المفتي الغزاوي: اشكر المطران ابراهيم على مواقفه مما يجري في غزة وفلسطين
زار رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم على رأس وفد من كهنة الأبرشية ضم الأرشمندريت عبدالله عاصي، القيّم العام الأب اليان ابو شعر، والآباء طوني رزق، ايليا عون وشربل راشد، مدير عام غرفة التجارة والصناعة والزراعة في زحلة والبقاع يوسف جحا، رئيس جمعية تجار زحلة زياد سعادة والمسؤول الإعلامي في الأبرشية خليل عاصي، دار الفتوى في أزهر البقاع حيث كان في استقبالهم مفتي زحلة والبقاع الشيخ الدكتور علي الغزاوي بحضور منسق تيار المستقبل في البقاع الأوسط، رئيس بلدية مجدل عنجر سعيد ياسين، والمشايخ عاصم الجراح، عبد الناصر الخطيب، ووسام عنّوز، وجرى عرض للأوضاع في المنطقة ولبنان، والأوضاع في فلسطين.
وكان للمطران ابراهيم كلمة قال فيها:
“نحن اليوم في قمّة الفرح لأن الأخ يزور أخاه، فالزيارة ليست بحاجة الى تبرير ولا أسباب. كلما اتينا الى هذه الدار نأتي انطلاقاً من الشوق، وبين الإخوة لا يوجد بروتوكولات لأي زيارة ممكن ان تحصل في اي وقت كان. من هذا المنطلق أقول لكم سماحة المفتي المحبوب، أنتم أخ عزيز، وأنتم لستم فقط سيد الأزهر لكن انتم ايضاً من أسياد هذه المنطقة، وعندما تأتون الى سيدة النجاة في زحلة فأنتم لستم زوّاراً، انتم من أهل هذه الدار وتأتون ساعة تشاؤون.”
واضاف” نحن منفتحون على بعضنا البعض خصوصاً في هذا الظرف الصعب، لأن التضامن المدعوون اليه هو اساسي في استنهاض الهمم وإنهاض النفوس الى مستوى هذه الأزمة لكي نواجهها بوحدة القلوب ووحدة الأفكار ووحدة الإرادات، وهكذا نكون عائلة واحدة كما نحن اليوم ونبقى على الدوام. نستطيع السير معاً نحو النور الذي ينتظرنا في آخر النفق.
صحيح ان لبنان يعيش ظلمة الأحداث التي تجري في قطاع غزة، ونحن نتضامن مع اخوتنا الفلسطينيين الذين يعانون من هذا العنف المفرط ضدهم، وهذا شيء لا يقبله الفكر ولا العقل ولا الضمير، والعالم ينتفض كما نرى وسينتفض أكثر إذا ما تمادى العنف ضد الفلسطينيين. هذه القضية العادلة هي قضيتنا لأننا شعب واحد وعائلة واحدة في هذه المنطقة، نسعى الى السلام، نريد ان يعيش الجميع بسلام وأن نبني الحاضر والمستقبل على حجر الزاوية الذي هو السلام، والسلام هو كنز الكنوز، وإذا حلّ السلام في هذه المنطقة ستكون المنطقة الأهم والأجمل في كل المسكونة. منطقتنا على كل ما تعانيه هي منطقة الحضارات والتقاء الأديان ونشأتها ونموّها عبر التاريخ، هي أرض مقدسة وأرض غالية ومنطقة رائعة ومنطقة متجلّية، وفيها حصل التجلّي، نحن نؤمن بأن الله يسكن ارضنا ويباركها ويبارك شعبنا ونفوسنا وافكارنا ونياتنا واراداتنا كي نبقى في مسيرة وحدة وتضامن وتكافل وتفاهم من اجل خير الإنسان لأن مبتغى الله الأول والأعظم هو خلاص الإنسان. عندما نقف امام الإنسان المتألم نقف وقفة احترام وتقدير وتضامن ووحدة، وكل من يسقي أحد اخوتنا هؤلاء الصغار كأس ماء بارد ينال الحياة الأبدية، فكم بالأحرى في هذه الأيام الصعبة، علينا ان نمد الذراع، ذراع العمل الاجتماعي والتعاون وخلق الفرص لأبنائنا كي يلغوا من عقولهم فكرة الهجرة.”
واضاف ” لأبنائنا نقول دائماً بأن الهجرة هي حلم زائف، ليس هناك أجمل من هذه البلاد التي اعطانا اياها الله. لبنان هو فعلاً جوهرة الهية اعطيت لأبنائه، وعلى ابنائه ان يعوا اهمية هذه الجوهرة ويحافظوا عليها بكل ما اوتوا من مواهب وقوة وذكاء، ونحن اليوم نعيش في عصر الذكاء ولو كان بعضه اصطناعياً، لكن هذا الذكاء يساعدنا في التعرف على ذاتنا قبل كل شيء وفوق كل شيء، هذا الذكاء هو ذكاء التأقلم الإيجابي مع الأوضاع التي نحن فيها كي ننتج عالماً افضل، عالم يعيش فيه كل انسان بحريته وكرامته ابتداءً من منطقتنا في البقاع الغالي وانطلاقاً من وطننا الأوسع من حدود الأوطان مجموعةً، لبنان على صغره، وان تعرّض لكل انواع القهر والعقوبات التي توضع على ابنائه مباشرةً او غير مباشرةً، كل ذلك لا يثني أيّاً منا عن التفكير والقناعة بأن لبنان هو امانة في اعناق اللبنانيين وهو جوهرة يجب التمسك بها.”
