رغم أنها في أقصى الشمال الشرقي، بعيداً مئات الكيلومترات عن الجبهة الجنوبية الملتهبة مع العدو، تُصنّف محافظة بعلبك – الهرمل من المناطق المستهدفة في حال شنّ العدو الإسرائيلي عدواناً واسعاً على لبنان، ما يجعلها جزءاً من خطة الطوارئ الحكومية في حال توسّع الحرب. فهل يمكن لبلديات تعيش على أعطيات المغتربين ودعم الأحزاب لدفع رواتب عمّالها أن تكون عِمَاد أي خطّة طوارئ حكومية ويدَها التنفيذية؟
تُجري لجنة الطوارئ الحكومية، المؤلفة من وزراء ومحافظين وموظفين إداريين، للمرة الأولى، «تمريناً» جيّداً على التفكير والتخطيط المُسبق لمواجهة تداعيات الحرب إن وقعت. ورغم أن هشاشة مؤسسات الدولة وأجهزتها أمر معروف، ولكنّ من حسنات هذا «التمرين» الذي تضمّن جردةً باحتياجات الوزارات وتقدير جهوزية البلديات وإمكانات الأجهزة وسواها من الجهات المعنية، أنه ظهّر بشكل فاضح أماكن العجز ومداه. وفيما تلعب بعض بلديات الجنوب دوراً، وإن بهوامش ضيقة، وسط أزمة محدودية الموارد، حسمت بلديات بعلبك – الهرمل عجزها عن لعب أي دور في ظلّ «صفر إمكانات» وفقاً لما أكّده رؤساء اتّحادات بلديات المنطقة في اجتماعٍ في غرفة إدارة الكوارث عُقد قبل أيام مع محافظ بعلبك بشير خضر وممثلين عن المنظمات الدولية.
انطلق النقاش من العناوين الأربعة التي وضعتها الحكومة (الإيواء والغذاء والمياه والصحة)، بهدف تقديم تصوّر عن قدرة كل اتّحاد على مواكبة المسار، وهو ما أثار حفيظة رؤساء الاتّحادات الذين اعتبروا أنّ الخطط «تُصاغ على المستوى الحكومي وتُرسل إلينا لتنفيذها، متجاهلةً تماماً واقع قدراتنا المعدومة». رئيس اتّحاد بلديات بعلبك، شفيق شحادة، أعطى مثالاً عن حالة الانهيار التي تعيشها بلديات المنطقة، لافتاً إلى أنّ «الاتّحاد يرزح تحت دين يقدّر بـ 7 مليارات ليرة لزوم رواتب ومصاريف تشغيلية، في حين تبلغ حصّته من الصندوق البلدي المستقل ملياراً ومئتي مليون ليرة سنوياً، لم يتقاضَ سوى نصفها». وأكّد أن «لا كوادر بشرية لدى البلديات يمكن الاتكال عليها لتنفيذ إجراءات خطة الطوارئ». إذ إنّ الأزمة الاقتصادية وعدم دفع مستحقّات الموظفين لمُدد طويلة، دفعتهم للبحث عن أعمال أخرى، وباتوا نادراً ما يداومون في مراكز البلديات.
وإلى غياب الكادر البشري، أثارت الاتّحادات مسألة النقص في أعداد الآليات المطلوبة، بسبب تعطّل قسم منها وعدم توافر إمكانات مادية لصيانته، أو لعدم وجود أنواع محددة من الآليات أساساً كتلك المخصصة لرفع الأنقاض، فضلاً عن معضلة تمويل التأمين لكميات من المحروقات لهذه الآليات التي يتوقّع استخدامها بشكل زائد في حال وقوع حرب. ويضاف إلى ذلك معضلة تأمين المياه في منطقة تعتمد على مياه الآبار الجوفية، وبشكل أساسي تلك العاملة على الطاقة الشمسية، ما يخلق تحدياً جديداً عشية بدء فصل الشتاء.
قد تكون الإيجابية الوحيدة التي أسفر عنها الاجتماع، إبداء اتّحاد بلديات دير الأحمر استعداده لاستقبال النازحين من المناطق المحيطة المتوقّع استهدافها. ونقل خضر انطباعاً أولياً يفيد بأن «لا إشكاليات على هذا الصعيد»، مشيراً إلى أنه تم إحصاء الأماكن التي تصلح لأن تكون مراكز إيواء من كنائس ومدارس ومنشآت عامة، «ولكنّ جميعها يلزمه تجهيزات تتعلق بالتدفئة، والوقود لزوم مولدات الكهرباء، فضلاً عن مستلزمات الإيواء من فرش وبطانيات، ومواد غذائية وحصص نظافة».
واللافت، كما في كل الاجتماعات التي تُشارك فيها المنظمات الدولية، هو عدم وضوح الأجوبة لهذه المنظمات عن إمكانية تقديم المساعدات ونوعها وحجمها.
النازحون السوريون… السؤال الصعب
أثار محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر مع مفوضية شؤون اللاجئين (UNHCR) مسألة مخيمات النازحين السوريين في المنطقة، مستفسراً عن الخطة التي وضعتها المفوضية لمساعدة السوريين المقيمين في قرى وبلدات مهددة بالقصف، فكان الجواب: «حيث ينزح اللبنانيون ينزح السوريون». علماً أن التعاميم الصادرة عن وزارة الداخلية تمنع البلديات من تسجيل أي نازح سوري جديد في القرى والبلدات. ما يصعّب عملياً إمكانية نزوح السوريين إلى عدد كبير من المناطق التي تعتبر آمنة. ويبقى السؤال عن وجهة السوريين وكيفية حمايتهم، من الأسئلة الصعبة التي لا تملك الدولة ولا الجهات الراعية أجوبة عنها.
(ندى أيوب- الاخبار)