“النافعة” أمام لجنة التقصّي بغياب سلّوم وعبد الغفور

كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن،

إستؤنفت أمس اجتماعات لجنة تقصّي الحقائق في عمل شركة INKRIPT المشغّلة لخدمات هيئة إدارة السير والمركبات المتعلّقة بمعاملات تسجيل السيّارات. وعقدت اللجنة المنبثقة عن لجنة الأشغال والطاقة والمياه النيابية، والتي يرأسها النائب إبرهيم منيمنة لقاءها الأول لسنة 2024، وسط ريبة أثارها تغيّب كلّ من رئيس مجلس إدارة هيئة السير ومديرها السابقين، إلى جانب غياب مفوّض الحكومة عن الجلسة، واقتصار حضورها إلى جانب رئيس وأعضاء اللجنة على كل من رئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان العلية، القاضي ناصيف ناصيف عن ديوان المحاسبة، ورئيس هيئة إدارة السير الحالي بالتكليف مروان عبود.

وفق المعلومات، كانت اللجنة حريصة على توجيه الدعوات لكل من رئيسة مجلس إدارة الهيئة منذ سنة 2014 هدى سلوم، ومدير الهيئة السابق أيمن عبد الغفور، اللذين لم تطو صفحة ملاحقتهما قضائياً بملف الفساد في النافعة. ولكن رغم سلوك القنوات الرسمية لضمان مشاركتهما في الجلسة، وتواصل رئيس اللجنة في الساعات الأخيرة مع وزير الداخلية للتأكيد على ذلك، لم يظهر أيّ منهما في جلسة أمس، وبرّرا ذلك أمام اللجنة بعدم تبلّغهما الدعوة. هذا الأمر بدا مريباً بالنسبة إلى منيمنة الذي أوضح لـ»نداء الوطن» أن «اللجنة لا تملك أدوات عملية تلزم المدعوّين بحضور جلساتها، ولكنها ستبحث في وسائل تصعيد بمواجهة هذا الغياب في الجلسات اللاحقة، أو أنها ستذكر بتقريرها الذي سيصدر مع اكتمال عملية تقصّي الحقائق عدم استجابة هؤلاء لدعوات الحضور أمام اللجنة، وهذا الأمر من شأنه أن يضع علامات استفهام إضافية».

في الأثناء، أوضح منيمنة أنّ اللجنة واصلت البحث في الثغرات التي سمحت لـ»إنكربت» بشلّ عمل النافعة لأكثر من ثلاثة أشهر حتى أيلول الماضي، وفي الحجج القانونية التي استندت إليها، والأدوات التي لجأت إليها. وبحسب منيمنة، فإنّ اللجنة توصّلت إلى قناعة بأن جزءاً أساسيّاً من التعطيل مرتبط بدفتر الشروط، وبعقد «إنكربت» الذي سمح لها باحتكار كلّ خدمات النافعة لنحو 18 سنة، وهيمنتها على أدوات التشغيل، من خلال حجب كلمات العبور إلى الخوادم عن موظّفي الهيئة، وعدم تدريب موظفيها على استخدامها. وهذا وفقاً لمنيمنة كبّل أيدي هيئة إدارة السير عندما قرّرت الشركة أن تعطّل أنظمة التشغيل، ولم يكن لديها أي خطة بديلة.

هذه القناعات جاءت وليدة تراكم المعلومات التي تمكّنت اللجنة من تقصّيها حتى الآن، وذلك بعدما زوّدتها هيئة الشراء العام ورئيسها العلية بتقارير هيئة إدارة المناقصات التي سجّلت اعتراضها منذ البداية على دفتر الشروط والمعايير غير المحايدة بالتقييم، حيث بيّنت الهيئة أنّ «إنكربت» لم تكن لديها الخبرات المطلوبة وكان هناك تجاوز للمعايير المطلوبة في ترسية عقد التلزيم عليها.

