تاتش” و”ألفا” أمام لجنة الإتصالات: نموّ في المداخيل وتراجُع في النفقات

كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن،

غاب النقاش في ملفات وزارة الإتصالات «الحامية» عن جدول أعمال لجنة الإتصالات النيابية في أوّل جلسة لها للعام الجاري، ليتقدم عليها العرض الذي قدمه المدراء التنفيذيون في كل من شركتي الإتصالات «تاتش» و»ألفا،» حول الأرقام المحققة عن سنة 2023، والتي أظهرت تحولاً في المؤشر المالي للشركتين من سلبي إلى إيجابي.

وعليه بدت الأجواء أكثر هدوءاً في اللجنة التي شهدت نقاشات حادة في الأشهر الماضية بالتزامن مع طرح ملفات البريد، «ستارلينك»، الإنترنت غير الشرعي، المحفظة الإلكترونية وخدمة الـA2P وغيرها… فخرج النواب أعضاء اللجنة بإنطباعات إيجابية أعرب عنها لـ»نداء الوطن» كل من النائبين جيمي جبور وسعيد الأسمر، خصوصاً بعدما بيّنت الأرقام المعروضة مداخيل صافية بالليرة اللبنانية تحققت لخزينة الدولة من الشركتين، بلغت قيمتها بالدولار نحو 240 مليوناً.

فتحدث جبور عن ثناء اللجنة على الجهود المبذولة في تخطي مرحلة الخسارات التي تسببت بها الأزمة المالية الأخيرة، والتي اعتبر أنها لا تسمح بمقارنة الأرقام المحققة مع تلك التي كانت تدخل الخزينة قبل الأزمة. في مقابل تأكيد الأسمر بأن «ما تحقق على صعيد الأداء المالي والتحاويل لخزينة الدولة كان جيداً، إنما لا يعني بأننا في أفضل الأحوال، وتبقى هناك أبواب لتحسينات إضافية مطلوبة، وإستثمارات ضرورية لتطوير الشبكة وتحسين تغطيتها، بما يؤمن نوعية أفضل للإتصالات يلمسها المواطنون مباشرة».

«نداء الوطن» سألت وزير الإتصالات جوني القرم الذي شارك في الاجتماع عن تفاصيل هذه الأرقام، فأوضح «أنه في حساباتنا كان يفترض أن لا تتخطى مداخيل الشركتين الـ400 مليون دولار، بعد تعديل الأسعار نسبة لما كانت عليه عام 2018، وكانت تقديراتنا بأن عدد المشتركين سينخفض، وكذلك حجم إستخدام الشبكة من قبل المشتركين، ولكن اتضح أنّ كلاهما إرتفعا. وبنتيجة ذلك إرتفعت مداخيل الشركتين إلى نحو 460 مليون دولار». كما لفت القرم إلى إرتفاع حصة الدولة من الخدمات ذات القيمة المضافة إلى 75 بالمئة بعدما كانت في الـ2018 نحو 25 بالمئة.

أما النفقات فيبدو أنها في إنخفاض ولو على حساب الإستثمارات وغيابها. إذ أوضح القرم أنّ «مصاريف الشركتين بلغت عام 2018 نحو 560 مليون دولار، وكنا نتجه في ميزانيتنا لتخفيضها إلى 256 مليوناً. إلا أنّ النفقات الفعلية عام 2023 بلغت 220 مليوناً، أي أننا حققنا وفراً أكبر من التوقعات، نتيجة لإجراءات متخذة وقرارات ساهمت بذلك، وأبرزها ما يتعلق بالمساحات المستأجرة من قبل الشركتين لتركيب المحطات والتي خفّضت إيجاراتها إلى ثلث حجمها الذي كان معتمداً سابقاً، علماً أنّ هناك نحو 500 محطة أغلقت نهائياً».

إلا أن جزءاً من عقود التأجير وفقاً لما كشفه النائب الأسمر سينتهي عام 2024 وجزءاً آخر عام 2025، وقد بدأ المؤجرون يفاوضون على رفع بدلاتها، الأمر الذي قد يرفع من الميزانية المطلوبة لإستئجار هذه المواقع في السنوات المقبلة، وبالتالي لفت النائب الأسمر إلى ضرورة أن تبدأ الشركتان بدراسة إمكانية تشاركهما المواقع نفسها، بما يخفف من أجرة هذه المواقع.

