كرّم نادي زحلة مونتريال رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم في ختام زيارته الى كندا، فأقام حفل استقبال وعشاء في مطعم سوليمير برعاية وحضور راعي ابرشية المخلص في مونتريال المطران ميلاد الجاويش شارك فيه عدد كبير من الجالية الزحلية في مونتريال الى جانب رئيس وأعضاء نادي زحلة مونتريال، وكانت مناسبة لشكر المطران ابراهيم على خدمته طيلة 18 عاماً راعياً لأبرشية المخلص في كندا.
جحا
افتتح اللقاء بكلمة ترحيب لأمين سر نادي زحلة مونتريال ايلي سكاف ومن ثم كلمة رئيس النادي طوني جحا الذي قال:
” أنا محظوظ، نعم انا محظوظ، وبالفمِ الملآن أقولُها فكيف لا وأنا عاصرتُ قامةً دينيةً رفيعةً كمثلِ سيادة المطران ابراهيم ابراهيم راعي نادينا ومرشِدَنا الروحيّ الابيّ.
نعم أنا محظوظ ، وكنتُ أحد َ شهودِ تسلم َّ الامانةِ من السلفِ الى الخلفِ راعينا وأبينا المطران ميلاد الجاويش الذي ومنذ استلامه المشعل أحاطنا بحنوِّه وعطفِه ويده ممدودة للخير والخدمة العامة.
نجتمع اليوم في مناسبةٍ غاليةٍ على قلوبِنا جميعاً ، مناسبة اجتماعِ علمين روحيين فرحت معنا الملائكة بلقائِهما ومباركة أمسيتنا اللطيفة بحضورهما، فيا سيادة المطران ابراهيم كنت وستبقى النور الذي أضاءِ ظُلمات ليالي غربِتِنا انت الذي لم تتردد لحظةً واحدة في مباركةِ نادينا، هذا النادي الذي جمع أبناء زحلة تحت لوائه وكان الحضنَ الدافئَ لهم في اغترابِهم وتغرّبِهم، ها انت اليوم بيننا، وكم نحن سعداء بهذه اللمة الحلوة، واذ أجدها مناسبةً لاقول مبارك لنا رعايـتك مديَنتنا زحلة والبقاع فهناك أهلنا وقومنا وكل من يحتاجُ حكمتك ودرايتك لتدبير الامور، فمن أفضل منك لمثل هذه الادارة، اما نحن ها هنا وبعد ان تمتّعنا لسنوات بحسنِ تدبيرك ومباركة نادينا وبيوتنا، ها نحن نسعدُ بالخَلفِ المطران ميلاد الجاويش الذي لطالما تعّلمنا من تواضعِه واحتضانِه الصغير فينا كما الكبير كيفية عيش الصلاة الربانية بالاعمال لا بالشفاه، نحن اليوم سعداء ايها الافاضل فقد كنا ولما نزل منكما نتعلم.”
واضاف ” نادي زحلة ايها الاخوة، لم ولن يكون الا الصورةَ المشرّفةَ لابناءِ منطقتِنا واهِلنا واحبتِنا، انه الجسر المتين الذي يربط الزحلي المغترب بأخيه المقيم، فمنذ تأسيسه والحلم كان قائماً على نسج نوع من شرنقةٍ ثقافيةٍ اجتماعية فيما بين بلدية مونتريال وبلدية زحلة، وها نحن اليوم وبعد كل هذه السنوات نقول، تحقق الحلم، وها هو التعاون يثمر اجتماعات واعمال وباذن الله لقاءات بما يفيد مصلحة بلدتنا زحلة الابية التي لا ولن تموت.”
الجاويش
راعي ابرشية المخلص في مونتريال سيادة المطران ميلاد الجاويش كانت له كلمة بالمناسبة جاء فيها:
” تحت فيء عيد الربّ وفي حنايا ثوب العذراء الراقدة، تبتهج أبرشيّتنا الملكيّة في كندا، أسقفًا وكهنةً ومؤمنين، في استقبال سيادة المطران إبراهيم مخايل إبراهيم، الذي شاءت العناية الإلهيّة أن تنقله من رعاية أبرشيّتنا العزيزة في كندا إلى رعاية أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع الغالية. الرسميّات تفرض علينا أن نرحّب بكم بيننا راعيًا سابقًا، لكنّ المحبّة الأخويّة تحثّنا على أن نستقبلك ربَّ البيت دائمًا أبدًا.”
