كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن،
لم يسلَم سجن زحلة للرجال من تداعيات محاولات التمرد التي تتكرر من قبل نزلائه بين الحين والآخر. فانتهت عملية تمرد جديدة وقعت داخل زنزاناته أمس إلى مقتل ثلاثة سجناء إختناقاً، بالإضافة الى إصابة عدد كبير من السجناء بحالات غثيان وإختناق، إستدعت خطورة بعضها نقل 15 سجيناً الى مستشفيات البقاع، بالإضافة الى نقل أحد حراس السجن الى المستشفى بعد تعرضه لإقفال أحد أبواب الزنزانات على يده.
شعلة «إنتفاضة» السجناء انطلقت وفقاً لمعلومات غير رسمية خلال عملية تفتيش، حيث تمّ إكتشاف محاولة لحفر نفق يؤمّن هروب السجناء إلى خارجه. فأضرم عدد من السجناء النيران، تعبيراً عن الغضب لإكتشاف مخططهم، مستخدمين وفقاً لمعلومات غير رسمية مواد مشتعلة، وهو ما أدّى الى تمدّدها على مساحة واسعة من السجن والى طابقه العلوي، لينبعث دخانها الأسود الى الخارج.
الإكتظاظ الذي يعانيه سجن زحلة الذي بني كسجن نموذجي منذ سنة 2010، صعّب مهمة القوى الأمنية المسؤولة عن حمايته، وهذا ما استدعى الإستعانة بقوة من عناصر مكافحة الشغب في الجيش اللبناني، وقد حضرت الى المكان وعملت على تفرقة النزلاء وإخلاء بعض المواقع التي تمدّدت إليها النيران، قبل أن تتولّى مهمّة إبعاد أهالي السجناء الذين تقاطروا الى المكان فور شيوع خبر إحتراق السجن وسقوط ضحايا فيه.
وفيما تحدّثت المعلومات عن محاولة إحتجاز أحد ضباط السجن في بداية عملية التمرّد، لم تكن التحقيقات التي تولّتها الشرطة العسكرية، قد سمحت حتى لحظة إعداد هذا التقرير بتحديد هوية من افتعل المشكل، وكيف تمكّن من توريط بعض السجناء، الذين أصيب عدد منهم بحالة هلع لدى إشتعال النيران، ما جعلهم في حالة هيجان، صعّبت مهمة فرق الإنقاذ.
في المقابل، استغرقت مهمّة الفرق الإنقاذية من صليب أحمر لبناني ودفاع مدني أكثر من ساعتين، عمل خلالها العناصر بظروف صعبة ومقلقة على إطفاء النيران، وتقديم الإسعافات الأولية في الداخل، بالإضافة الى نقل المصابين بحالات إختناق حرجة الى المستشفيات. في وقت أشاعت الإستعانة بسيارات الإسعاف من مختلف القطعات، ومن بعض الجمعيات الخاصة، حالة من الطوارئ في المكان.
وقد تابع هذه التفاصيل وزير الداخلية بسام مولوي، وقد حضر محافظ البقاع كمال أبو جوده موفداً من قبله، واستطلع واقع السجن بعد تطويق عمليات الشغب فيه، حيث ذُكر أنّ النيران قضت على أجزاء من زنزاناته، وأصبح هناك حاجة لإجلاء بعض نزلائه.
والمعلوم أنّ سجن زحلة للرجال بني كسجن نموذجي منذ سنة 2010.، وكان يفترض أن لا تتخطى قدرته الإستيعابية الـ400 سجين، إلا أنه حالياً يكتظّ بنحو 600 سجين، تقدّر مصادر في النيابة العامة الإستئنافية في البقاع أن يكون نصفهم من السوريين. ويتنوّع نزلاء هذا السجن بين سجناء خطيرين ومرتكبي جنح. وهو قد شهد حركات تمرّد سابقة، وهناك محاولات دائمة لإختراق جدرانه، إلا أنها كانت تنتهي عادة بتطويق الإشكالات وخنق التمرّد قبل أن تتمدّد أصداؤه الى الخارج.