كما جمعت لجنة التقصّي جزءاً آخر من معلوماتها من ديوان المحاسبة، وقد أطلعها القاضي ناصيف على عناصر تقارير الديوان التي دانت سابقاً عملية التلزيم وحدّدت المسؤوليات حول المخالفات التي ارتكبت خلالها وما بعدها. وشخّص الديوان المشكلة من خلال عملية الدمج التي حصلت بين الخدمات المختلفة، والتي دمجت بدفتر شروط واحد، الأمر الذي سحب من الدولة القدرة على إدارة ولو بعض خدمات المرفق العام.

فيما أصبح واضحاً بالنسبة إلى لجنة التقصّي أنّ رئيس هيئة إدارة السير الحالي مروان عبود ورث الحمل الذي كبّل عمل الهيئة بأزمة مالية وإدارية، تسبّب في جزء منها التخلّي عن المسؤوليات بإدارة القطاع، بمقابل «التواطؤ» في منح «إنكربت» الصلاحيات الكاملة بالتحكّم بعمل الهيئة.

ولكن إذا لم تكن هناك خيارات متاحة أمام هيئة إدارة السير لفسخ عقد شركة «إنكربت» حالياً، يفترض في المقابل بحسب منيمنة «أن تبدأ الهيئة بوضع خطة لعملية إدارة المرفق بالمستقبل القريب، وأن تحدّد ما هو المطلوب، هل هو إعادة عملية التشغيل للدولة؟ أم تلزيمها لمشغل آخر؟ وعلى أي أساس؟ هل يجب تقسيم التلزيم إلى عقود مختلفة كما يفترض؟ وهذه تتطلّب خطّة، يحتاج إنجازها إلى موظفين وقدرات مالية». ولذلك يرى منيمنة أنّ الموضوع معقّد بغياب أدوات التحرّك. وبالتالي يبدي تفهّمه لكون رئيس الهيئة مروان عبود مستهلك بإدارة المرفق من دون فريق عمل وموظفين يتمتّعون بالخبرة اللازمة، في وقت لا يزال السماسرة يسرحون ويمرحون بأرجاء النافعة.

في المقابل كان يفترض أن يشارك عبود في جلسة لجنة التقصّي بمواجهة «طاقم الهيئة القديم» بالمعطيات التي توفّرت لديه حول الأسباب التي أقصت الهيئة عن خدماتها، أو أقلّه تقصيرها في مراقبة الشركة.

وقد بحثت الهيئة عن إجابات لأسئلة إضافية لديها، ومنها ما يتعلق بالأسباب التي حالت دون تدريب موظفي الهيئة على أنظمة تشغيل خدماتها، ومن دون أن يكون للهيئة منفذ إلى البرامج التي احتكرتها «إنكربت»، خصوصاً أنّ الأخيرة سينتهي عقدها، وبالتالي لا بدّ أن يكون للهيئة دور في تأمين استمرار تسيير المرفق ولو لمرحلة انتقالية، وفق العقد الإداري حسب منيمنة.

هذا مع العلم أن الإجابات التي ستتلقّاها اللجنة ستسمح لها بإنجاز تقرير يُطلع الرأي العام على العوامل التي سمحت لشركة «إنكربت» بتوظيف احتكارها خدمات النافعة في ابتزاز الدولة لتحصيل مكاسب إضافية، خصوصاً أنّ ما حصل في الأشهر الثلاثة التي سبقت شهر أيلول الماضي، كشف وفقاً لمنيمنة، أنّ الدولة اللبنانية لا تملك أيّ إمكانية للوصول إلى المعلومات التي تتعلّق بمواطنيها، وبكلّ ما يتعلق بقطاع إدارة السير. هذا في وقت تحاول لجنة التقصّي، التحقّق من صحة نقل «داتا» النافعة إلى أنظمة خارج لبنان. الأمر الذي قال منيمنة إنّه كان موضوع نقاش، وسيطلب من ممثّلي «إنكربت» توضيحه في الجلسة المقبلة.

Exit mobile version