشركة، عبر نقابتهم، في لقاء جمع وفداً منهم مع محامي مؤسسة كهرباء لبنان. ووفقاً للمعلومات، نقلت النقابة الى المؤسسة رفضها لـ»المجهول» الذي يقاد إليه موظفو الشركة، بعدما لمست عدم مراعاة دفتر الشروط لمكتسباتهم الوظيفية، والتعامل معهم كـ»عمود» من عواميد التغذية، يطلب نقله من إدارة إلى أخرى، من دون مناقشة حقوقهم كموظفين، أو يعطي لهم الضمانات بالإستقرار الوظيفي أولاً، وبالإمتيازات التي حصلوا عليها عبر شركة كهرباء زحلة، ولا سيّما على صعيد التقديمات الصحية والتربوية، وعلى صعيد تمتّعهم بكهرباء مجّانية في منازلهم.
طلبت النقابة، كما تؤكد، هذا الموعد مع مؤسسة كهرباء لبنان منذ أشهر، إلا أنّه لم يُحدّد سوى أخيراً، حيث طرحت خلال الإجتماع وفقاً لأوساطها إشكالية تعويضاتهم الوظيفية، وما سيفرضه إنتقال إدارة الشركة في حال فوز ملتزم جديد بالخدمات، من تصفية لحساباتهم في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، بينما هم يطالبون بضمّ سنوات العمل والحفاظ على تراكميتها أياً كانت الجهة التي تشغّلهم. وكانت النقطة الأبرز التي طالبوا بها تطبيق مرسوم إنتقال الإمتياز فوراً لجهة تحويل منشآت شركة الإمتياز كما موظفيها الى مؤسسة كهرباء لبنان. وبحسب المعلومات، فإنّ نقابة عمال ومستخدمي شركة كهرباء زحلة تنكبّ حالياً على إعداد مذكّرة خطّية بهذه المطالب وفقاً لما طلبه منها محامي المؤسسة.
تحرك غير بريء
إلا أنّ مصادر في أوساط العارضين المحتملين عبّرت عن توجّسها من تحرّك الموظفين في هذا التوقيت، معتبرة أنه قد لا يكون بريئاً من محاولة تأجيل جديدة لموعد المناقصة. هذا مع العلم أنّ مطلب التعديل في دفتر الشروط لم يكن محصوراً بالموظفين منذ إطلاق المناقصة، بل سبقته محاولة قبل إنتهاء مهلة فض العروض السابقة لتعديل نطاق تغطية الإمتياز، وهذا ما تبيّن أنّه يحتاج لقانون يصدر عن مجلس النواب.
لا تخفي أوساط نقابة موظفي الشركة بأنّها تفضل بقاء الحال على ما هي عليه، وخصوصاً في ظل الظروف الحالية للبلاد التي تجعل معظم المؤسسات على حافة الإنهيار، بينما الشركة لا تزال تؤدي واجبها بكل مسؤولية وبشكل مستقر. إلّا أنّها ترفض في المقابل أن يُنظر إلى مطالبتها بحقوقها كجزء من مخطط للتمديد لإدارة الشركة الحالية، وتؤكد أنها ليست طرفاً في أي مناكفات سائدة على صعيد العارضين المحليين، خصوصاً وأنّ مطلبها حفظ حقوق موظّفي الشركة تجاه جميع الأطراف، وبرأيها أنّ «الموظف الذي يحارب من أجل مستقبله لن يكون مهتماً ببضعة أسابيع من التمديد والتأجيل».
بالنسبة لأوساط الموظّفين «حقوقنا محفوظة مع الادارة القائمة وإذا أكملت نحن متأكّدون من حفظها، ولكننا غير واثقين من كونها ستحفظ مع الإدارة اللاحقة، وتحرّكنا هو لرفض الدخول في هذا المجهول». فالعارضون المعروفون من قبل هؤلاء مرفوضون، أمّا الإنتقال إلى إدارة العارضين غير المعروفين فستشكّل مغامرة لا يرغبون بخوضها من دون ضمانات. ولذلك يعتبر هؤلاء ضمانتهم في تطبيق مرسوم تحويلهم الى مؤسسة كهرباء لبنان.
