كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
تقف البلديات على عتبة العام الجديد، وصناديقها مثقلة بالديون والعجز الذي لا تستطيع مستحقات الصندوق البلدي تغطيته، كما لا تستطيع جباية الرسوم في مناطق يولي سكانها الأهمية للحياة المعيشية، على تسديد الرسوم المفروضة عليهم.
انعكست الأزمة المالية والاقتصادية تراجعاً في أداء البلديات وتقديمها الخدمات المطلوبة منها، وشهد بعضها إفلاساً، وأخرى إنحلالاً إثر استقالات أعضائها. وما بين الحالتين بلدياتٌ كثيرة لا تزال تفتح أبوابها للقيام بالإجراءات الادارية الروتينية لا أكثر، فلا قدرة لها على تقديم ما يطلبه المواطنون والمصلحة العامة، والعجز المالي الذي أصابها بلغ حدّ عدم القدرة على دفع رواتب الأجراء والموظفين، أو القيام بأعمال جمع النفايات من الشوارع وإصلاح أعطال المياه والصرف الصحي.
ومع بداية العام الجديد، وقبل أشهر من الموعد المفترض لإجراء الاستحقاق البلدي بعد تأجيله دورتين متتاليتين، تواجه البلديات عوائق مالية وصعوبات، هي نتاج تراكم أربع سنوات مضت، ومعها يطرح السؤال الأهم: ما الجدوى من اجراء الانتخابات في موعدها في ظل ما تعانيه البلديات؟ ومن سيحمل تركة ديون لا يعرف كيف سيسدّدها؟ والأهم هو خضوع البلديات لقانون الشراء العام الذي يكبّل رئيس المجلس البلدي الذي أصبح مقيّداً وفق معايير. وهل تغيب الكفاءات عن المشهد الانتخابي بفعل الانهيار الذي يصيب البلديات وعملها؟
رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر جان فخري قال لـ»نداء الوطن» إنّ «الصعوبات المالية التي تواجهها البلديات هي الأساس، وتنتج منها الصعوبات الأخرى لناحية تلبية الحاجات من جمع نفايات وإصلاح بنى تحتية، فالبلديات أصبحت تهتم بأعطال الكهرباء والمياه، وأصبحت أيضاً عاملاً مساعداً في الحقل الاجتماعي والغذائي. في المقابل، ما تحصل عليه البلديات من الصندوق البلدي المستقل لا يشكل شيئاً، ولا يغطي أكثر من شهر من السنة، ومعظم البلديات عليها ديون لمحطات المحروقات وللموظفين، والسؤال كيف تستطيع البلديات إيفاء تلك الديون؟».
وأضاف «معظم البلديات لا تستطيع أن تكمل، ففي بعض الاتحادات يقدم رؤساء البلديات دعماً شخصياً لابقاء البلدية مفتوحة أمام المواطنين، وقد وصلنا إلى الخط الأحمر. رأينا تداعيات تلك الأزمة وقد ترجمت استقالات وبلديات منحلّة، ولكننا سنرى مطلع هذا العام فرط عقد بلديات إضافية، ومن الصعب أن تصمد البلديات حتى مطلع أيار، فهناك بلديات كبرى انحلت، فكيف بالصغرى التي لا تستطيع أن تكمل؟ والمعيار هو البلديات الكبرى». وتابع: «الأزمة انعكست أيضاً في عدم التزام الموظفين الدوام، وانهاك كامل لقطاع البلديات وصولاً إلى الانهيار، ويبقى أن يتحسن مردودها من الصندوق البلدي، بما يتناسب وسعر الصرف لتتمكّن من الصمود».
بدوره، عدّد رئيس اتحاد بلديات بعلبك شفيق شحادة أبرز التحديات التي تواجه البلديات والاتحادات ومن أبرزها عدم قدرتها على تأمين رواتب الموظفين بحسب التعاميم الصادرة عن الحكومة ووزارة العمل استناداً إلى سلسلة الرتب والرواتب والزيادات على الرواتب، وذلك كله لا يتناسب والمستحقات من الصندوق البلدي المستقل ولا تزال على سعر صرف 1500 ليرة، ناهيك عن مستحقات الموظفين الصحية والاجتماعية والمدارس، التي كانت تدفعها البلديات سابقاً، وهي الآن دين على تلك البلديات للموظفين منذ أربع سنوات، وفي وقت أصبح سعر الصرف الدولار الرسمي 15,000 ليرة عام 2022 من المفترض أن تقبض البلديات مستحقّات تلك السنة على هذا السعر عام 2024، ولكن لا نعلم من يبتّ ويقرّر ذلك، وعليه لا مشاريع تخططها البلديات في هذا العام في ظل الأزمة المالية الحالية، من صيانة أو تأهيل وغير ذلك، وجلّ ما تقوم به تأمين ما تستطيع من رواتب الموظفين». وأضاف «الدولة لم تعطِ البلديات مجالاً لتعديل بدل الرسوم التي تتقاضاها، بل تركت ذلك لكل بلدية وهو الأمر الذي يصطدم بطعنٍ قد يقدمه أحدهم وينسف الرسم الذي حدّدته البلدية، كذلك الأمر فإنّ الإزدواجية في التعامل وغياب وحدة المعايير سواء لجهة أيام العمل للموظفين وغيرها وغياب التفتيش المركزي عن البلديات كله يصب في خانة تراجع العمل البلدي».
وختم «كل ما تتقاضاه البلديات يذهب لإصلاح الآليات وكنس الطرقات والتي لا تكفي لأشهر»، سائلاً عن أموال الخليوي المستحقة للبلديات منذ عام 2019 والتي تكفي لسداد ديونها على الأقل».