كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
تعبّد المشكلات الناتجة من النزوح السوري في مختلف المناطق اللبنانية، الطريق أمام البحث جدّياً في العودة، وقد فتحت على مصراعيها منذ مدّة ليست ببعيدة، ومن المتوقعّ أن تنطلق قوافل منها الثلاثاء، فيما يستدعي بعض المشكلات الحلّ سريعاً قبل تفاقمه، كما هو الحال في عرسال.
تزنّر مخيمات السوريين بلدة عرسال من كل جهاتها، ويزيد عدد النازحين فيها على 70 ألفاً، ما يوازي ضعفي عدد العراسلة، حيث كانت البلدة وجهة أهالي القصير في ريف حمص والقلمون الشرقي، الهاربين من نيران المعارك التي كانت دائرة في حينها. ومع هدوء الجبهة وانتهاء الحرب، لا يزال هؤلاء يقبعون في عرسال رغم هدوء المناطق التي هربوا منها، حيث تخضع القصير وحمص لسيطرة «حزب الله»، فيما يتشارك الأخير مع النظام السوري أمن القلمون. وعليه، لم تبقَ أي مبرّراتٍ لمنع عودتهم الى بلداتهم إذا قرّر «الحزب» عودتهم والتخفيف عن عرسال عبء النزوح ومشكلات النازحين، وقد صار له فيها نائبٌ سني، يسأل أبناء بلدته عن دوره في هذا الملفّ، وإذا كان بإمكانه تسخير علاقته مع «الحزب» لعودة النازحين في عرسال الى ديارهم الآمنة.
أكثر من عشرة أيام ومياه الصرف الصحّي تسيل في شوارع عرسال وحول المخيمات، بعدما خفّفت المنظمات والجهات المانحة القيمة المالية التي حدّدتها لشفط «جُوَر» الصرف الصحّي ضمن المخيمات إلى ما دون الثلث، ما أدّى إلى فيضانها نظراً لعدم قدرتها الاستيعابية ربطاً بأعداد النازحين الهائلة. وبعدما كانت آلات الشفط تقوم بعملها وفق ما هو محدّد لها كالمعتاد، تفاجأ أهالي عرسال والنازحون معاً بالقرار من دون سابق إنذار، في وقتٍ كانت فيه تلك المنظمات والجمعيات الدولية والمحلية تلعب دوراً في الإغراءات والتقديمات المالية والعينية للسوريين منعاً لعودتهم، وتشترط عليهم البقاء في لبنان للحصول عليها، وفي حال مغادرتهم يخسرونها.
لم يصل الإجتماع الذي عقد عصر الخميس في بلدية عرسال مع الجمعيات التي قلّصت خدماتها في المخيمات الى حل، والجواب أنّ النسبة التي تقرّر اعتمادها في ما يخصّ الصرف الصحّي ستبقى كما هي، ولا حلول لدى تلك الجمعيات في المستقبل القريب، وهو الأمر غير المبرّر وفق ما يقول مشاركون في الإجتماع.
ويشير هؤلاء إلى «أنّ أكثر من 150 حالة مرضية بين تيفوئيد وجدري وأمراض جلدية سجلت خلال الأيام الماضية في البلدة في صفوف النازحين وأهالي عرسال، ناهيك عن الروائح الكريهة والمستنقعات التي تنتشر على الطرقات». ويضيفون «أن أهالي عرسال مع عودة السوريين إلى بلدهم اليوم قبل غد، والخوف يبقى من مشاكل لا تُحمد عقباها، فالأمور بدأت تخرج عن السيطرة، وكلام الوزير عصام شرف الدين عن 20 ألف مسلّح في المخيمات، يخيف أهالي عرسال لجهة إلباسهم لباساً أمنياً عانوا منه سنوات، كون البلدة تضمّ أكبر عدد من المخيمات، سبق لها أن خاضت معارك أمنية وخرج منها مطلوبون».