الإضراب مستمرّ… وأهالي بعلبك على قارعة الإنتظار

بقلم عيسى يحيى،

يقف المواطن اليوم وقوف المتفرّج على انهيار الدولة وتلاشي مؤسّساتها، وينتظر حلّاً يضع البلاد على سكّة التعافي، ويبحث عن نافذة يطلّ من خلالها لإنجاز معاملاته المتوقّفة بسبب إضراب الموظفين في القطاع العام، والذي يتجدّد كل شهر من دون أي بارقة أمل.

لم يأتِ شهر آب بما هو جديد لحلحلة معضلة إضراب الموظفين في القطاع العام وإعادة فتح الدوائر الرسمية أمام المواطنين لتسيير أمورهم ومعاملاتهم التي تقف عند عتبة سمسارٍ من هنا أو مفتاح لدائرة حكومية من هناك يستطيع أن يجد لك الحل، وإن كانت كل الدروب الى الدائرة المعنية مقفلة. وفيما كان المواطن يتوقّع أن ينتهي الإضراب أواخر تموز، وفق ما كان محدّداً له، وأن تعود الدورة الوظيفية إلى نشاطها الطبيعي ويلتحق جميع الموظفين بمكاتبهم، أعلنت رابطة موظفي الإدارة العامة تمديد الإضراب حتى أوائل أيلول، بعدما لمست عدم تجاوب الدولة والحكومة مع مطالبها المحقّة.

إدارات رسمية مقفلة وأخرى تعمل على تسيير المعاملات الضرورية، هو واقع المؤسسات العامة في بعلبك- الهرمل التي تلتزم الإضراب، فيما تعمل أخرى على استيفاء رسومٍ ومبالغ مالية لإنجاز المعاملات من دون أي مسوّغٍ قانوني، وثمة أخرى تفتح أبوابها رفع عتب من دون أن تتمكّن من تلبية حاجات المواطنين بحجة انقطاع الكهرباء حيناً، وعدم توافر الأوراق، وغير ذلك، حيناً آخر.

لا يختلف حال الموظفين الذين يطالبون بتحسين رواتبهم والتقديمات الاجتماعية عن حال كثيرين من أبناء بعلبك- الهرمل الذين يقصدون مكاتب الجمعيات بحثاً عن إعانة أو مساعدة، وآخرين يقصدون مكاتب وزارة الشؤون الاجتماعية لعلّهم يحصلون على شيء، أو يضحك لهم الحظ فتشملهم البطاقة التمويلية أو تغطية الوزارة لعائلات تقبض شهرياً بدل تغذية عن كل فرد من أفراد الأسرة. وعليه، قصد ش. د. مكتب وزارة الشؤون الاجتماعية في دورس لتجديد بطاقة الإعاقة وهو مصاب بيديه، علماً أنه لم يستفد منها خلال المرحلة الماضية، ولتقديم طلب للبطاقة التمويلية أو بطاقة التغذية، لكنه اصطدم بعدم توافر الأوراق اللازمة للتجديد كون الإدارات والمؤسسات العامة تفتقر الى أدنى مقوّمات إنجاز المعاملات، وطلب منه الموظف أن يعود في وقت لاحق عسى أن تتأمّن الأوراق اللازمة لتجديد بطاقته.

على مقلب المديرية العامة للشؤون العقارية، تلتحق الدائرة في بعلبك برفيقاتها في مختلف المحافظات اللبنانية لجهة الإقفال بعد روائح الفساد التي انتشرت، والسمسرات التي كانت تحصل، ويسأل مئات المواطنين يومياً عن موعد عودة الموظفين الى العمل، فالكثيرون يحتاجون الى تسجيل معاملاتهم، كون فورة البناء التي تحصل في المنطقة، وعمليات البيع والشراء على أشدّها، وآخرون يطلبون إفادات عقارية، وهي الوحيدة التي يؤمّنها صاحب مكتب مقابل الدائرة رغم الإقفال، ولا تصدر إلا من النظام الأساسي للعقارية.

أكثر من شهر أمضاها ح. خ. ليتمكّن من إنجاز معاملة في تعاونية موظفي الدولة في بعلبك، لإتمام ملف والده الذي توفّي أخيراً، ويحتاج إلى مستندات ومعاملات كثيرة لكي يتسنّى للعائلة الاستفادة من الراتب التقاعدي، فإضراب الموظفين حال دون إتمامها، إضافة الى التكاليف المادية التي تكبّدها، وأوّلها إخراج القيد والبحث عن الطوابع، فإخراج القيد الإفرادي أو العائلي في دائرة نفوس بعلبك وفق قوله، أصبحت له تسعيرة، والموظف لا ينجزه إلا بمقابل. كذلك الأمر المخاتير الذين باتوا يعرفون التسعيرة، وعندما يقصدهم أحد المواطنين طلباً لإخراج قيد يجب أن يدفع ما لا يقل عن مليون ليرة.

هي عيّنة من مئات المعاملات لدى أبناء المنطقة المتوقّفة بسبب إضراب الموظفين العامين، فيما يفتح بعض الادارات كقصر عدل بعلبك ودائرة التربية وغيرها لتسيير أمور الناس وفق المستطاع، ويتناوب الموظفون في ما بينهم على الدوام الرسمي طيلة أيام الأسبوع، فيما يلتحق عدد آخر منهم بعمل خارج الإدارة الرسمية ليستطيع تأمين متطلبات العائلة والأولاد.

المصدر:نداء الوطن

 

 

Exit mobile version