كتب ألان سركيس في نداء الوطن،
يُعمِّق ملفّ النزوح السوري أزمات لبنان، وكأنه ينقص هذا البلد الصغير المزيد من الخضّات. ويحاول الجيش اللبناني قدر الإمكان ضبط الحدود الشرقية والشمالية للتصدّي لموجات النزوح الجديدة. ويبقى الأساس غياب سلطة فعلية تُقارِب الملفّ ببُعده الحقيقي.
رفَع قائد الجيش العماد جوزاف عون الصوت عالياً، محذّراً من الخطر الوجودي الذي يطرق الأبواب. وإذا كانت وحدات الجيش المنتشرة على الحدود البقاعية والشمالية تقوم بالواجب، إلا أنّ المطلوب تكافل الشعب والجيش وكل أجهزة الدولة للحدّ من هذا الخطر الوجودي الداهم.
وتكشف معلومات أمنية لـ»نداء الوطن» عن قيام الجيش اللبناني منذ اندلاع موجة النزوح السوري الأخيرة بردّ أكثر من 10 آلاف نازح. ونجح حتى الساعة في السيطرة على العديد من حالات التسلل الجماعية التي تحصل عبر الحدود، لكن هذا الوضع لا يُبشّر بالخير، خصوصاً إذا ارتفعت وتيرة النزوح.
وإذا كان الجيش ينشر الوحدات على الحدود، إلّا أنّ مساحات شاسعة تبقى غير خاضعة لتغطية الأجهزة الأمنية الشرعية، وما يحصل هو أنّ الجيش يقفل المعابر غير الشرعية ويسيطر على نقاط يتمّ من خلالها تهريب النازحين، وبعد تضييق الخناق، يبتكر المهرّبون أساليب جديدة، ويجدون نقاطاً غير مغطاة أمنياً لتتمّ عبرها عمليات التهريب.
ويتّخذ الجيش اللبناني قراراً واضحاً بإعادة أي متسلّل مهما كانت حجته إلى بلاده. وهذا ينطبق على كل السوريين سواء أكانوا مدنيين أم مسلحين.
ويطرق الخطر الأمني أبواب لبنان بشدّة. والخطير هو حالات التسلّح التي تحصل داخل مخيّمات النزوح السوري.
وتكشف معلومات أمنية عن ارتفاع وتيرة التسلّح بشكل كبير ولافت، وهذا ما يبرّر كثافة المداهمات التي تنفّذها وحدات الجيش اللبناني. وتُسجّل هذا العام النسبة الكبرى لتوقيفات سوريين بتهمة حيازة الأسلحة متخطية كل سنوات الأزمة السورية.
وتكشف التحقيقات أنّ النسبة الكبرى من المسلحين توجد في مخيمات البقاع، ثم الشمال، وما يُطمئن حتى الساعة هو أنّ هذا التسلّح يحصل بشكل فردّي أو ضمن مجموعات صغيرة تستطيع القوى الأمنية حتى الساعة ضبطها. والموقوفون هم من نازحين يستوطنون لبنان بعد الأزمة. ولم ترصد الأجهزة دخولاً منظّماً أو وجود تنظيمات سورية عابرة للمخيّمات والمناطق.
ويظهر في التحقيقات توسّع نشاط بعض الذين أُلقي القبض عليهم، فهؤلاء يحاولون بناء شبكة أمان وتوسيع نشاطهم، والمضبوطات تتركّز بشكل أساسي على الأسلحة والمخدّرات. واللافت أنهم يُشغّلون لبنانيين معهم سواء في نقل الأسلحة أم تجارة المخدّرات. ويعمل الجيش اللبناني وبقية الأجهزة على ضرب تلك الشبكات ولا يوجد تساهل في الموضوع، لكن التحذيرات الأمنية من كل الأجهزة لا تبشّر بالخير، فهذه التنظيمات الفردية والتسلّح قد يتحوّلان إلى حالات منظّمة في أي وقت.
ويدخل وضع لبنان المتردّي اقتصادياً عاملاً مهماً في تفجير الوضع، وقد وصل بعض من كان يُصنّف نازحاً إلى مرحلة بات فيها أقوى من اللبناني اقتصادياً، وأي خضّة قد تجعل مخيّمات النازحين السوريين مخيّمات فلسطينية ثانية، فالأموال موجودة، والحدود مشرّعة والدولة تتحلّل، والأيدي الاستخبارية الأجنبية تلعب بالبلاد، لذلك تتجمّع كل عوامل التأزّم لتفجّر الوضع.
وإذا كان قائد الجيش وبقية قادة الأجهزة يلجأون حالياً إلى المعالجات الأمنية الصرف، إلا أنّ الأجهزة ستصل إلى مكان تعجز فيه عن ضبط الوضع نظراً للمهمات الملقاة على عاتقها وسط تردّي الأجواء السياسية والمالية.
من هنا، فالمعالجة السياسية حسب قادة الأجهزة تحتلّ الأولوية، وإلا فلبنان مقبل على وضع صعب جداً قد يصبح فيه النازح مالك البيت واللبناني ضيفاً عنده.