المشهد بقاعاً: شبه توافق على إسمين

كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،

وقع التمديد لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الأسبوع الفائت على عجل، وقبل سنةٍ ونصف على انتهاء ولايته، ما يوحي أنّ الأزمات التي تعانيها الطائفة السنّية طويلة الأمد، فلا عودة قريبة لرئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، ولا بحث عن شخصية سياسية تجمع الجمهور السنّي تحت كنفها، والمطلوب أن تؤدي دار الفتوى في الوقت الحاضر دوراً سياسياً الى جانب دورها الديني برعاية مباشرة من المملكة العربية السعودية، كجمع النواب السنّة على رأي واحد، وتجميع الشتات في المناطق عبر مجلس شرعي يضمن تمثيل مختلف الفئات والتيارات.

وكل ذلك لا يتمّ الا بوجود المفتي دريان على رأس المؤسسة، وهو دور أشبه بالدور الذي كان يؤديه المفتي حسن خالد، خصوصاً بعدما رمت المملكة العربية السعودية الكرة في ملعبه، منذ اعتكاف الحريري، وتمنّت عليه قبل أشهر جمع النواب في دار الفتوى، من دون أن تتوالى الاجتماعات أو تنشأ عن اللقاء أمانة عامة تتابع الملفات. وظهر هذا الدور جلياً بالأمس خلال لقاء المبعوث الفرنسي في دارة السفير السعودي.

ويضاف الى ذلك عدم التوافق على شخصية المفتي المقبل، كما حصل إبان انتهاء ولاية المفتي السابق محمد رشيد قباني وانتخاب المفتي الحالي الشيخ عبد اللطيف دريان، وسط تلاقٍ سعودي مصري في حينها، وهو ما أكده الأمين العام لـ»تيار المستقبل» أحمد الحريري خلال أحد اللقاءات أنّ المُراد عدم الوقوع في فراغين سياسي وديني، وأن لا توافق على شخصية تحلّ محلّ المفتي الحالي، غامزاً من باب أحد «المرشحين الطبيعيين» للمنصب بأنه شخصية مستفزّة ولا يمكنه أن يؤدي هذا الدور.
وفي هذا السياق، تشير مصادر دينية لـ»نداء الوطن» إلى أن بعض المراجع الحكومية ظنّت أن إشارةً ستأتي من بعض الدول العربية الفاعلة في موضوع التمديد، ويبدو أنّ تلك الاشارات لم تعد تأتيها، فاستعجلت موقفاً وبياناً هاجمت فيه التمديد ووقفت ضده. وأضافت أنّ جوهر عملية التمديد هو أن الطائفة السنية في قلب العاصفة وتتعرض لأكثر من تحدٍ وعلى أكثر من مستوى بعد تعليق عمل «تيار المستقبل» السياسي، لا تستطيع أن تغامر بالاستحقاق الديني.

وبالعودة إلى مشهدية انتخابات المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى المزمع إجراؤها أوائل تشرين الأول، وبعد الانتهاء من تقديم الطلبات وإقفال باب الترشح، بتّت اللجنة القضائية في المجلس طلبات المرشحين الذين تقدّموا بطلباتهم عن سبع مناطق لاختيار 24عضواً، فيما يعيّن المفتي بعد الانتخابات 8 أعضاء يضمن من خلالهم ثلث أعضاء المجلس إلى جانبه. ففي بيروت التي تقدّم منها 32 مرشحاً يتنافسون على 8 مقاعد، قبلت طلبات 30 منهم ورفض طلبان، وفي عكار قُبلت طلبات 5 مرشحين من أصل 6 يتنافسون على مقعدٍ واحد، وفي طرابلس قبلت طلبات 20 مرشحاً من أصل 23 يتنافسون على 7 مقاعد، وفي جبل لبنان قبلت طلبات جميع من تقدّموا بطلباتهم وهم 4 لاختيار اثنين منهم، أما في صيدا فقبلت طلبات 4 مرشحين من أصل 5 يتنافسون على 3 مقاعد، وفي حاصبيا ومرجعيون قبلت طلبات 2 من أصل 3 يتنافسون على مقعدٍ واحد، أما في البقاع فقبلت طلبات 7 مرشحين من أصل 9 لاختيار اثنين منهم.

وفي البقاع الذي يضمّ ثلاث مناطق، هي: البقاع الغربي وراشيا، زحلة والبقاع الأوسط، وبعلبك الهرمل، تستعدّ الهيئة الناخبة التي تضمّ 110 ناخبين لاختيار عضوين، وضمن هذا الإطار عقدت الهيئة الناخبة في بعلبك الهرمل اجتماعاً منذ أيام في دار الفتوى برئاسة المفتي بكر الرفاعي للبحث في الخطوات المقبلة في هذا الاستحقاق، وضرورة التوافق من أجل إيصال نخب تستطيع أن تعبّر عن البقاع وأهله.
وأوضحت مصادر متابعة لـ»نداء الوطن» أنّ المشاورات اليوم تدور من أجل التوافق على مرشحَين من بين السبعة الذين قبلت طلباتهم، والذهاب بهما إلى الانتخابات أوائل الشهر المقبل بأعلى نسبةٍ من الأصوات، وأنّ النائب حسن مراد منذ إعلان عدد من المرشحين أسماءهم وقبل بتّ الطلبات، بدأ حملة تصريحات تعبّر عن نيته إسقاط مرشح «تيار المستقبل»، الأمر الذي فتح باب التفاهمات، وهو ما تؤكد عليه دار الفتوى الأمّ في بيروت بترجيح كفة التفاهمات لئلا يخرج أحد «زعلان».

وتضيف أنّ المشاورات تدور حول اسمين، الأول لـ»تيار المستقبل»، والثاني أشبه بمرشح «ملك» لا يستفزّ أحداً ويكون مقرّباً من النائب مراد، وهو ما يزكيّه المفتون في البقاع بمناطقه الثلاث، كون مراد أبدى استعداده ورغبته لدعم دور الفتوى. وحول الحيثية التمثيلية ضمن الهيئة الناخبة التي «يمون» عليها مراد، أشارت المصادر الى أنها لا تتعدّى العشرين ناخباً، وهو رقم لا يمكن لصاحبه أن يفاوض من خلاله على مرشح، لكن المصالح والتفاهمات تفرض واقعاً جديداً على الأرض. وعليه، ستتوجّه أغلبية الهيئة الناخبة نحو اسم يعتبره مراد مقرّباً منه، وآخر لـ»تيار المستقبل».

Exit mobile version