كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
تغيب زينة الميلاد عن المدينة التي لا تغيب عنها
الشمس، ويختفي معها وهج العيد وبهجته، حتى أصبح جو مدينة بعلبك أشبه بوضع البلاد الباهت الذي لم يعد فيه للفرح مكان، تتكرّر فيه مشهدية الأيام التي يشبه بعضها بعضاً عند الناس ولسان حال الجميع متى الفرج؟
دفعت الأزمة الإقتصادية باللبنانيين للإستغناء عن الكثير من الأساسيات والطقوس التي كانوا يمارسونها سنوياً ضمن أجواء أعياد الميلاد ورأس السنة، وصار جلّ همهم تأمين أبسط مقومات حياتهم اليومية في ظل غلاء مستعر، يتآكل الرواتب والأجور، ولا يبقي جزءاً منها لتأمين مقومات الفرح الذي يتحسّرون عليه.
على مرّ سنوات، اعتاد أهالي مدينة بعلبك مسلمين ومسيحيين طقوساً تسبق عيد الميلاد، وزينةً تحاكي تاريخ المدينة المليء بالفرح وأجواء البهجة والسرور، يقصدون طوال شهر المغارة الميلادية التي كانت تقام في كنيسة سيدة المعونات قرب القلعة، وهي تجسّد آلام السيد المسيح ومعاناته وصولاً إلى الولادة، يتبرك بها الجميع، يلتقطون الصور، تغمر وجوههم البسمة، ويتلاقون جميعاً على حب المسيح وثوابت العيش المشترك.
وعلى مقلب الزينة، كانت ساحة المطران وأبنيتها الأثرية وما يعرف بحيّ المسيحيين المكان الذي يشعّ منه نور زينة الميلاد، حيث تجهد البلدية بالتعاون مع التجار والجمعيات إلى إضاءتها، إضافة إلى بركة رأس العين التي تحمل بين حنايا مياهها أحجاراً من قلعة بعلبك، وما بين المحلتين، الشوارع والمحال التي تتزين بشجرة الميلاد والأشرطة المضاءة، وكأن سوق بعلبك يرقص فرحاً وابتهاجاً بميلاد المخلص.
للعام الرابع على التوالي يختلف المشهد عمّا كان عليه سابقاً، لا زينة ولا أجواء ميلادية في مدينة بعلبك، الوضع يميل إلى الحزن، وكأن الفرح محرّم على اللبنانيين، وفي هذا الإطار قال رئيس اتحاد العطاء لنقابات التجارة في لبنان عامر الحج حسن لـ»نداء الوطن»: «عيدا الميلاد ورأس السنة في كل لبنان هما فرصة ومناسبة أساسية للأسواق التجارية وللبنانيين، ومنذ سنة 2019 وبسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار، حجبت معظم البلديات والاتحادات والمؤسسات التي كانت تهتم بالزينة تمويلها لتزيين المناطق، فيما أبقت المحلات الزينة على واجهاتها الداخلية، وارتبطت الحسومات على البضائع والملابس بالأعياد، وتصل عند البعض إلى 60 في المئة، وكل ذلك بسبب الوضع الاقتصادي الصعب».
كل ذلك، وفق الحج حسن، «لا يمنع الناس من أن يعايدوا بعضهم بعضاً، ولا يمنع طغيان جو الإلفة والمحبة، وتحريك عجلة السوق الاقتصادية، بحيث تنشط الحركة نوعاً ما في السوق التجارية، بعد جمود قوي، وفي النهاية المنطقة تعيش جو حرب من فلسطين إلى الجنوب إلى بعلبك، والناس تخاف تطوّر الأمور، لذلك تعمل على تأمين ما هو ضروري».
وأكد أنّ جمعية التجار في البقاع وفي بعلبك حاولت التزيين هذا العام «من دون أن تلقى صدى، فلا قدرة لبلدية بعلبك، كذلك اتحاد البلديات وجمعية التجار التي تجول على أصحاب المحال لتأمين المبلغ، ونحن لا نريد زينة ضعيفة، بل زينة تليق بالمناسبة، ففي السابق كانت الزينة تكلف بين 40 و50 ألف دولار، حيث كنا نزيّن ساحة المطران، وساحات بعلبك ومدخل المدينة وغيرها، على أمل أن تكون الأيام المقبلة أفضل».