في المقابل تحدث القرم عن الإجراءات التي بدأ إتخاذها لتخفيض كلفة الطاقة في تأمين الخدمة، حيث لفت إلى أنه بموازاة الوفر الذي حققه عدم تقاضي الموظفين كامل مستحقاتهم بالدولار الطازج، إرتفعت كلفة توفير الطاقة من 11 بالمئة إلى 32 بالمئة من حجم النفقات، متحدثاً عن تجهيز 30 بالمئة من المحطات بالطاقة الشمسية.

إلا أن الشق الذي حقق وفراً غير مستحب بالنسبة للمشاركين في إجتماع لجنة الإتصالات يتعلق بتراجع المصاريف الإستثمارية، حيث طرح النقاش حول هذه الأرقام إشكالية الخدمة المقدمة من الشركتين ومؤشراتها التي اعتبر بعض النواب أنها في تراجع.

وفقاً للقرم كانت النفقات الإستثمارية مقدرة في ميزانية العام 2023 بنحو 80 مليون دولار، فلم تنفق الشركتان من أساس هذه الميزانية سوى 23 مليون دولار. وإذ لفت إلى صعوبة الإنفاق الإستثماري بظل حكومة تصريف أعمال، أمل أن تسمح سنة 2024 بإنفاق أكبر في الإستثمارات التي مضى على توقفها حتى الآن أربع سنوات، خصوصاً أن عمر الشبكة أصبح في نهايته وهي تحتاج إلى تطوير.

وفي هذا الإطار أيضاً أكد النائب الأسمر في حديثه لـ»نداء الوطن» على أهمية تحسين التغطية وخصوصاً في المناطق النائية، متحدثاً عن تحديات كبيرة تتمثل بالسرقات التي تتعرض لها بعض المواقع المجهزة بأبراج التغطية، حيث سجلت الشركتان في الشهر الماضي فقط نحو 41 سرقة. الأمر الذي بحثت لجنة الإتصالات أيضاً إمكانية تداركه من خلال تركيب بعض التجهيزات في مناطقة محمية أمنياً كالسرايا وثكنات الجيش، أقله لتمرير المرحلة الصعبة إقتصادياً.

بالمقابل أوضح القرم لـ «نداء الوطن» بأن التغطية حالياً تشمل 97 بالمئة من الأراضي، معيداً سوء الخدمة أحياناً للمشاكل الإستثمارية التي تعاني منها أوجيرو، ولا سيما بالنسبة لنقص مادة الفيول، والتي أمل حلها في سنة 2024 من خلال تأمين كمية 33 ألف طن من مادة المازوت الضرورية لتشغيل السنترالات، بالإضافة إلى تلقي أوجيرو هبة من الصين لتركيب الطاقة الشمسية.

في خلاصة الأمر وفقاً للقرم فإن «المداخيل التي تحققت لخزينة الدولة من الشركتين والتي بلغت نحو 240 مليون دولار، إنخفضت إلى ربع حجمها بالمقارنة مع سنوات ما قبل الازمة، فيما النفقات انخفضت بنسبة 50 بالمئة. وبالتالي فإن المقارنة بالنسب لا تعطي صورة واضحة عن المكاسب المحققة. ولكن ما يمكن قوله وفقاً لوزير الإتصالات «إنه حتى بظل الواقع الحالي، فإنّ تحاويل الشركتين لخزينة الدولة بلغت نحو 54 بالمئة، وهذا بالمقياس العالمي يعتبر مرتفعاً». وعليه يؤكد القرم أنه «لولا تعديل تعرفات الخدمات كنا متجهين إلى خسارات كبيرة، وكنا معرضين للإنهيار الشامل».

وعلى الهامش تطرق القرم إلى ميزانية أوجيرو التي توقع أن تصل إيراداتها لعام 2024 إلى حوالى 17500 مليار. فأشار إلى أنّ الوزارة طلبت بتخصيصها بمبلغ 12 ألف مليار ليرة من ضمن الموازنة العامة، تتضمن نحو 7000 مليار للصيانة والإستثمار و5000 مليار للرواتب. إنما وزارة المالية حددت ميزانية أوجيرو في مشروع الموازنة العامة الذي أرسل إلى مجلس النواب بـ 5600 مليار لا غير. وهذا ما اعتبره القرم جريمة بحق القطاع.

Exit mobile version