من ناحيته نوّه المفتي الغزاوي بمواقف المطران ابراهيم تجاه ما يجري في غزة وفلسطين ومما قال:
“يسعدني ان أرحب بسيادة المطران ابراهيم ابراهيم، وحيث اخذ اسم ابراهيم تكراراً وتأكيدا، وسيدنا ابراهيم الذي هو أب الأنبياء اتفقت عليه الملل وكان هذا الاتفاق ايضاً في محبة سيادة المطران في بقاعنا من خلال اطلالاته ومن خلال وسطية خطابه ومن خلال تواصله مع مجتمعنا ككل، ان كان في المؤسسات الدينية او المؤسسات الاجتماعية او في المؤسسات التجارية والصناعية حتى، فكانت هذه الإطلالات انما هي نوع تثبيت لأهل البلد في بلدهم وللمرابطة في بلادهم.”
وأضاف “نحن كما ورث ورثنا، وكما ورث الصلة بهذه المؤسسة في البقاع، ورثنا الصلة ايضاً من سماحة المفتي الميس عليه رحمة الله. من خلاله مع تواصله مع السادة المطارنة في بقاعنا العزيز، والتي اكّدت على ان هذا البقاع يعيش اهله كلّهم وكأن البقاع هو للكل كما الكل للبقاع، كحال نشيدنا الوطني ” كلنا للوطن”. ونحن في هذه الأيام التي يعيش فيها جزء من عالمنا العربي والإسلامي في هذه المأساة التي بدأت من احتلال ارضهم ومن تهجير الشعب الى ارض غير ارضهم، ونحن في لبنان نالنا من هذا العقاب الذي عوقب به الشعب الفلسطيني دون ان يعلم ما سبب عقابه فخرجوا من الأرض التي خرجوا اليها هي في ارضنا في لبنان، وكان من لبنان ما كان حتى في ابّان الحرب وفي ايام السلم، فلم يكن لبنان سالماً من هذه المظلمة التي ظُلم فيها اخواننا على ارض بيت المقدس وعلى ارض كنيسة القيامة، كنيسة المهد، وكل هذه الأماكن التي نعتبرها أمانة ً في اعناقنا، ليست امانة بمن يأتي من الغرب ليعيش في ارضنا دون ان يكون له فيها صلة انما هي امانة اهل الأرض في اعناق اهل الأرض.
من هنا هذه الإطلالات وهذه اللقاءات المتواصلة، ان كانت بسبب او بغير سبب، او كانت في بيت او مؤسسة لبعض الأحبة من المسلمين او المسيحيين، انما هي لقاءات تزيد في آصرة الحب والرحمة. فنحن بحاجة ان نفتح ابواب الرحمة لأن الرحمة تدل على الرحمة، الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.”
وتابع ” انا هنا اغتنم الفرصة لأشكر سيادة المطران ابراهيم الذي كان له أكثر من عظة واكثر من رسالة يقف فيها مع المظلوم في غزة وفي فلسطين، وهنا اشكره انا باسم اهلنا واخواننا على هذا الموقف المتكرر، انه يقف وهو المتمسك بالرحمة، يقف مع رحمة الأطفال ورحمة النساء ورحمة المشافي ورحمة المساجد ورحمة الفلسطينيين في فلسطين كلها. ولذلك هذه المواقف المتكررة من سيادتكم انما تدل على هذه الإنسانية التي ينبغي ان نتمسك بها جميعاً، فنحن ان كان من حيث الإنسانية ينبغي ان نرفع الصوت من اجلهم، وان كان بلسانٍ عربي، فهم عرب ونحن عرب، وان كانوا بحق الجوار فنحن الأقرب إليهم جواراً ومكاناً. ولذلك نشكر هذه المواقف منكم، وزيارتكم في هذه الأيام لعلّها من باب التأكيد ومن باب التأييد على ان المسار واحد وعلى اننا ينبغي ان نتمسك بهذه القيم التي ترفع مجتمعنا، فاذا كان هناك خطاب عبر الآلة فخطاب القلوب هو المقدّم، ويبقى القلب هو الذي يخاطب القلب وتبقى الحياة التي نعيشها معاً، ونجالس بعضنا بعضاً، نأكل من صحن واحد ومن تربةٍ واحدة، ويرى بعضنا بعضاً حتى نكون من خلال وجود بعضنا مع بعض يرانا الوطن واحداً نتمسك بمؤسساته.”
وختم المفتي الغزاوي “نريد من خلال وجودكم اليوم في هذه الدار التي هي دار الفتوى، دار الوطن، ان نعلن تمسكنا بإدارات مؤسساتنا ابتداء من رئاسة الجمهورية الى كل الإدارات، ونحيي كل قائمٍ في مكانه على قيام دولته. والحمدالله نحن كرجال دين ما تخلينا عن وطننا، وسيادتكم نموذجاً في الوقت الذي يسافر فيه الناس، انت جئت من الغرب واتيت الى بلدك لتخدم مجتمعك، فنحن نقول، حتى يبقى الوطن للجميع ينبغي ان تكتمل المؤسسات. نحيي كل انسان يقوم على خدمة بلده ومجتمعه من خلال القيام بوظيفته.
والى مزيد من التمسك بالوطن، والى مزيد من التمسك بأن كل مواطن ينتسب الى وطن حقه ان يعود الى وطنه مكرّماً، وحق المغتصب ان لا تكون له كرامة”.