مصير الموظفين والممتلكاتفي المقابل، تشرح هذه الأوساط «بأنّ موظّفي الشركة وممتلكاتها لم يكونوا موظفين رسميين ضمن ملاك الإدارة العامة للدولة، وإنما هم حصلوا على وظائفهم ومكتسباتهم من شركة كهرباء زحلة. وإذا كان القانون الذي منح الإمتياز ينصّ على استرداده من قبل الدولة، فإنّنا نخضع لشروط إسترداد الإمتياز، ولذلك نحن مستعدون لتحويلنا الى مؤسسة كهرباء لبنان كما سائر منشآت الشركة، ونصرّ على أن ينجز ذلك قبل إنجاز المناقصة، وفقاً لما ينصّ عليه القانون، حفظاً لحقوقنا».
ويتّفق هؤلاء مع نقابتهم بأنّ «دفتر شروط المناقصة لا يتضمّن شروطاً لحماية الموظّف من الصرف إذا قرّر المشغّل الجديد ذلك، وبالتالي فإنّ الضمانة الوحيدة للموظّفين في هذه الحالة هي في تحويلهم إلى مؤسسة كهرباء لبنان».
300 موظف وعامل
وبحسب المعلومات، تستخدم شركة كهرباء زحلة حالياً 300 موظّف وعامل ينتظمون جميعاً تحت غطاء نقابتهم. فيما ينص دفتر الشروط على إنتقال جميع الموظّفين الى المشغّل الجديد «بحيث تبقى علاقة العمل سارية بينهما إلى حين صدور مرسوم تحويل هؤلاء إلى مؤسسة كهرباء لبنان، على أن تتعهّد مؤسسة كهرباء لبنان بالطلب من وزارة الطاقة والمياه بموجب كتاب خطّي تضمين مرسوم التحويل أحكاماً تحافظ على حقوق هؤلاء العمال لجهة إدخال ذوي الحقّ منهم في ملاك المؤسسة».
إلا أنّ الشقّ الذي يعزّز هواجس الموظّفين من الدفتر في المقابل هو ما ينصّ عليه أيضاً حول «حقّ المشغّل خلال مدّة العقد وعلى مسؤوليته، بفصل أيّ من الموظّفين والعمّال الحاليين، وفقاً للقوانين السارية، من دون أن يؤثّر ذلك على سير الإستثمار أو حسن تنفيذ العقد، وجودة الخدمة المقدمة في النطاق الجغرافي، وله الحقّ في إستخدام العمّال والموظّفين المؤهّلين المطلوبين حسب ما يقتضيه حسن تسيير المرفق العام موضوع العقد، على ان يلتزم المشغّل بكافة القوانين والأنظمة المعمول بها في هذا الشأن، وخاصة قانون العمل والضمان الإجتماعي ويكون مسؤولا كصاحب عمل».
بالنسبة لمصادر الموظفين، ضمان الحقوق تجاه الصرف يكون بتحويلهم الى مؤسسة كهرباء لبنان، ويؤكدون أن ما يطالبون به يحفظ حقوقهم حتى تجاه الإدارة الحالية التي يمكن أن تفوز بالمناقصة، وبالتالي يعتبرون أنّه «إذا كان دفتر الشروط أمّن لأي متعهّد جديد لخدمات كهرباء زحلة «الإقلاع» بكادر من الموظفين الذين يملكون الخبرة، فإن لهذا ثمناً يحدّده الموظف نفسه، ولا يمكن إعتباره جزءاً من الممتلكات التي تنقل من مكان الى آخر من دون حتى مناقشتهم بشروط هذا الإنتقال وما إذا كانوا يقبلون بها أم لا».
سبع شركات متحمسة للمناقصة
وفقاً لمعلومات «نداء الوطن»، هناك سبع شركات سحبت دفتر شروط الإلتزام حتى الآن، وهي، الى جانب شركة كهرباء زحلة، شركة إيلي مخول التي تُعرف بصناعة الحفاضات وذكر أنّها قد تدخل المناقصة مع شركة صينية متخصّصة، شركة «تولميل كوربوريشن» التي يملكها المهندس أندره رزق الله وهو من الإداريين السابقين في شركة كهرباء زحلة، مؤسسة نقولا سروجي للتعهّدات، والفريقان الأخيران أنشآ وفقاً للمعلومات تحالفاً في ما بينهما بالتعاون مع مستثمرين خارجيين، شركة ترايكوم، شركة جلّاد، وشركة يونس بروس التي تقوم بإستيراد المولّدات وإدارتها.