كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
يستكمل المنخفض الجوي “حيان” ما بدأته شقيقته “دانييلا”، وقد حلّا برداً وصقيعاً على البقاعيين، حاملين معهما أمطاراً وثلوجاً هي الأولى من حيث الغزارة والكميات منذ بدء فصل الشتاء، وبدأ “حيان” يحكم منذ صباح الثلثاء بقبضته على القرى والبلدات التي يزيد ارتفاعها عن 1200 متر.
بين النعمة والنقمة، حلّ “حيان” ضيفاً عزيزاً وثقيلاً على البقاعيين في آنٍ معاً، حيث بدأت تباشير الثلوج تتساقط منذ ساعات الصباح الباكر على ارتفاع منخفض لم يسبق أن شهدته تلك المناطق هذا العام، مكلّلاً أعالي الجبال بالجنرال الأبيض الذي يستبشر معه أهالي المنطقة بالخيرات وعودة المياه إلى مجاريها ووفرة في المحاصيل الزراعية، في وقتٍ أثقل كاهل عدد كبير من المواطنين الذين يعانون وضعاً اقتصادياً صعباً، حيث تهافتوا على شراء مادة المازوت، كلٌ حسب قدرته، وتصل في معظم الأوقات إلى بعض الليترات، فيما عمل البعض الآخر على شراء الحطب، كذلك عمدوا إلى شراء المواد الغذائية الضرورية قبل أن تقفل المحال والأفران أبوابها خلال الساعات المقبلة المترافقة مع سوء الأحوال الجوية، وسط تحذيرات من اشتداد المنخفض حتى يوم الخميس.
وقد وصلت سماكة الثلوج في مدينة بعلبك إلى 5 سنتيمترات وسط تدنّي درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، وأقفلت المدارس أبوابها تحسُّباً، فيما وصلت في قرى السلسلة الشرقية إلى ما فوق 20 سنتيمتراً كبلدات حام، معربون، الخريبة، النبي اسباط، وعرسال، وقطعت الطريق التي تصل بلدة طفيل بالبقاع، وناشد أهلها وزارة الأشغال لفتحها خوفاً من تدهور حالات كبار السنّ الصحية ما يستدعي نقلهم إلى مستشفيات المنطقة. كذلك تقطّعت أوصال بلدات اليمونة، دار الواسعة، برقا، عيناتا، بشوات، وفتحها مواطنون بسياراتهم لدى ممارستهم هواية القيادة على الثلج من دون انتظار آليات البلديات ووزارة الأشغال.
وفي وقتٍ كانت فيه كميات الثلوج في تلك المناطق وفق المقبول، وفتحت الطّرق منذ ساعات الصباح، تستعدّ بلديات بعلبك الهرمل واتحاداتها لتطوّر المنخفض الجوي، ويتوقّع أن يحمل معه كمّيات ثلوج كبيرة، فبدأت تجهيز الجرّافات وصيانتها، وتأمين مادة المازوت لتشغيلها رغم العجز الذي تعانيه، وعملت بعض أحزاب المنطقة على دعم عدد منها بالمحروقات اللازمة، وتتكل أخرى على الاستدانة من محطات المحروقات لتسهيل عملها، وتأمين الطرقات للمواطنين. كذلك استنفرت آليات وزارة الأشغال معلنةً جهوزيتها لمواكبة العاصفة.
أمّا مخيّمات النازحين السوريين في عرسال والتي يزيد ارتفاعها عن 1700 متر عن سطح البحر وكذلك في عدد من المناطق، فقد غطّت الثلوج الخيم المصنوعة من “الخيش” و”الخشب”، وغمرت بعضها، وتسبّبت في تخريب البعض الآخر، وقطعت الطرقات المؤدية إليها ومنها إلى وسط البلدة لشراء المازوت والخبز. كذلك تحوّلت بعض الخيم مستنقعات فاض فيها منسوب المياه، وخصوصاً تلك التي تقع على جانبي الطرقات. وتفادياً للصقيع ابتكر بعضهم براميل حديدية يضعون الأخشاب داخلها ويشعلونها داخل الخيم لعلّها تقيهم برد “حيان”، رغم ما يحمل ذلك من أمراض وحالات اختناق خصوصاً للأطفال.