واضاف ” أنتم، يا سيادة المطران الجزيلِ المحبّة، لكم في هذه الأرض المونترياليّة آثار غرّاء وأحبّة عزيزون، وجميعهم يشهدون على تفانيك في خدمة هذه الأرض وأهلها، وما محفلنا اليوم سوى دليل على ذلك. ها هم أبناؤك الزحليّون وأصدقاؤك الكثيرون مجتمعون حولك اليوم ينتظرون منك كلمة، تنقل لهم فيها أخبار الأرض-الأمّ/الأبرشيّة-الأم، التي أحبّوها وما زالوا يحملونها في قلوبهم وصلواتهم، لا بل في دموعهم. قُل لهم كلمة عن تعب الناس ورجاء الناس، عن السواعد التي لا تزال تعمل، والأفواه التي ما فتئت تتضرّع، والأفئدة التي ما نَضَبَ حنانُها، والقلوب التي تأبى أن تستسلم لليأس.”
وختم ” أُحيِّي نادي زحلة – مونتريال، بشخص رئيسه السيّد طوني جحا والهيئة الإدارية فيه، وهو الذي بادر ونظّم هذا العشاء، مجسّدًا بذلك النخوة الزحليّة الأصيلة. أبناءُ زحلة في مونتريال أعمدةُ جاليتنا الملكيّة ورجالُها الأشدّاء في المحبّة.”
ابراهيم
رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك سيادة المطران ابراهيم مخايل ابراهيم استهل كلمته بالدعوة للوقوف دقيقة صمت عن ارواح شهداء انفجار مرفأ بيروت، وشكر المنظمين على حفاوة ألإستقبال ونقل للحضور صورة عن اوضاع الأبرشية واوضاع زحلة ولبنان، وجاء في كلمته:
” صاحب السيادة المطران ميلاد الجاويش، راعي هذه الأبرشية الملكية الكندية الغالية، أخٌ أصغر ينشر في سينودُسِنا روحَ الشباب وحكمة الشيوخ. كندا مباركةٌ براعٍ يُحب قطيعَهُ والحُبُ خلاّقٌ وأعمالُ. متألقٌ بالروح، متوجٌ بالمعرفة، ينشرُ بين أبنائه عِطرَ المجد الملكي. أحبُّه دون حدود وأحترمه على عدد النجوم.
إخوتي الكهنة الأحباء الأفاضل: ربيع أبو زغيب، أنطوان سمعان، شربل راشد، تيودور زخور، والأخت جاكي أبي ناصيف،
حضرة السيد طوني جحا، رئيس نادي زحلة – مونتريال المحترم وسائر الأعضاء المحبوبين،
حضرات المسؤولين المدنيين والبلديين والحزبيين المحترمين،
أيتها الأخوات والإخوة الأعزاء،
أحبائي بالمسيح،
أدعوكم بداية، ونحن في ليلة ذكرى انفجار بيروت المأساوي، وهو وصمة عار على ضمير المجتمع الدولي، للوقوف دقيقةَ صمتٍ على نية الشهداء الذين سقطوا في مساحة الجريمة.”
وتابع ” أيها الأحباء،
أتيت إليكم والشوقُ يدفعني إلى وجوهٍ أنستني على مدى 18 عاما صعوبة المسير ووضعت أمامي الحُب في عيونٍ لم تملْ الجمال في القول والأعمال.
أحمل اليكم الليلة نسمات من هواء زحلة العليل، ونغمات من مياه بردونيها، وتراتيل من زقزقات عصافيرها، وخيوط من شمسها التي لا تغيب.
أحمل اليكم محبة لا توصف، وتحيات لا تحصى من اهل واقارب اشتاقوا اليكم واشتقتم اليهم. أحمل إليكم أفراح شعبنا الصامد في وجه الفساد والقهروالأحزان السعيدة، وأنّات الصامتين خوفا على كرامات لا تقبل التجريح والإهانة.
ويسألون من تكون زحلة؟
هي عروس البقاع حين تتألق بمفكريها، بشعرائها وبكَرْمَتِها.
