القرم يُجيب على سؤال ياسين حول الـA2P “إنشائياً”… يا خسارة ما كتبنا!

كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن،

تلقّى النائب ياسين ياسين جواباً من وزير الإتصالات جوني القرم، على سؤال توجّه به عبر مجلس النواب إلى حكومة تصريف الأعمال، ولا سيما رئيسها نجيب ميقاتي ووزير الإتصالات فيها، حول صفقتيْ تلزيم خدمة توزيع الرسائل النصّية القصيرة الواردة من التطبيقات لمشتركي شركتي الإتصال «ألفا» و»تاتش»، ويعرف بتطبيق (application to person) A2P.

يبدو أنّ الإجابة على ما كشف ياسين لم تأت بمستوى ردّ رسمي شاف، ولا هي بدت كافية لتبديد الشكوك التي أثارها حول حرمان خزينة الدولة من واردات «سهلة» بالـFRESH DOLLAR يمكن أن تتحقّق من خلال هذه الخدمة. بل اعتبرها ياسين «موضوع إنشاء» يفتقد للمستندات والمعلومات الرسمية، وخصوصاً في ما يتعلق بالصفقة التي أنجزتها تاتش من خارج قانون هيئة الشراء العام مع شركة INMOBILES.

وعليه، أثار ياسين مجدّداً الشبهات التي تناولها في سؤاله بمؤتمر صحافي عقده أمس في مجلس النواب. فكشف عن معلومات موثقة في مستندات رسمية حصل عليها بجهد شخصي، قال إنّها «تضع وزارة الإتصالات في موقع إدانة»، وأمل أن تتحرّك تجاهها الجهات الرقابية ولا سيما هيئة الشراء العام وديوان المحاسبة.

وكان سؤال ياسين الذي وجهه كنائب يملك سلطة رقابية على الحكومة وأعمالها، قد طالب بإيضاحات حول أسباب التخلّف حتى الآن عن تفعيل نتائج مزايدة التلزيم التي نظمتها شركة «ألفا» ورست على شركة VOX SOLUTIONS بمبلغ 17.9 مليون يورو عن ثلاث سنوات، وحول سبب التجزئة الذي لجأت إليه وزارة الإتصالات بين شركتي «تاتش» و»ألفا»، ومضيّها بجلسة تلزيم مع شركة «ألفا» بشكل منفصل، بمقابل التمسك بعقد «تاتش» مع INMOBILES، على رغم ما يتسبب به توقيع هذا العقد من حرمان لخزينة الدولة من إيرادات تصل إلى عشرة ملايين يورو خلال ثلاث سنوات.

إجابة بصفحتين

أما إجابة وزارة الإتصالات فقد جاءت في صفحتين من حجم A4، احداهما تضمّنت الإيضاحات المطلوبة حول صفقة «ألفا»، والثانية حول صفقة «تاتش». فأشار الجواب في ما يتعلق بصفقة «ألفا» مع VOX SOLUTIONS إلى أنّ نص العقد النهائي يخضع حالياً لإجراءات إدارية داخلية، علماً أنّ الشركة الفائزة تحتاج لمهلة ثلاثة أشهر لكي تصبح جاهزة تقنياً وفنياً. وفي هذه الأثناء، طلبت وزارة الإتصالات من «ألفا» إعتماد التعرفة التي على أساسها ربحت VOX SOLUTIONS المزايدة إبتداءً من 1 تموز الماضي.

أما في ما يتعلق بعقد «تاتش» مع INMOBILES فقد جاء في الردّ، أنّ هذا العقد لم يكن رضائياً بل تمّ التوصل إليه نتيجة مزايدة أجرتها «تاتش» قبل البدء بتنفيذ قانون هيئة الشراء العام، وقدّمت خلالها 10 شركات عروضها وقد تمت العملية تحت إشراف وزارة الإتصالات.

ولفتت الوزارة في ردّها أيضاً إلى أنها طلبت من شركة «تاتش» تطبيق شروط العقد التي تلزم المتعهد باعتماد السعر الأفضل، أي السعر الذي على أساسه ربحت VOX SOLUTIONS. ولم توضح الوزارة في المقابل ما إذا كانت قد ضمّنت إجمالي قيمة هذه الواردات في العقد كي يصبح رسمياً، الأمر الذي كشف ياسين في مؤتمره الصحافي أنه لم يحصل. في وقت ربط ردّ الوزير الفارق في مجموع الإيرادات لهذه الخدمة بين الشركتين بالرسائل غير الشرعية، التي ترد عبر شبكة «تاتش» والتي قالت إنها موضوع معالجة.

عملياً إذاً، لم يتسلّم ياسين من وزارة الإتصالات أي مستند رسمي، ولكنّه قال لـ»نداء الوطن»: «ليس مهماً، فنحن لدينا المعلومات بغضّ النظر عن إستلامنا المستندات الرسمية». ولكن بحسبه، «من المفترض أنّه عندما يسأل نائب في البرلمان يملك سلطة رقابية على الوزير والحكومة عن مسألة معينة تحوم حولها الشبهات، أن تقدّم الجهة المسؤولة إجابات واضحة، وأن ترفق إجاباتها بمستندات. فنحن لم نعد نقبل بأن تكون أي إجابة حول قضية تتعلق بمصلحة الناس وبخزينة الدولة، موضوعاً إنشائياً يحمل الكثير من التناقض».

