معرض راشيا الفخار الحِرفي: إبداع مبهر

بقلم رمال جوني،

تنهمك أم شاكر عبد الله في إعداد دبس التين الذي يُعدّ أحد أبرز أصناف المونة في بلدة راشيا الفخار التي صنع أهلها ماركة تجارية للمونة البلدية المتنوعة.

مع انطلاق مواسم المونة، وتحديداً التين، تبدأ رحلة أم شاكر السبعينية في إعداد الدبس، وقد اعتادت صنعه منذ زمن طويل، كان رفيق السهرات الشتوية، والحلوى الصحّية في ذاكرة كبار السنّ، بالنظر إلى فوائده الصحّية الجمة فهو يحوي مضادات للسرطان كما انه مدرّ للبول ويقوّي جهاز المناعة.

منذ أيام وأم شاكر تحضّر للمشاركة في معرض راشيا الفخار الحرفي والفنّي، وقد نظّمته وزارة السياحة مع بلدية راشيا الفخار و»مؤسسة الخليل الاجتماعية». فدبس التين، كما غيره من سائر أصناف المونة، يحتلّ حيّزاً مهمّاً في البلدة التي تقع في أقصى جنوب شرق لبنان في أعلى سفوح جبل الشيخ، وتُعدّ مصيفاً طبيعياً ومنطقة سياحية، وشاء منظّمو المهرجان الحرفي والزراعي الأول، فتح البلدة على السياحة التراثية الحرفية التي تشتهر بها.

إلى جانب شهرتها بصناعة الفخار، وقد استمدّت اسمها منه، وفيها ثلاث محترفات لصناعة أجود أنواع الفخار، تشتهر بكنيستها التاريخية العتيقة التي تضمَ أجراساً تاريخية، إلى جانب شهرتها بصناعة النبيذ وخلّ العنب، ووصل صيت زيتونها إلى العالمية.

في المعرض الذي افترش مساحة واسعة من ساحة البلدة، وشارك فيه نواب المنطقة وفاعلياتها، وقوات الطوارئ الدولية عرض أبناء البلدة نتاجهم الفني والشعري والحرفي والتراثي، كل واحد قدم ما عنده من إبداع، أبهر الحضور. وكان الصابون البلدي حاضراً إلى جانب الفخاريات، وللنبيذ الرشاني حصة الأسد إلى جانب أصناف عديدة من الخل ودبس العنب التي تشتهر بها البلدة، فهي غنية بكروم العنب، وتنتج سنوياً حوالى 70 طناً منه، يدخل بعضه في صناعة النبيذ والخل.

كان لافتاً حضور العنصر الشاب، وقد اتخذ من الحرف اليدوية والمونة البلدية فرصة عمل له، ما يجمع الكل أننا دخلنا عصر الحرف اليدوية، كثير من سيدات البلدة بدأن صناعتها، يعتمدن على التسويق online وينتجن أنواعاً متعددة من الحلي و»الفوبيجو» والصابون والمونة. اللافت في المعرض حضور الحرف الخشبية التي تمتاز بها البلدة، ويعمل بها عدد من أبنائها، بعدما دخلت مجدداً إلى السوق وبقوة، ويتم إنتاج شتى أنواع الخشبيات المعدّة للمطبخ، إضافة إلى التحف الخشبية المميزة.

مما لا شك فيه أنّ الهدف من المعرض هو فتح نافذة سياحية قروية، والتأكيد على هوية البلدة السياحية. وبالطبع لم يغب الفخار عن المعرض، سجّل مشاركة لافتة لثلاثة حرفيين ما زالوا يمارسون حرفة الأجداد، قدّموا ما عندهم من نتاج فخاري، أسهمت المطاعم اليوم في تنشيطه، إذ تحول كثر من الأهالي نحو الفخار في إعداد الطعام وصحون الأكل، ما أعطى الحرفة فرصة جديدة للنهوض بعدما كانت على شفير الانقراض، بمعنى أدق كما يقول الحرفي جهاد أسبر «إنّ التحوّل نحو الأكل بالفخار نشّط عملهم، وزاد الطلب على نتاجهم الحرفي المميز».

المصدر:نداء الوطن

Exit mobile version