هي أم البقاع عندما تعبث بترابه جحافلُ الشر، فترفع زحلة عينيها الى السماء وتلف ذراعيها زناراً من نار بوجه الغرباء.
متألقةٌ هي دائماً، مثلُ عروسٍ في يوم زفافها. تسنِدُ ظهرَها الى جبل صنين، وتتمددُ كحسناءٍ، رامقةً سهل البقاع حالمةً بمواعيدَ كثيرةٍ مع الفرح. هي مدينةٌ منفتحة على التطور مع دورة الحياة. تكبر ولا تشيخ. جيلٌ بعد جيلٍ يَهَبون لزحلة نبضاً جديداً ومخزوناً أكبر من الإبداعات الأدبية. تغنّى بها أهم الشعراء اللبنانيين والعرب. برع أبناؤها في شتى الميادين الفكرية، الثقافية والسياسية وساهموا في نشر صورةِ لبنان الحضارية في الوطن والمهجر.
مباركةٌ هي .. بكرمَتِها ونواقيسها التي لم تتكاسل ولم تصمت لا في الحرب ولا في السلم.
مرتفعةٌ هي .. مثلُ غيمةٍ على كفَّي سيدتها .. حارسةً التل، السهل والوادي.
منارةٌ هي .. تضيء اليابسة وتنير الجَـلَدَ كلما اشتد السواد. تصيحُ “ليكن نورٌ”، فتعلو الصلوات وتتضرع لـ “خالق السموات والأرض”.
لم اخطئ ابداً عندما اسميتها عروسَ الشرق وليس البقاع ولبنانَ فقط.”
وعن الأوضاع قال المطران ابراهيم ” وتسألون كيف زحلة اليوم؟ كيف يعيش اهلها وسط ازمات متتالية عصفت بلبنان لم يسلم منها كبير ولا صغير.
انا شهِدتُ على تعاونٍ قلّ نظيره بين الأهالي على مختلف انتماءاتهم، ولم اعرف مثله في مدينة لبنانية. وليس غريباً على اهل مدينة عُرفت بالنخوة والشجاعة ان يهبّوا الى مساندة بعضهم بعضاً، والتكاتف والتعاضد من اجل درء الأخطار عن مدينتهم وعائلاتهم. وشكلوا بهذا نموذجاً اعتمدته باقي المناطق اللبنانية.
” جمهورية زحلة ” اسم على مسمى، يحسدونها على كهرباء 24/24، على شوارع وطرقات نظيفة، على مياه تصل يومياً الى المشتركين، وغيرها من الخدمات وهذا اصبح اليوم امراً نادراً في لبنان، تنفرد فيه زحلة.
وهنا لا بد من التوقف طويلاً امام التواصل القائم بين الزحليين في زحلة والزحليين في بلاد الإنتشار، واحيي مواقفَكم النبيلة ومساهماتِكم السخية التي لولاها لما استطاع اهلكم الصمود، فقدّمتم كل انواع المساعدات الممكنة، من ادوية واغذية ومساهمات مالية تعبيراً عن وفاءكم ومحبتكم وتعلقكم بمدينتكم الأم، وخوفِكم عليها وعلى اهلها.
كما احيي الجمعيات والمؤسسات الزحلية التي عملت مع المحتاجين وتواصلت مع الإغتراب لتأمين ما يحتاجونه. هذه الجمعيات تعمل بشفافية مطلقة وتساهم بالتخفيف من وطأة الأزمة على الناس.
ارادةُ الزحليين بالحفاظِ على مدينتهم متألقةً، مشعّة ، عُنواناً للبطولة والشجاعة والنخوة، هي ارادةٌ صلبة محفورة قي عقول وقلوب الأجيال الصاعدة، هذه الإرادة اريدكم ان تعلِّموها لأولادكم في كندا ليبقوا على حُبِّ زحلة ولبنان، على تعلقهم بأرض الآباء والأجداد.
