بعد أربعة تأجيلات… إتجاه لتجميد مناقصة كهرباء زحلة

كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن،

بعد تأجيل إتمام مناقصة تلزيم الخدمات الكهربائية ضمن نطاق إمتياز زحلة السابق لأربع مرّات متتالية، ذكرت معلومات لـ»نداء الوطن» أنه قبل أيام من الموعد الخامس المحدد لفض العروض في 19 تشرين الأول الجاري، هناك توجه يناقش بجدية لإلغاء المناقصة في المرحلة الحالية، بإنتظار صدوره في قرار رسمي عن مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان خلال الساعات المقبلة، وإلا فتأجيل آخر.

قرار الإلغاء إذا اتّخذ، سيُبنى على توصية غير ملزمة صدرت عن هيئة الشراء العام نهاية الأسبوع الماضي. وهي توصية يبررها وفقاً للمعلومات، إخفاق مؤسسة كهرباء لبنان في اتخاذ سلسلة إجراءات عملية، أوصت بها الهيئة منذ إطلاق دفتر شروط المناقصة في شهر أذار الماضي، ولا سيما في ما يتعلق بإجراء دراسة اثر بيئي للمشروع، وصدور قانون واضح يسمح بإجراء مثل هذه المناقصة، والأهم جرد موجودات المؤسسة في نطاق الإلتزام، أي منشآتها التي يفترض أن تتسلمها من المشغّل الحالي بموجب محضر تسليم وإستلام، ويسمح إستردادها قبل إطلاق المناقصة، بتقديم عروض تتناسب مع حجمها.

بحسب المعلومات فإنّ التوجه لدى مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان قبل صدور توصية هيئة الشراء العام، كان لتأجيل المناقصة مجدداً، وذلك بذريعة أنّ المؤسسة لم تتلق إجابات من المؤسسات المعنية على كتب توجّهت بها إليها، للمضي في إجراءات جلسة فض العروض. وكانت المؤسسة كما بات معلوماً قد أرسلت كتباً إلى كل من مجلس الخدمة المدنية ووزارة البيئة، لتطلب رأي الأولى في كتاب عمّال ومستخدمي شركة كهرباء زحلة الذين يصرون على ضمّهم إلى مؤسسة كهرباء لبنان قبل إتمام المناقصة، والثانية للإستحصال على تغطية إدارية للمضي بالمناقصة من دون إجراء دراسة للأثر البيئي. هذا مع الإشارة إلى أنّ هيئة الشراء العام كانت قد أصّرت منذ البداية على إلزامية إجراء هذه الدراسة، وحمّلت المؤسسة مسؤولية المضي بالمناقصة من دون إجرائها، إلا أنّ الأخيرة لم تستفق لتحصين المناقصة بما تتطلبه من إجراءت سوى بعد ثلاث جولات تأجيل متتالية لجلسات فض العروض. بحسب المعلومات أيضاً، فإنّ اللقاء الذي طلبه مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان مع رئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان العلية لمناقشة التمديد الخامس، جاء محمّلاً هذه المرة بتعديلات إضافية على دفتر شروط المناقصة، وهي تعديلات ذُكر أنّها أساسية، وتشكّل بمضمونها دفتر شروط جديداً. إلا أنّ مصادر مطلعة تؤكد لـ»نداء الوطن» أنّه «حتى هذه التعديلات ليست كافية للوصول بالمناقصة إلى بر الأمان، ذلك لأنّه في إطلاق المناقصة ثغرة جوهرية تتمثل بعدم إسترداد المنشآت، وما يمكن أن يخلّفه من نزاعات إذا ما فاز بالمناقصة ملتزم غير المشغّل الحالي». هذا مع العلم أنّ مصادر مواكبة حذّرت تكراراً من هذه الثغرة وعواقبها، خصوصاً أنّ قسماً من الإنشاءات التي تشغّلها الشركة حالياً هي ملك لشركة كهرباء زحلة وليس المؤسسة، ولا سيما المولّدات التي تنتج الكهرباء في ساعات التقنين.
المفارقة أنّ هذه الإشكالية أيضاً كانت قد طرحت منذ بدايات إطلاق المناقصة، حيث شكك مدير عام الإستثمار السابق في مؤسسة كهرباء لبنان غسان بيضون في قانونية إجرائها، متسائلاً كيف يمكن للدولة أن تدعو إلى مناقصة لتلزيم منشىآت لا تملكها في الأساس. وعلى رغم الملاحظة الأساسية التي وضعتها هيئة الشراء العام على هذه الثغرة، لم تف المؤسسة بما التزمت به بشأن إسترداد الملكيات العامة قبل موعد الجلسة الاولى لفض العروض. لدى الإستفسار بشكل أوسع عن الأسباب التي تجعل المؤسسة تتخلف عن تطبيق هذا الموجب حتى الآن، تشير مصادر مطّلعة إلى تقاذف المسؤوليات بين كل من وزير الطاقة وليد فياض، ومدير عام مؤسسة كهرباء لبنان كمال الحايك. واللافت أنّه حتى الجهات الرقابية لم تتمكن من الإستحصال على إجابات واضحة وشفافة حول أسباب هذا التخلف. وهذا ما يشرع الباب أمام التشكيك في خلفياته، التي لا يستبعد معنيون بإجراء المناقصة من بينها «فرضية عدم الرغبة بإتمام هذه العملية في الأساس». ولكن بعيداً عن الخلفيات، تذكر مصادر في هيئة الشراء العام بأنّ المضي بمسار هذه المناقصة من تأجيل إلى آخر، أصبح مهزلة. وبالتالي فمن الأجدى في المرحلة الحالية إلغاءها، لإستكمال كافة الإجراءات التي يجب أن تسبقها، ومن ثم تحديد موعد لجلسة نهائية لإتمامها. وتعتبر المصادر أنّ التأجيل هو أفضل ما يمكن اللجوء إليه في المرحلة الحالية، حتى لمصلحة العارضين المحتملين الذين حجزوا أموال الكفالات المطلوبة ويتسبب التأجيل المستمر بخسارات لهم.
ليبقى السؤال المطروح ماذا بعد إلغاء المناقصة إذا تم: هل سيكون مقروناً بمهل نهائية على مؤسسة كهرباء لبنان الإلتزام بها لإنجاز ما قصّرت به منذ البداية، ولا سيما في ما يتعلق بدراسة الأثر البيئي وإسترداد المنشآت المنصوص عنه قانوناً منذ إنتهاء مرحلة الإمتيازات السابقة؟ أم أنّ ذلك سيكون المدخل لتكريس أمر واقع جديد على مستوى الإدارة المحلية لقطاع الكهرباء؟ وفي هذه الحالة، ما هو المخرج القانوني الذي سيتم إيجاده لإستمرار شركة كهرباء زحلة بإدارة القطاع في المرحلة الحالية؟ وما مدى إستعداد المشغل الحالي بظل واقع يفتقد لعامل الإستقرار، لتنفيذ تعهداته السابقة بإستثمارات مستدامة تحسن من واقع الخدمة وتقلص من كلفتها على جيوب المواطنين؟ هذا مع الإشارة إلى أن المناقصة التي أطلقت في زحلة، اعتبرت تجربة أولى كان يفترض أن يؤدي نجاحها إلى جذب الإستثمارات الخاصة في هذا القطاع وتعميمه على سائر المحافظات، فيما تعثّرها في زحلة من شأنه تحجيم طموحات لا تزال تنتظر منذ سنوات صدور القوانين والأنظمة التي تشرّع باب توفير الطاقة أمام الإستثمارات الخاصة.

Exit mobile version