كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
طالت الحرب الدائرة في جنوب لبنان البقاع الشمالي، وشكلّ الإستهداف الإسرائيلي للعمق اللبناني في بعلبك تحديداً تحوّلاً في منحى الحرب التي بدأت طلائع توسّعها تلوح في الأفق، ليشكّل إعتداء أمس سابقة منذ عدوان تموز عام 2006.
من خارج التوقّعات جاء العدوان الإسرائيلي على محيط مدينة بعلبك في البقاع الشمالي، المحافظة التي تعتبر خزان المقاومة البشري، وقد تلقّت ضربات قاسية خلال حرب الثلاثة وثلاثين يوماً عام 2006، ليعيد المشهد الى أذهان البقاعيين شريط الأحداث القاسية التي مرّت، فدبّ الذعر والهلع في صفوف المواطنين فور سماع أصوات الضربات الجوية التي نفّذها الطيران الحربي الإسرائيلي، وتصاعدت سحب الدخان في السماء، وتناقل الناس الأخبار حول مكان الإستهداف والخسائر.
وفي التفاصيل، نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي قرابة الساعة الحادية عشرة والدقيقة الخامسة والعشرين غارتين بالصواريخ استهدفت إحداها مستودعاً لـ»حزب الله» في بلدة عدوس غرب بعلبك يضم موادّ غذائية تباع في صالات «السجاد» التي أقامها «الحزب» على امتداد المناطق اللبنانية، والثانية مبنى غير مسكون، ما أسفر عن سقوط ضحيتين وجرح ثلاثة بينهم جندي في الجيش اللبناني وابنه الذي لم يكمل عامه الرابع، كانا على شرفة منزلهما الذي لا يبعد سوى أمتار عن المستودع.
وفي حين غطت سحب الدخان الأسود سماء المنطقة، نظراً لحجم الخسائر وقوة الضربة الإسرائيلية التي ساوت الحجر بالأرض، وتناثر الركام إلى المحيط ما أدّى الى تصدّع الأبنية المجاورة وتساقط الزجاج في عدد منها، بدأت سيارات الإسعاف التابعة لـ»الهيئة الصحّية الإسلامية» و»جمعية الرسالة» والدفاع المدني بالتوجه الى المكان، كذلك عمل الجيش اللبناني على قطع الطريق المؤدّية الى بلدتي عدوس وتل صفية ومنع أحداً من الإقتراب حرصاً على السلامة، وإفساحاً في المجال لوصول المسعفين. وفيما نقل الرقيب في الجيش اللبناني علي سالم وابنه إلى مستشفى «دار الأمل» الجامعي لتلقي العلاج، نعى «حزب الله» عنصرين من عناصره سقطا خلال الغارة، وهما حسن يونس من بلدة بريتال، وأحمد سنديان من بلدة علي النهري.
وترافق الإستهداف مع حالٍ من الخوف والهلع انتاب المواطنين الذين فضّل العديد منهم مغادرة السوق التجارية، فيما التزم الكثيرون منازلهم، وخلت الشوارع من المارة، وتمّ الإبتعاد عن الأماكن التي يمكن أن يشكل استهدافها خطراً على الناس.