استقبل الاف المصلين من زحلة والبقاع ولبنان ذخائر القديسة ريتا التي أحضرها المهندس اسعد نكد من الدير حيث رفاة القديسة ريتا في منطقة كاسيا في ايطاليا، لتوضع بشكل دائم في الكابيلا التي شيدها نكد الى جانب مقام السيدة العذراء في زحلة منذ ١٧عاماً.
وللمناسبة رأس مطران زحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك ابراهيم ابراهيم قداسا احتفاليا لمناسبة عيد القديسة ريتا في مقام سيدة زحلة والبقاع، في حضور الاساقفة جوزف معوض وانطونيوس الصوري وبولس سفر والوزير السابق ايلي ماروني و لفيف من الكهنة و رؤوساء الاديرة وحشد من الفاعليات البلدية والاختيارية والجمعيات الروحية في زحلة والبقاع .
عظة المطران ابراهيم
نلتقي اليوم بمناسبة عيد القديسة ريتا، شفيعة الأمور المستحيلة وذلك بعد أيام من أحد العنصرة، الذي فيه نعيّد لحلول الروح القدس على التلاميذ وهم مجتمعون في العلية مع مريم أم الرب. هذا العيد يحمل للعالم قوة الروح وتجديد القداسة في قلوب المؤمنين التائبين المتواضعين فتؤهلهم لأن يكونوا مسكنا للثالوث الأقدس. بين الروح القدس وريتا حكاية نبع أروى روحاً أخصبت قداسة. الروح القدس كما تعلمنا صلواتُنا الليترجية، يُفيضُ النبوءة، يكمِّل الكهنوت وقد علم الأميين الحكمة، وأظهر الصيادين متكلمين باللاهوت. نحن الأساقفة والكهنة لا نساوي شيئا إذا لم يسكن فينا روح الله. وأقول أكثر من ذلك، نحنُ المسيحيين لا نساوي شيئاً إذا لم يُرسل لنا الله روحَهُ الكلي قُدسُه. من دون الروح القدس لم تكن القديسة ريتا لتساويَ شيئاً في ميزان القداسة. فريتا التي كانت محاطةً بالحقد والكراهية، صارت بالروح القدس غصناً يابساً أورق الحياة كرمةً لا تجف. هكذا نحنُ المسيحيين إذا لم يسكننا الروح، تسكُنُنا قوىً أُخرى وغايات أخرى ونهدم ذواتِنا بذواتنا وننقسمُ فننكسرُ وتنكسرُ معنا العائلة وينكسرُ الوطن.
ريتا تبني وتُزهر، ريتا تتقدسُ وتنشرُ عِطرَ القداسة في كافة أنحاء الأرض. في ريتا تنفس الروحُ القدس وعمل، جذبها وثبّتها وحفظها له، قلبا نقيا وروحا مُقَدسةً وجسداً طاهرا. هل تريدون أنتم حُجّاجُ ريتا في هذ الليلة أن تكونوا ريتيين، أي مثلُ ريتا؟؟؟ نعم تستطيعون ذلك، ومنكم من هو كذلك.
فكل ما كان من صفات في ريتا هو من الروح القدس: نورٌ وحياة وينبوعٌ حي عقليّ، صلاحٌ واستقامة ورُشدٌ وطهارة، نارٌ صادرةٌ من نار، ومقدرةٌ منبثقةٌ من قادرٍ على صنع المستحيلات.
القديسة ريتا انتصرت على ذاتِها قبلَ كل شيء، غلبتِ المستحيل َ الذي فيها، فأشرقت من صغيرات القرى الايطالية في Rocca Porena على مساحة الكون بأجمعه. لا يمكن أن نبقى في سجنِ الصِغَر إذا كبُرنا بالتغلب على الحياة المُفعمة بالتحديات والصعوبات.
ريتا كبُرت لأنها لم تمشِ مع المألوف ولم تساوم على الحق والخير، وذلك، بفضل إيمانها العميق وثقتها بالله، فاستطاعت تحقيق أمور تبدو مستحيلة. إن روح القديسة ريتا تمثل لنا أنموذجًا حيًا للقوة الإلهية التي يمكن أن تحقق فينا المستحيل. هذا هو ما نحتفل به في عيد العنصرة – قوةُ الروح القدس التي تحل على المؤمنين وتجعلهم قادرين على مواجهة أي تحدٍّ. ريتا أيها الأحباء هي أبنة العُلية العنصَرية، وهكذا تُريدُنا أن نكون.
في هذه المناسبة، لا يسعنا إلا أن نُثني على دور المهندس أسعد نكد، الذي دعانا إلى هذا العيد. إنَهُ مُديرُ عام شركة كهرباء زحلة. آمن بقدرة ريتا على قهرِ المستحيلات. تأمل بها فصار إلى ما تأمل. كان يبدو مستحيلاً أن تنعم مدينةٌ أو مِنطَقةٌ بالكهرباء على مدار الساعة. وحدُه المؤمن، ابنُ ريتا، طوّع ما بدا مستحيلاً، فكانت شركةُ كهرباء زحلة التي تبدو كمعجزة في لبنان، حيث تؤمن الطاقة في زحلة والجوار، دون انقطاعٍ، ليلَ نهار. في بلد يعاني من كثرة الطائفيين وقِلة المؤمنين، كما وصفنا جبران خليل جبران، تُعتبر هذه الشركة أنموذجًا حيًا لكيفية تحويل المستحيل إلى ممكن، تمامًا كما فعلت القديسة ريتا في حياتها.
أيها الأحباء، دعونا في الختام أن نتعلم من القديسة ريتا كيف نواجه التحديات بالإيمان والصبر، وكيف نستمد من عيد العنصرة قوة الروح التي نحتاجها. وليمنح الرب الإله وطننا لبنان، بشفاعة أمنا العذراء مريم، سيدة زحلة والبقاع ونحنُ منحنون على أقدامها، وبشفاعة القديسة ريتا التي تسكن مُقامها الزحلي والبقاعي، أناسا مؤمنين بقوة الله التي تغلُبُ المستحيلات كي ينعم لبنان بالخير والأمان وكرامة الانسان.
كل عيد وأنتم بألف خير!
نطلب من القديسة ريتا أن تشفع لنا، وأن تحل علينا روح العنصرة بقوة متجددة، لنجعل من حياتنا شهادات حية لإيماننا بالله القادر على كل شيء.
آمين.