كتب عيسى يحيى في نداء الوطن ،
وسط زحمة الملفّات والشغور الذي يطلّ برأسه على مواقع عسكرية وقضائية، ومنها مواقع للطائفة السنّية، تغيب المقاربات الجدّية والحلول من قبل نواب الطائفة، تاركين المبادرة على عاتق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ومفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان. يترك تشتّت الطائفة السنّية أثره على كل القضايا والتحديات، الأمر الذي انعكس تراجعاً للدور السنّي نظراً لتعدد المشارب السياسية والمرجعيات للنواب السنة، وانشاء تكتلات مناطقية لا تصل إلى مستوى الكتلة النيابية.
وأمام المشهد اليوم والخطر الداهم في الفراغ بقيادة الجيش اللبناني، وما يتبعه من شغور محتمل على المستويات العسكرية والقضائية، يسأل الكثيرون عن الموقف السنّي ممّا يجري في ظل تعدّد الأقطاب والتوجهات، وكيف تقارب دار الفتوى ومفتي الجمهورية هذه الملفات، لا سيما في ما خصّ قيادة الجيش وموقعي قيادة قوى الأمن الداخلي ومدعي عام التمييز؟ وهل القرار اليوم سنّياً بيد رئاسة الحكومة في التسميات التي تخص الطائفة، أم سيكون للدار كلمتها؟ وهل هناك استكمال لما بدأته دار الفتوى في اعادة جمع النواب السنّة على موقف موحد يبدأ من رئاسة الجمهورية وتنسحب على كافة الملفات؟
يقول مفتي بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي لـ»نداء الوطن» إنّ أحد عوامل إطالة الشغور هو غياب الرئيس سعد الحريري عن الساحة السياسية وقد أثبتت الأحداث أنّه الرقم الأصعب على مستوى الطائفة السنّية، وأبرز ما يدل على ذلك مجريات الإنتخابات النقابية وانتخابات المجلس الشرعي الإسلامي. ولذا علينا أن نسلّم، سواء كنا معه أو ضدّه، أنه لا يزال الرجل الآكثر تأثيراً في المعادلة الاسلامية السنّية. وبسبب غيابه وعدم وجود زعامة سنّية عابرة للمناطق، تحوّلت دار الفتوى تدريجياً مظلة وخيمة جامعة للكل من دون استثناء، وهناك اتفاق بين الجميع على الدور المحوري الذي يلعبه مفتي الجمهورية على الساحتين اللبنانية والعربية».
ويؤكد الرفاعي أنّ مفتي الجمهورية على تنسيق كامل مع رئيس الحكومة العامل ورؤساء الحكومات السابقين، وهو يتوخى الاستقرار الداخلي والحفاظ على التوازنات الداخلية والتأكيد الدائم على اتفاق الطائف، لذلك غالبية المراجعات أصبحت تتعلق بشخصه. وفي ما يتعلق بقيادة الجيش، يرى أنّ هذا الموقع مهم لأنّ المؤسسة العسكرية الأهم هي مؤسسة الجيش، وفي ظل الشغور المتمادي في عدة مواقع ابتداءً من رأس الهرم وامتداداً إلى مواقع اخرى، يبقى الجيش المؤسسة الأكثر ضمانة للبلد، وأثبت قائد الجيش حرفيته ووقوفه على مسافة وسط بين الجميع في ظل التعقيدات، كالنزوح السوري، والشغور الذي وقعت به البلد، والثورة التي اندلعت، كلها ملفات تدفع القوى السياسية إلى الإقرار بضرورة بقاء قائد الجيش في موقعه حتى يتم انتخاب رئيس للجمهورية، لأنّ من حق رئيس الجمهورية أن يعين قائد الجيش، والأمر الملفت هو السعي لوضع قائد الجيش ضمن تصنيفات معينة، وهو خارج تلك التصنيفات ولا يجوز مقارنته بغيره من العاملين في الحقل السياسي، حيث حافظت المؤسسة العسكرية على حرفيتها والكفاءة وهو ما برز في نتائج المدرسة الحربية».
والسؤال اليوم وفق الرفاعي هو «هل تريدون أن ننتهي من هذا الملف الذي يشكّل الخط الأكثر بياضاً ونصاعاً في كل الخطوط الموجودة في ساحتنا اليوم؟ وعليه، التمديد لقائد الجيش ضرورة وحاجة ويجب السعي إليه بقوة، ونحن اليوم في حالة طوارئ والبلد شبه مفكّك، وعلى أبواب حرب يمكن أن تتمدّد».
وحول المواقع الأخرى لا سيّما قيادة قوى الأمن الداخلي حيث يُحال اللواء عماد عثمان إلى التقاعد منتصف أيار المقبل، ومدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات أوائل آذار، يشير الرفاعي إلى أنّ «كل شيء مرهون بأوانه، والأمر الملح اليوم هو قيادة الجيش، وما يسري على قيادة الجيش ينسحب على المواقع الأخرى سواء كان تعييناً أو تمديداً، أما محاولة جمع النواب السنّة، فكل نائب له خياره وقراره وله خلفيته وانتماؤه، وعليه لجمعهم يبتغي ايجاد ساحة حوار دائمة، والإتفاق على نقاط ثابتة ومشتركة، وعناوين ينطلق منها الجميع».