ويشرح ياسين أنّ وزير الإتصالات لم يناقض نفسه فقط، وإنّما أدان نفسه، وذلك من خلال سبع نقاط تطرّق إليها ياسين أيضاً في مؤتمره الصحافي. فشرح أولاً أن «تاتش أطلقت المزايدة في شهر كانون الأول من سنة 2021 وتم توقيع العقد في شهر أيار من العام الجاري. أي بفارق زمني امتدّ نحو عام ونصف بين إجراء المزايدة وتوقيع العقد»، وهذا ما يدفع إلى التساؤل وفقاً لياسين عن الأسباب التي حالت دون توقيع العقد. معتبراً أنّ «هذا التأخير يعتبر غير مهني أو منطقي ويدفعنا للتساؤل: هل هناك مشكلة في هذه المزايدة؟ وإذا كانت هناك معوقات لماذا لم يشرحها الوزير في إجابته على سؤالنا».

خسارة 10 ملايين يورو

إلّا أن النقطة الأبرز التي استوقفت ياسين في ردّ وزير الإتصالات هي إصراره على كون عائدات «تاتش» عن كلّ SMS ستوازي تلك التي تتقاضاها «ألفا»، مقدّراً إياها بـ10.5 سنتات من اليورو، الأمر الذي أكد ياسين أنه غير صحيح، طبقاً لما تظهره المستندات الموجودة بين يديه. إذ أكد ياسين أن «عقد تاتش الموقّع حالياً والذي تخجل الوزارة من إبرازه لا يتضمّن أي رقم نهائي حول العائدات التي يفترض أن تحقّقها الدولة في نهاية هذه الصفقة، بينما الحسابات الدقيقة تظهر بأن هذه العائدات لن تتجاوز قيمة العقد التي حدّدت في نهاية العام 2021 أي 7.4 ملايين يورو في نهاية السنوات الثلاث. فيما قيمة عقد «ألفا» الذي وقع مع VOX SOLUTIONS تبلغ 17.9 مليون يورو، ما يتسبّب بخسارة تصل إلى 10 ملايين يورو من عائدات هذه الخدمة»، وذلك وفقاً لياسين «بحسب المعطيات التي قدّمها الوزير في إجابته».

وفي معرض متابعة كشف بعض معلوماته حول العقد الموقع مع «تاتش»، لفت ياسين إلى أنّ العقد ينص على أن «تاتش» بإمكانها أن ترفع تعرفة الـ SMS على INMOBILES متى شاءت ومن دون أي سقف، وهذا برأيه أمر يستدعي الإستغراب، لأن أي رجل أعمال عاقل لا يمكن أن يقبل بتوقيع مثل هذا العقد، وهذا برأي ياسين يمعن في إثارة الشكوك حول صفقات تجري تحت الطاولة.

ومن موقع الخبير بقضايا الإتصالات التي يقول إنها «ملعبه» يشرح ياسين لـ»نداء الوطن» أنه يفترض بأي عقد يوقّع في هذا المجال ان يذكر مسألتين. أولاً: القيمة الإجمالية التي ستدخل إلى الخزينة، وثانياً: الحدّ الأدنى من الرسائل النصية التي ستوزّع عبر الشبكة، بالإضافة أيضاً إلى تحديد تقدير منطقي للفائض المتوقع في أعداد هذه الرسائل.

واعتبر ياسين في المقابل أنّ ما تحدث عنه الوزير عن رسائل نصية غير شرعية يتلقّاها مشتركو «تاتش»، يشكّل إدانة مباشرة له، إذ كيف يجوز أن تتلقّى شبكة خاصة رسائل نصية غير شرعية، هذا فضلاً عن كونه لم يوضح حجم هذه الرسائل.

وتوقف بالتالي عند ما تحدث عنه وزير الإتصالات حول معوقات تحاول «تاتش» وضعها أمام الرسائل غير الشرعية عبر ما يسمى تقنية GREY ROUTE STOPPAGE وDPI فشرح ياسين أنّ الـ DPI وظيفتها معرفة المستخدمين على شبكة الانترنت وليس الـSMS وبالتالي لا يمكن للوزير إطلاق تقنيات لا خبرة لعموم الناس بها لإيهامهم بما هو غير موجود.

تواصل ياسين، كما قال، مع هيئة الشراء العام لحثها على دراسة هذا الملف، بالإضافة إلى تواصله مع الغرفة الثانية في ديوان المحاسبة التي قال إن لديه لقاءً مع رئيسها في الاسبوع المقبل. وبحسب معلومات «نداء الوطن»، فإنّ هيئة الشراء العام طلبت معلومات من شركة «تاتش» وقد أرسلت الأخيرة جزءاً منها، وقد بدأ عملياً التدقيق فيها وفي أرقامها وتواريخها، التي يفترض أن تبتّ في الجدل الحاصل حول هذه الصفقة.

Exit mobile version