ولنعد الى زحلة الفرح، زحلة الجمال، زحلة مدينة التذوق العالمية، مدينة السياحة، التي تعج اليوم بأعداد كبيرة من السيّاح اللبنانيين والأجانب، يجولون في مقاهي البردوني، وصولاً الى فندق قادري الكبير، الى حديقة الشعراء” الممشية”، الى بولفار زحلة، سوق البلاط، مطرانية سيدة النجاة ومتحفها ومكتبتها، بيت الأب بشارة ابو مراد، مقام سيدة زحلة والبقاع، سيدة الزلزلة، القصر البلدي وصولاً الى الأحياء التاريخية في زحلة . هذه الأماكن اشتاقت اليكم والى سماع اخباركم على فِنجان قهوة على الصبحية، على ترويقة مناقيش او قصبة نية وكأس عرق، هذه العادات لا تموت طالما فيكم وفينا نبض يهتف باسم زحلة.”
وعن اوضاع الأبرشية قال سيادته ” اما في ما يتعلق بأوضاع ابرشيتنا المحبوبة المزروعة بيد الله، فنحن نسهر دائماً على تسيير الأمور بدراية وحكمة للوصول الى خدمة عادلة لجميع بناتنا وابنائنا. وهنا لا بد من توجيه شكر كبير الى الكهنة الذين يبذلون جهوداً مضاعفة ويقدمون تضحياتٍ كبيرةً لخدمة الرعايا، كما اشكر الجمعيات والمؤسسات العاملة في الأبرشية على سهرها الدائم في تقديم الخدمة والرعاية المميزة لمن يحتاجها.
والأهم هي مستشفى تل شيحا التي عادت منارة طبية على اعلى تلة في مدينة زحلة. وكما تعلمون فقد قمنا بتوقيع اتفاق تعاون مع مستشفى اوتيل ديو منذ ثمانية اشهر وفي فترة زمنية قياسية استطاعت المستشفى ان تقفُزَ خطواتٍ كبيرةً نحو استعادة دورها الريادي في المنطقة.
واستطعنا إعادة تشغيل العديد من المعدات الطبية التي كانت متوقفة واصبحنا نقدم خدمة مميزة للزحليين والبقاعيين.
وتل شيحا ليست فقط مركزا استشفائياً بل هي ذاكرة حيّة لكل زحلي، فكم من شخص بيننا الليلة ولد فيها، او تلقى عناية طبية فيها، او حتى فقد عزيزاً رقد بالرب فيها. تل شيحا هي زحلة مصغّرة، تحضن الجميع دون تمييز او تفرقة.
الى جانب تل شيحا هناك طاولة يوحنا الرحيم التي تقدم يومياً اكثر من الف وثلاثمئة وجبة طعام ساخنة مجانية للمحتاجين في المدينة، يعمل فيها عدد من الموظفين ويدعمها الكثير من المتطوعين، والمطعم يقدم خدمةً تُوِصلُ الأطباقَ الى المنازل في بعض القرى المجاورة للذين لا يستطيعون الحضور الى المطعم.”
وختم المطران ابراهيم” بعد كل ما تقدم اعلن جَهاراً امام الجميع واقول ” اؤمن بأن جميع المدن تَتَقَوْلَب في مساحات محددة، الا زحلة. تَعلَّمنا من آفاقها الثقافية ومن معاركها أنها مدينةٌ تجاوزت حدودَها ومساحتها لتكون رؤيا نستشرف منها لبنان الخالد في ايمانه بتاريخه وبإنسانه.
ويجب الا ننسى بأن زحلة مدينةٌ تُمسِكُ مصيرَها بيدها وتسير الى الأمام بخطوات ثابتة بفضل ابنائها المقيمين والمغتربين.”
ومع سعيد عقل أختم:
ومرَّتين عطياتِ الزمانِ هما / يشاؤنا نلتقي لا يَبخُلُ العُمرُ
على رُبى كَرمةٍ أو ضَفتي نهرٍ / لهُ الهديرُ الذي ما زال يَبتَكِرُ
أقول: خَلِّك في لبنان، مرتَعُها / تلك الطفولةُ نادى، والمنى كُثُرُ
يُحبنا النهر، يروي أن مَنبِتُنا في / حيثما نَبَتَ الشُجعانُ والشجرُ
وأن زَحلُ سماءٌ، بَعضُ أنجُمِها الشِعرُ، / الندى، الزنبقاتُ، النَخوةُ، الكِبًرُ
لها الفُتوحاتُ حيثُ الوُلدُ قد مَلكوا / لكنما العَرشُ حيثُ الأم تنتظرُ.”