ترميم البيت السياسي الحريري… واستحقاق 2026

كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:

لا تشبه عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت في الذكرى التاسعة عشرة لاغتيال والده، عودته في العام الاول بعد اعلان تعليق عمله السياسي. في ذكرى  14 شباط عام 2023، حضر الى لبنان بهدوء، مكث أياما قليلة، زار الضريح، عقد لقاءات قليلة قبل ان يستقّل طائرته عائدا ادراجه الى أبو ظبي، مقر اقامته الدائم بعد المغادرة.

اليوم، اختلف المشهد. تحركت عجلات “المستقبل” سياسيا وشعبياً، قبل وصوله وبعدها. دعوات على المنابر وفي الشارع لبقائه، لافتات وصور مرحبة. مسيرات سيارة تجول في طريق الجديدة وبعض شوارع العاصمة ومعظم اقضية الثقل السني من البقاع الى الشمال والجنوب، ترفع شعار “تعوا ننزل تا يرجع”، تتقدمها دراجات نارية حاملة أعلام تيار “المستقبل” وصور سعد ورفيق الحريري، أناشيد من وحي المناسبة وهتافات مؤيدة ومرحبة بالعودة ودعوات مكثفة للمشاركة في احياء الذكرى في ساحة الشهداء. فاعليات سنّية تدعوه الى البقاء للمّ الشارع السنيّ المُشرذم والمُيّتم منذ تركه.

بغض النظر عما اذا كان الحراك الشعبي عفويا او منظماً، مع ترجيح الخيار الثاني، تقول مصادر سياسية لـ”المركزية” ان صلاحية تعليق العمل السياسي لتيار المستقبل اقتربت من ان تنتهي بفعل مجموعة عوامل، تتصدرها اولا عملية طوفان الاقصى التي لم تكن مدرجة في الحسابات “المستقبلية”، وما أفضت اليه من نتائج لا بدّ ان تفرض تسوية في المنطقة ستنسحب حكماً على لبنان وربما على اعادة تكوين السلطة فيه. ثانيا قرب الاستحقاق الانتخابي النيابي في العام 2026 بما يوجب من تهيئة الارضية الشعبية والسياسية، واخيراً، استمرار الفراغ في القيادة السنيّة وقد اظهر العامان ما بعد تعليق العمل السياسي ان احدا لم يتمكن من ان يتزعم الشارع السني على غرار الحالة الحريرية، وتبعا لذلك لا بد من العودة عن قرار التعليق والعودة الى المسرح السياسي تدريجياً، بغض النظر عن الموقف السعودي، وما اذا كان تبدّل ام يبقى على حاله، علما ان ثمة مؤشرات ستظهر للدلالة الى طبيعة هذا الموقف لعلّ ابرزها مشاركة السفير السعودي وليد البخاري في ذكرى 14 شباط او زيارته بيت الوسط وكيفية التعامل مع الحدث.

ترميم البيت السياسي الحريري، بحسب المصادر، يوجب المشاركة في انتخابات 2026. شأن لا يمكن ادارته من الخارج انما من داخل لبنان وبالقرب من القاعدة الشعبية تحديداً،خصوصا اذا ما افضت التسوية الدولية الدبلوماسية الى مشهد لبناني جديد قد يحتاج الى رئيس حكومة يمثل الاعتددال الذي تريده المملكة العربية السعودية الماضية بسرعة جنونية نحو الانفتاح وسياسة تصفير المشاكل في المنطقة. آنذاك يكون الحريري جاهزا ولسان حاله “انا هنا ، وانا الوحيد القادر على ربط الاقضية السنيّة ببعضها ، انا السني المعتدل بعمقي العربي والخليجي والا خلاف ذلك ، خياركم المُتاح هو سنّة التشدد والانعزال، سنّة ابو عبيدة وحركة حماس”.

يمكن للحريري العودة الى الحياة السياسية اللبنانية بقرار ذاتي، تردف المصادر، الا انه على يقين ان العودة الى السراي الحكومي تحديدا مفتاحها في الجيب السعودي، وهو على الارجح يريد هذا الباب، لا باب المعارضة السياسية الداخلية الضيق الذي لا يكفي حكماً  لتكليفه رئاسة الحكومة. لذا، وإن كان راغباً عن حق باستئناف العمل السياسي مع تسوية جديدة وطاقم عمل سياسي جديد قد تفرزه التسوية الاقليمية، فماذا افضل من محطة 14 شباط لاقتناصها والدخول الى المشهد مجددا تمهيدا للانتخابات النيابية ورئاسة الحكومة؟ وتضيف متسائلة ماذا يجني الرئيس الحريري من استمرار تعليق عمله السياسي  وتياره سوى الخيبات وأفول نجم الحريرية السياسية بعد كل التضحيات التي بذلتها العائلة للبنان منذ دخول والده الشهيد المعترك السياسي مرورا باغتياله حتى اليوم؟

الجواب ملك الحريري نفسه، ويوم 14 شباط لا بد سيحمل الخبر اليقين على مستوى العودة او عدمها، والرضى السعودي او استمرار الحَرَد وتحمّل لبنان تبعات رئاسة حكومة  ترهن قرار الدولة وقضاياها الوجودية لحزب الله  على غرار ما يجري راهنا، او تقوده نحو الانعزال والتشدد ولغة الحديد والنار لا اكثر.

 

Exit mobile version